مقال في صحيفة Washington Post يهاجم قسد.
من يقرأ المقال سيظن للوهلة الأولى أن كاتبته هي مؤيدة لبشار الأسد، ولكنني أتابع هذه الكاتبة منذ مدة وحسب ما يظهر منها فإنها ليست مؤيدة للأسد وإنما أقرب إلى معارضة الائتلاف وتركيا.
هي في السابق لم تكن تتطرق بشيء إلى قسد، ولكنها قررت مؤخرا أن تزور مناطق قسد، وبعدما عادت من هناك كتبت هذا المقال الهدام.
كاتبة المقال تسلط الضوء على الجوانب السلبية المتعلقة بحزب پيد (الإديولوجية الشيوعية ونظام الحكم الشمولي)، ولكنها تفعل ذلك على نحو هدام يشبه ما نراه في الدعاية التركية. هي لا تهاجم قسد لأنها تريد إصلاحها ولكنها تريد إفشال حرب التحالف الدولي ضد داعش. هي تريد إعادة المناطق التي يسيطر عليها التحالف الدولي إلى حضن بشار الأسد (كما حصل في حلب ومؤتمر أستانة).
كاتبة المقال ركزت على أمرين، الأمر الأول هو أن حزب پيد ينشر إديولوجية أوجلان حتى في صفوف المقاتلين العرب الذين تدربهم القوات الأميركية. والأمر الثاني هو أن نظام الحكم المسيطر في مناطق قسد هو ليس ديمقراطيا (هي أشارت مثلا إلى أن صور أوجلان هي موجودة في كل مكان كما هو حال صور الأسد في مناطقه). بالنسبة للأمر الثاني فهو أمر واضح ولا جدال فيه، ولكن كل الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط هي غير ديمقراطية، وخاصة النظام الموجود في تركيا، فلماذا نجعل من غياب الديمقراطية حجة لإفشال الحرب ضد داعش؟
بالنسبة للأمر الأول الذي تشير إليه الكاتبة فيبدو أن فيه تهويلا ومبالغة كبيرة. هي تحدثت مع مسؤولين أميركيين في التحالف الدولي وهم أنكروا أن هناك تدريسا لإديولوجية أوجلان في الدورات التدريبية التي يشرف عليها التحالف الدولي. الكاتبة حضرت أحد الدروس الإديولوجية التي تتحدث عنها، ومن وصفها للدرس يتبين أنه لم يكن درسا في الشيوعية ولكنه كان درسا حول فكرة “الكونفدرالية الديمقراطية” التي يتبناها أوجلان. معنى هذه الفكرة باختصار هو إضعاف دور الحكومات المركزية القومية وتشجيع أفكار الحكم الذاتي. حسب كلامها فإن الطلاب العرب الذين حضروا الدرس لم ينزعجوا منه ولكنهم أيدوا الكلام المتعلق بالمساواة بين الشعوب وعدم تفضيل قومية معينة على قوميات أخرى.
ما الذي يزعج الكاتبة في فكرة المساواة بين الشعوب؟ هل هي تفضل أن تقوم قسد بتدريس إديولوجية أتاتورك مثلا؟ أم أنها تفضل تدريس منهاج “الثقافة القومية الاشتراكية” الذي يطبعه نظام دمشق؟
هذه الكاتبة لا تدري ما الذي تتحدث عنه، أو هي ربما تدري ولكنها تتعمد تضليل قرائها. هي تقول لقرائها أن الأكراد يُدَرسون “إديولوجية أوجلان”، ولكنها لا تقول لهم أن الأتراك يدرسون إديولوجية أتاتورك وأن بشار الأسد يدرس إديولوجية عائلة الأسد، ناهيك عن داعش وإديولوجيتها.
إذا خيرنا بين الإديولوجيات القميئة الموجودة في تلك المنطقة فإن أفضلها هو إديولوجية أوجلان. الرجل يقول أنه يريد المساواة بين الشعوب وعدم تفضيل شعب على آخر. هل هذا الكلام أفضل أم كلام أتاتورك والقوميين الدمشقيين؟
الأميركان هم موجودون في مناطق قسد وهم يعلمون ما الذي يجري هناك أكثر من كاتبة هذا المقال. لو أنهم رصدوا أمورا خطيرة لكانوا تصرفوا بشأنها. هم لا ينتظرون مقالا من كاتبة متشبعة بدعاية المخابرات التركية لكي يشرح لهم ما الذي يجري هناك.
وكما نقول دائما: من هو منزعج من إديولوجية أوجلان يجب عليه أن يشجع العرب على الانضمام إلى التحالف الدولي لكي يقل نفوذ الأكراد في التحالف. من يمنع العرب من المشاركة في التحالف الدولي وينتقد الأكراد هو مجرد بوق للمخابرات التركية (سواء كان يدري ذلك أم لا يدريه). هو يريد أن يكرر في مناطق قسد نفس سيناريو مدينة حلب ومؤتمر أستانة.