سياسة ابن سلمان الاقتصادية تعالج أحد جذور أزمة بطالة السعوديين من حيث أنها تقلل تنافسية العمالة الأجنبية

أنا أخشى بسبب مديحي لسياسة محمد بن سلمان الاقتصادية أن يظن البعض أنني أطبل له.

المسألة طبعا هي ليست كذلك. محمد بن سلمان يطبق سياسات إصلاحية كنت أنا أدعو لها في المدونة منذ ما قبل وصوله إلى السلطة. بما أنه يطبق إصلاحات أنا كنت أدعو لها فالشيء الطبيعي هو أن أشيد بذلك. هذا لا يعني أن سياساته هي كاملة. هو طبق كثيرا من الأمور التي دعوت لها ولكنه لم يطبق البعض الآخر. مثلا هو تجنب إصلاح تمويل التعليم رغم أن هذا المطلب كان ولا يزال من أهم الأمور التي أدعو لها.

قطاع التعليم العالي في مملكة آل سعود هو مبني على النموذج المصري الفاشل. هناك عدد كبير من الجامعات التي تقدم تعليما مجانيا بتمويل من الحكومة. هذا النموذج هو سيء جيدا ويجب تغييره إلى نموذج شبيه بالنموذج الأميركي.

أنا شرحت في الماضي في مقالات مطولة ما أقصده بإصلاح تمويل التعليم، ولكنني الآن سألخص المطلوب في نقاط وجيزة:

-خصخصة كل الجامعات الحكومية وإلغاء التعليم المجاني.

-تأسيس صندوق حكومي لدعم التعليم عبر منح دراسية وقروض ميسرة يرصد لها بند سنوي في الميزانية. هذا الصندوق يجب أن يدعم الطلاب وفق معيارين هما التفوق الدراسي والحاجة المالية (أي أن الأولوية في المنح والقروض يجب أن تكون للطلاب المتفوقين الذين يفتقرون للمال).

-من الممكن أيضا إقرار قانون يلزم الجامعات بتخصيص نسبة من أرباحها لتمويل منح وقروض للطلاب (هكذا قانون سيكون مفيدا من حيث أنه سيشجع الجامعات على إنفاق أموالها على البحث العلمي بدلا من البحث عن الربح المالي، لأن الربح المالي هو مستهدف بالقانون).

-يجب أيضا على الحكومة أن تنشر في المجتمع ثقافة التبرع الخيري لدعم التعليم. هذا أولى من بناء المساجد.

محمد بن سلمان ينوي أن يفرض ضريبة قيمة مضافة. الأولى قبل فرض تلك الضريبة هو إصلاح تمويل قطاع التعليم وفق البنود أعلاه. فرض ضريبة القيمة المضافة هو محرم دينيا وهو يضر الاقتصاد من حيث أنه يسحب الأموال من الاقتصاد ويرفع الأسعار، وأما إصلاح تمويل التعليم فهو غير محرم دينيا وهو لا يلحق أي ضرر بالاقتصاد وإنما بالعكس هو يفيد الاقتصاد. لهذين السببين فإن إصلاح تمويل التعليم هو أولى من فرض ضريبة القيمة المضافة.

بعيدا عن هذه القضية، هناك أثر إيجابي لسياسات ابن سلمان الإصلاحية يتعلق بقضية البطالة بين السعوديين.

بطالة السعوديين لها أسباب عديدة. أحد هذه الأسباب هو أن العمال الأجانب يتقاضون رواتب منخفضة لا يقبل بها السعوديون.

سياسات ابن سلمان الإصلاحية سترفع كلفة المعيشة في مملكة آل سعود. هذا الارتفاع سيؤثر بشكل خاص على الأجانب دون السعوديين، لأن السعوديين سيتلقون دعما ماليا من الحكومة. العمال الأجانب سيطالبون بزيادة أجورهم بما يتناسب مع ارتفاع كلفة المعيشة، وهذا سوف يفقدهم إحدى مزاياهم الأساسية التي تجعلهم أكثر تنافسية من السعوديين.

هذا يشبه ما تقوم به الحكومات التي تقدم دعما ماليا للمنتجين المحليين. بعض الحكومات تدفع أموالا للمنتجين المحليين بهدف زيادة تنافسيتهم أمام المنتجين الخارجيين. ابن سلمان سيفعل أمرا شبيها ولكنه لن يدعم منتجين محليين وإنما عمالا محليين. عندما تدفع الحكومة مالا للعامل المحلي فهذا يعني زيادة تنافسيته أمام العامل الأجنبي.

أضف تعليق