ما هو سبب الخلاف الحالي بين أردوغان وبشار؟

في الأيام الأخيرة ظهرت مؤشرات تدل على وجود مشكلة جديدة بين تركيا وبشار.

الروس يهولون من شأن هجوم “الدرون” الذي استهدف مطار حميميم ويزعمون أن هناك دولة تقف وراءه. إذا صدقنا هذا الكلام فإن المتهم الوحيد هو تركيا. لا توجد دولة أخرى يمكن أن تكون وراء الهجوم (اتهام الروس لأميركا هو مجرد زعبرة).

الأهم من تلك القصة الغامضة هو القصة الجديدة التي ظهرت اليوم:

هذا الرجل المدعو Charles Lister يقول أن تركيا استأنفت تزويد فصائل المعارضة في إدلب بالسلاح، وهو يسرد قائمة بأنواع السلاح الذي أرسلته تركيا إلى الفصائل (والذي يبدو أنه استخدم اليوم في هجوم ضد شبيحة بشار). هذا الرجل يتعامل مع المخابرات التركية (ومع فصائل المعارضة السورية التابعة للمخابرات التركية) ولا بد أن هذه المعلومات التي ينشرها وصلته من المخابرات التركية.

خلال الأيام والأسابيع الماضية كان هناك احتجاج وصراخ تركي ضد بشار وصل إلى حد أن أردوغان وصف بشار بالإرهابي. أيضا سمعنا أن أردوغان اتصل ببوتن وإيران وأبلغهما احتجاجه على بشار.

مثل هذا الصراخ التركي ضد بشار هو بحد ذاته لا يعني شيئا. ولكن الملفت هو الأمور العملية التي نراها، وأهمها القصة التي نشرها Lister اليوم (من الوارد أن غيره نشروها أيضا ولكنني رأيتها عنده).

يجب الانتباه أيضا إلى أن فصائل المعارضة التابعة لتركيا قاطعت مؤتمر سوتشي على غير عادتها، ما يدل على أن تركيا لم تضغط عليها لكي تذهب إلى المؤتمر.

بالتالي يبدو أن هناك مشكلة حقيقية بين أردوغان وبشار، ولكن ما هو سبب المشكلة؟

مثل هذه المشاكل تكررت كثيرا بين أردوغان وبشار منذ عام 2011. في كل مرة هناك سبب مختلف، ولكن في الأشهر الأخيرة كانت المشاكل عبارة عن نزاعات حدودية (تتعلق بتحديد المناطق التي يحتلها كل طرف في شمال سورية).

دعاية المخابرات التركية تزعم أن الأتراك يريدون احتلال عفرين، ولكن هذا طبعا مجرد كلام فارغ (يروجونه للضحك على عقول من لا زال يصدقهم من السوريين). إن كان الأتراك يريدون احتلال منطقة جديدة فلا بد أنها القسم الشمالي من محافظة إدلب، لأنهم يستطيعون أن يحتلوا هذه المنطقة بخلاف عفرين التي يستحيل عليهم احتلالها لاعتبارات متعددة. الأتراك في الحقيقة سبق أن سربوا ذلك عبر الصحفي “إبراهيم حميدي” الذي نشرت له جريدة الشرق الأوسط مقالا ورد فيه أن تركيا وبشار سوف يتقاسمان محافظة إدلب بحيث تسيطر تركيا على المناطق الواقعة شمال طريق حلب-اللاذقية ويسيطر بشار على المناطق الواقعة جنوب الطريق. في ذلك الوقت أنا علقت على المقال بأنه مجرد أمانٍ تركية واستبعدت وجود الاتفاق في الواقع لأن بشار لن يقبل به. بشار قبل بصفقة “درع الفرات” لأنها منعت وصول الأميركيين إلى حلب. ما هو السبب الذي سيجعله يقبل بصفقة مماثلة في إدلب؟ لا يوجد أي سبب.

ما حصل بعد ذلك أكد صحة وجهة نظري. الاتفاق الذي زعم الأتراك وجوده هو غير موجود، وهذا على الأغلب هو سبب غضبتهم التي نراها الآن.

أنا لا أعلم ما يقوله الأتراك في السر ولكنني أتخيل أنهم يقولون ما يلي للروس والإيرانيين: إذا احتل بشار محافظة إدلب بأكملها فسوف ينزح عدد ضخم من السوريين إلى تركيا. هذا أمر غير مقبول بالنسبة لنا ولا بد لنا من احتلال شمال محافظة إدلب لمنع نزوح السوريين.

الأتراك يريدون من الروس والإيرانيين الضغط على بشار لإرغامه على القبول بالصفقة التي نشرها إبراهيم حميدي، ولكن ما ينطبق على بشار ينطبق أيضا على الروس والإيرانيين: لا يوجد سبب يجعلهم يمنحون تركيا مزيدا من الأراضي. هم منحوا تركيا أراضي “درع الفرات” لأن تلك الأراضي كانت ستذهب إلى الأميركيين، أي أنهم كانوا سيخسرونها على كل حال. الوضع في إدلب هو مختلف تماما.

لننتظر ونر كيف سيتطور هذا الصراع. النتيجة المتوقعة هي هزيمة تركيا ومن معها، ولكن حتى لو حصل ذلك فإن الأتراك على ما أظن سوف يعتبرون أنفسهم رابحين، لأن دخولهم في معركة ضد بشار حول إدلب سوف يحفظ ماء وجههم أمام المعارضة السورية الموالية لهم.

بعد خسارتهم لإدلب سوف ينقلون أتباعهم السوريين إلى مناطق “درع الفرات” وسوف يبقونهم هناك كرهائن لكي يمنعوا انضمامهم إلى الأميركان.

 

أضف تعليق