اعتدنا بعد كل جريمة لبشار أن يقيم داعموه “حفلة” لتهنئته على الجريمة.
ما يحصل في كل مرة هو نفس السيناريو: إعلام حزب الله يتحدث عن انتصار وفتح استراتيجي كبير، إعلام حمد بن خليفة يتحدث عن نهاية الثورة السورية وانتصار الأسد، بوتن وأردوغان يتحدثان عن “الحل السياسي” ويقيمان مؤتمرا لهذا الحل السياسي المزعوم.
في السابق كانت هناك حفلة لحلب وحفلة للغوطة إلخ. ما يجري الآن هو حفلة درعا. كلما دمروا منطقة فإنهم يقيمون حفلة لكي يهنئوا أنفسهم بما فعلوه فيها.
بما أن السيناريو هو مكرر ومبتذل فلا توجد حاجة للتعليق عليه. لا يوجد شيء نقوله تعليقا على هذه الحفلة سوى ما قلناه عند الحفلات السابقة. باختصار: هذه الحفلات هي مجرد ظاهرة صوتية بلا قيمة. مواقف الدول والأطراف ما زالت كما هي والوضع في سورية ما زال كما هو. الشيء الوحيد الذي تغير هو أن وضع بشار صار أصعب بسبب ازدياد جرائمه.
في هذه المرة هناك إضافة جديدة إلى المشهد هي انضمام جماعة أوجلان إلى الحفلة الإجرامية. رعاة الحفلة حاولوا أن يصوروا ذلك وكأنه شيء مهم، ولكنه في الحقيقة ليس مهما.
جماعة أوجلان (مع احترامنا لهم) هم صفر مكعب من الناحية الاستراتيجية. هم لا يساوون شيئا دون الدعم الأميركي. أعداؤهم هم كثيرون جدا وإمكانياتهم هي تعيسة جدا. كل الأطراف تعاديهم ولا أحد يدعمهم سوى أميركا.
انضمام جماعة أوجلان إلى حفلة بشار يمكن أن يُعطى أهمية إذا كان يعبر عن موقف أميركي، ولكنه لا يعبر عن موقف أميركي. في مقالات سابقة شرحنا تطورات الموقف الأميركي ولن نكرر نفس الكلام هنا. باختصار: ترمب فشل في ضم أميركا إلى حفلة بشار، ولا يوجد ما يدل على أنه سيتمكن من ذلك. أميركا هي متمسكة بسورية. قبل فترة قصيرة أتى ليندسي غراهام إلى منبج في رسالة لترمب مفادها رفض الانسحاب من سورية.
لا يوجد دليل على أن أميركا تقف وراء ما يقوم به جماعة أوجلان. عدم اعتراض أميركا على ما يقومون به سببه هو أن أميركا لا ترى أنه تنازل مهم. الأميركان ليسوا ضد التطبيع الشكلي والسطحي مع بشار لأن ذلك يساعد فيما يسمونه “منع التصادم”. الأميركان لا يرون مشكلة في بيع الكلام لبشار في مقابل أن يتجنبوا الصدام العسكري مع أسياده. ولكن لو فرضنا أن الأمور وصلت إلى حد تقديم تنازلات جدية لبشار (تسمح له مثلا بتولي السلطة العسكرية في المناطق المحررة) فإن الأميركان لن يقبلوا بذلك. هم أثبتوا مرات عديدة في السابق أنهم لن يقبلوا بذلك.
لا ندري كيف يفكر جماعة أوجلان وما هو الشيء الذي يرتجونه من المشاركة في حفلة بشار هذه، ولكن ليس من المهم أن نفهم تفكيرهم. هم لن يستطيعوا أن يذهبوا بعيدا في دعم بشار لأن أميركا سوف تتخلى عنهم إذا فعلوا ذلك، وإذا تخلت أميركا عنهم فذلك يعني نهايتهم.
في الإعلام نقرأ أنهم سيسلمون مناطقهم لبشار. من يقرأ ذلك يظن أن المناطق المذكورة هي خاوية من السكان. هل الناس ستسمح لهم أصلا بتسليم تلك المناطق لبشار؟
المشكلة هي أن فكرة الإبادة سيطرت على عقول بعض الناس لدرجة أنهم لم يعودوا يدركون وجود شعب. هم يتحدثون عن البلاد ومصيرها كما لو أنها خالية من السكان.
القضية السورية هي مجمدة حاليا وما يحصل من ضوضاء ليس له أهمية. الدول المعنية بالقضية ما تزال على مواقفها ولا يوجد تغير. انضمام جماعة أوجلان إلى حفلة دعم بشار هو ظاهرة إعلامية بلا قيمة عملية. هم لن يستطيعوا أن يذهبوا بعيدا ولن يتمكنوا من تسليم مناطقهم لبشار كما يزعم البعض. الجرائم الجديدة التي يرتكبها بشار في درعا وإدلب لا تغير شيئا سوى أنها تعمق من أزمة بشار وتطيل مدة الحكم الذي سيصدر عليه عند محاكمته.
عزيزي هاني
عندما لا يكون عندك شيء ليس من الضروري ان تكتب