حسب أرقام البنك الدولي فإن اقتصاد تركيا نما كما يلي خلال الأعوام الماضية.

8.49%	2010
11.11%	2011
4.79%	2012
8.49%	2013
5.17%	2014
6.09%	2015
3.18%	2016
7.42%	2017

لو سألنا فيصل القاسم وحمد بن خليفة عن سبب هذه الأرقام فسوف يجيباننا بأن أردوغان هو “معجزة اقتصادية”، ولكن الحقيقة طبعا هي ليست كذلك. أردوغان هو أبله في الاقتصاد، وبلاهته هي السبب الذي أوصل تركيا إلى حفرتها الحالية في عام 2018.

نمو الاقتصاد التركي في السنوات الماضية يعود في قسم منه إلى السياسة الاستعمارية التي مارستها تركيا في المنطقة العربية عبر ذراعها حمد بن خليفة. قبل ربيع حمد بن خليفة (الربيع العربي) كانت سورية تنافس تركيا في التصدير إلى العراق وكانت تستقطب سياحا ومساعدات أوروبية وأممية. عندما حصل ربيع حمد بن خليفة في عام 2011 استغله الأتراك وحمد لتدمير سورية. في النتيجة سورية لم تعد تصدر شيئا وإنما باتت تستورد كل شيء من تركيا. السياح والمساعدات الأوروبية والدولية التي كانت تأتي إلى سورية صارت تذهب كلها إلى تركيا. أنا لم أحتسب قيمة الأرباح التي حققتها تركيا من الكارثة السورية ولكن لا بد أن القيمة الإجمالية لهذه الأرباح تصل إلى مئات مليارات الدولارات. نحن لا نتحدث عن أرقام بسيطة وإنما عن أرقام مهمة لا بد أنها لعبت دورا في النمو المتضخم للاقتصاد التركي.

بشار هو الذي دمر سورية وأفنى شعبها ومسح تراثها وهو وحده يتحمل المسؤولية عن كل ما حصل، ولكن بشار في العمق لم يكن سوى أداة استغلتها أنقرة لتنفيذ مخطط استعماري واضح. بشار ما كان سيبقى إلى الآن لولا مظلة الحماية التي وفرتها له أنقرة، ليس حبا فيه وإنما بهدف تدمير سورية واحتلال أراضيها.

إلى جانب السياسة الاستعمارية يجب الانتباه إلى مسألة مهمة يغفل عنها البعض وهي كثرة نفوس تركيا. عدد سكان تركيا في عام 2016 كان 79.51 مليونا. هذا رقم ضخم. حجم الاقتصاد التركي هو ضئيل بالنسبة إلى عدد السكان. نسبة الناتج الإجمالي إلى عدد السكان في تركيا في عام 2017 كانت 10,540 دولارا. هذا رقم ضئيل بالمقارنة مع الدول الأوروبية (الرقم المماثل في اليونان هو 18,613 دولار، وفي إيطاليا 31,952 دولار، وفي إسبانيا 28,156 دولار). سبب ضآلة الاقتصاد التركي بالنسبة إلى عدد السكان هو أن تركيا كانت محكومة تاريخيا بالإديولوجية “الكمالية”، التي هي إديولوجيا مكونة من عدة عناصر كلها مثبطة للنمو الاقتصادي (الإديولوجيا الكمالية باختصار هي مزيج من الفاشية والاشتراكية والانغلاق الفكري والجهل). أردوغان أزال جانبا واحدا من جوانب الفكر الكمالي هو الجانب الاشتراكي، ولهذا تسارع نمو الاقتصاد التركي في عهده. هذا التسارع هو شيء طبيعي ولا يدل على أن أردوغان هو فالح في الاقتصاد، ناهيك عن أن يكون “معجزة اقتصادية” كما زعم الدجال حمد. لو كان أردوغان يفهم فعلا في الاقتصاد لكان نفذ إصلاحات عميقة وجدية على غرار رؤية محمد بن سلمان ولما اكتفى بالإجراءات السطحية التي قام بها. إصلاحات أردوغان السطحية لم تحدث نموا مستداما وإنما مجرد فورة مؤقتة. تلك الفورة وصلت الآن إلى نهايتها.

من المضحك أن حمد ذهب مؤخرا إلى أنقرة لكي “يضخ المال” في الاقتصاد التركي بهدف إنقاذه من التداعي. ما هي هذه “المعجزة الاقتصادية” التي تحتاج لضخ أموال من صعلوك مثل حمد.

إذا تجاهلنا الجانب الاستعماري والنمو المسروق من سورية فإن قصة تركيا تشبه قصة الصين. النمو الكبير في الصين خلال العقود الماضية يعود أساسا إلى ضخامة عدد سكان الصين.

حجم الاقتصاد هو مرتبط بحجم السكان. هذه مسألة بديهية تحدثنا عنها في مقالات سابقة. السكان هم الأيدي العاملة وهم المستهلكون. إذا ازداد حجم السكان فمن الطبيعي أن حجم الاقتصاد سوف يزداد.

الحكومات لا تصنع النمو الاقتصادي. النمو سوف يحصل تلقائيا حتى في غياب أية حكومة. هذا النمو الطبيعي أو الرباني يعتمد على عدة عوامل أحدها هو عدد السكان. سياسات الحكومة يمكن أن تحفز النمو أو أن تثبطه. إذا كانت هناك حكومة ذات سياسات اشتراكية مثبطة للنمو فإن إزالة تلك الحكومة سوف تحفز النمو. هذا هو ما حصل في تركيا.

باختصار، أسباب النمو الكبير للاقتصاد التركي هي ضخامة عدد نفوس تركيا وحمد بن خليفة.