قضية كركوك هي قضية شائكة، وقسم كبير من الشوك الذي في هذه القضية يعود إلى سياسة مسعود بارزاني.

ظروف العراق منذ عام 1991 وحتى اليوم أتاحت للأكراد هناك فرصا كبيرة، ولكن استفادة الأكراد الواقعية من تلك الفرص لم تكن على النحو الأمثل. السبب الأساسي لذلك هو سياسة مسعود بارزاني العبثية.

قضية كركوك هي بطبيعتها قضية متفجرة. لكي ينجح الأكراد في مقاربتهم لهذه القضية فيجب عليهم أن يتجنبوا تفجيرها، لأن التفجير لا يصب في مصلحة الموقف الكردي. إذا اندلع نزاع مسلح حول كركوك فسوف يجد الأكراد أنفسهم معزولين، لأن كل القوى المحيطة بهم سوف تتكتل ضدهم. تركيا والعرب وإيران كلهم سيتكتلون ضد الأكراد في هذه القضية، والمجتمع الدولي بطبيعة الحال لن ينحاز للأكراد ضد الأتراك والعرب والإيرانيين.

الأكراد لا يمكن أن ينجزوا شيئا في قضية كركوك سوى بالسياسة حصرا. أكبر الخاسرين من تفجير هذه القضية هم الأكراد.

المفارقة هي أن مقاربة مسعود بارزاني للقضية هي بمجملها مقاربة تصعيدية تفجيرية. هو يصرح في النهار بأنه يريد الانفصال وتأسيس دولة كردية مستقلة، ثم يصرح في المساء بأنه يريد ضم كركوك إلى إقليم كردستان. ما هو معنى هذه السياسة؟ هذه السياسة هي مصممة لدفع العرب والأتراك نحو التشدد في قضية كركوك. كيف تتوقع منهم أن يوافقوا على ضم كركوك إلى إقليم كردستان وأنت تقول جهارا نهارا بأنك تريد فصل الإقليم عن العراق؟

مسعود بارزاني يتحدث بكلام يفوق طاقة الأكراد. هو يفعل ذلك لأسباب شخصية محضة. هو مجرد طاغية يتلاعب بالعواطف القومية للأكراد لكي يتمكن من البقاء متسلطا عليهم. هو يحدثهم منذ سنوات عن الدولة الكردية المستقلة، ولكن أين هي تلك الدولة؟ أنا لا أرى أي مؤشر على قرب استقلال كردستان العراق. من يرى أي مؤشر فليدلني عليه.

الدولة الكردية التي يتحدث عنها بارزاني هي مجرد خرافة يخدع بها أتباعه. هو يروج هذه الخرافة لكي يظل متسلطا على أتباعه، وبهذا العمل هو يضعف موقف الأكراد في قضية كركوك وفي غيرها من القضايا.

قضية مثل قضية كركوك لا يمكن أن تحل سوى بالتبريد والهدوء. إذا كنت تريد من الآخرين أن يتنازلوا لك فيجب عليك أن تطمئنهم وتكسب ثقتهم، ولكن بارزاني يفعل العكس تماما. هو يستفزهم ويستثيرهم ثم بعد ذلك يتوقع منهم أن يتنازلوا.