من الملفت أن الأميركيين كشفوا المعلومات السرية حول محرقة سجن صيدنايا عشية محادثات جنيف.

هذه المعلومات ليست جديدة. هي كانت بحوزة المخابرات الأميركية منذ زمن طويل، ولكنهم قرروا الكشف عنها الآن عشية محادثات جنيف التي تتلو صفقة أستانة الأخيرة.

من المحتمل أن المخابرات الأميركية تملك معلومات عن أن أردوغان ينوي أن يضغط على معارضة الائتلاف لكي تقبل في جنيف بصفقة أستانا الأخيرة، وهذا هو السبب الذي دفع المخابرات الأميركية لكشف المعلومات السرية بهدف دعم موقف معارضة الائتلاف الرافض للصفقة والمطالب بالتخلص من بشار الأسد.

يجب الانتباه أيضا إلى أن هناك موجة من التصريحات الأميركية القوية ضد بشار الأسد في هذه الأيام. هذه التصريحات هي أيضا مرتبطة بصفقة أستانا ومحادثات جنيف.

يبدو أن الأميركيين يعملون الآن على تقويض صفقة أستانا. في نفس الوقت هم يستعدون لفتح جبهة جديدة ضد داعش في دير الزور (هذا المقال لموقع دبكا يؤكد أن قوات أميركية وبريطانية وأردنية قد دخلت الأراضي السورية بالقرب من معبر التنف).

بوتن قال علنا أنه ضد تسليح الأكراد السوريين. هو مضى أبعد من ذلك ولمح إلى إمكانية حصول اشتباك عسكري بينه وبين من يسميهم بالأكراد (هو على الأغلب يقصد قسد بشكل عام وليس الأكراد حصرا):

https://www.zamanalwsl.net/news/78752.html

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اليوم الاثنين إن موسكو لا ترى ضرورة لتزويد الأكراد السوريين بالسلاح لكنها ستواصل اتصالاتها معهم.

وأضاف بوتين الذي كان يتحدث في بكين “على عكس دول أخرى لا نعلن عن أي شحنات أسلحة للكيانات الكردية”. وتابع “لا نعتقد أننا بحاجة لبدء هذا”.

وقال إن مشاركة الأكراد في المعركة ضد تنظيم الدولة تعني أن من المنطقي مواصلة الاتصالات معهم “حتى لو لمجرد تجنب وقوع اشتباكات بطريق الخطأ.”

الروس ضربوا قسد في السابق وزعموا أن ذلك كان بالخطأ. بوتن يهدد بالمزيد من تلك الأخطاء.

كما قلنا سابقا: أقوى ورقة بيد بوتن هي أردوغان. بوتن يولي أهمية كبيرة للموقف التركي وهو يراهن أساسا على تركيا لإفشال التدخل الأميركي في سورية. الأميركان اتخذوا سلسلة من الخطوات بهدف تيئيس بوتن وإفهامه بأن رهانه على تركيا هو رهان خاسر. إحدى تلك الخطوات هي الإعلان الأميركي الأخير عن تسليح الأكراد.

الأميركان لا يريدون الصدام مع بوتن. هم يريدون منه التنازل والقبول بصفقة تنهي بشار الأسد. لو قبل بوتن بذلك فسوف يقول العالم أن أميركا ربحت في سورية وسوف تتبدد الأحاديث والنظريات التي تزعم أن أميركا انكفأت وأن روسيا حلت محلها.

ماذا لو رفض بوتن التنازل؟ أنا شخصيا لا أظن أنه سيتنازل. نحن نرى أنه بدأ منذ الآن بالعمل على تقسيم سورية. لو ضاق الخناق على بشار الأسد فسوف يأخذه بوتن إلى قاعدة حميميم وسوف يستغله لتبرير مشروع تقسيمي. هو سيحرض العلويين على الانفصال ومعاداة الحكومة السورية الجديدة. بوتن له تاريخ حافل في هذا المجال (هو نفذ هذا السيناريو التقسيمي في جورجيا وأوكرانيا).

على كل حال، حتى لو قام بوتن بتأسيس دويلة انفصالية في الساحل فإن تلك الدويلة لن تمر في مجلس الأمن لأن الأميركان لن يقبلوا بذلك. أردوغان سيضغط على الأميركان لتمرير التقسيم لأن أردوغان نفسه له أطماع في الأراضي السورية وهو أول من بدأ بتطبيق التقسيم في الواقع. نخشى أيضا أن بعض الأوروبيين سيضغطون لشرعنة الدويلة الانفصالية التي سيؤسسها بوتن في الساحل بدعوى التصالح مع روسيا. ولكن ما نراه حاليا هو أن أميركا لا تتأثر بالضغوط التركية والأوروبية. حتى آل سعود بالمناسبة كان يضغطون على أميركا لتخذيلها خلال الفترة الماضية. محمد بن سلمان أراد الاستسلام لروسيا في سورية متذرعا بموقف أردوغان. ولكن الأميركيين تجاهلوه مثلما تجاهلوا غيره.