المحكم والمتشابه في سياسة ترمب الخارجية… وعن مستقبل السياسة الروسية المتعلقة بذيل الكلب

الإعلام الأميركي يشن حملة هجومية قاسية جدا على ترمب بسبب تعييناته الحكومية.

المقطع التالي هو مثال على ما يظهر حاليا في الإعلام الأميركي. المقطع يسخر من ترمب سخرية لاذعة جدا بسبب عدد من القضايا، ومن بينها تعيينه لوزير الخارجية الذي تحدثنا عنه سابقا.

ترمب يتعرض أيضا لهجوم بسبب السفير الذي عينه في إسرائيل، والذي هو ذو توجه إسرائيلي يميني جدا.

في أثناء الانتخابات ذكرت أن الإعلام الأميركي يتعامل مع ترمب على نحو غير موضوعي. مثلا في هذا المقال تحدثت عن بعض المبالغات والأمور غير الموضوعية التي قيلت ضد ترمب في تلك الفترة.

التعامل الإعلامي غير الموضوعي مع ترمب ما زال مستمرا، وهو يزداد شراسة. إحدى مشاكل هذا التشويه الإعلامي هي أنه يطمس بعض ملامح السياسة الخارجية لترمب التي بدأت تتضح.

لو نظرتم إلى سياسة ترمب الخارجية على نحو موضوعي وبعيدا عن التشويه الإعلامي فسترون في هذه السياسة أمورا محكمة وأمورا أخرى متشابهة. من الأمور المحكمة في سياسة ترمب أنه شديد التأييد لإسرائيل، وتحديدا للخط الإسرائيلي اليميني الذي يتمثل في نتنياهو. هذا هو السبب الذي دفع ترمب لتعيين سفير في إسرائيل ذو توجه إسرائيلي يميني متطرف.

أمر محكم آخر في سياسة ترمب هو موقفه من إيران: ترمب هو شديد العداء لإيران. هذا الموقف لترمب من إيران هو متوافق مع موقفه من إسرائيل.

أمر محكم ثالث في سياسة ترمب هو أنه صديق لروسيا، ولكن المقصود بذلك هو ليس التهريج الذي ظهر مثلا في المقطع أعلاه. ليس صحيحا أن ترمب سيبيع أميركا لبوتن. وعلى كل حال، حتى لو أراد ذلك فهو لن يتمكن منه بعد كل الحملة التي شنت ضده بسبب مواقفه من روسيا وبسبب دعم روسيا له في الانتخابات.

من الأمور المحكمة الأخرى في سياسة ترمب أنه ليس صديقا للصين والمكسيك. سياسته العدائية تجاه الصين لا تحظى باهتمام إعلامي كبير ولكنها قد تكون أخطر جوانب سياسته الخارجية. نحن رأينا أن الصين في الأيام الماضية بدأت تتصرف بعدائية غير مسبوقة تجاه أميركا. هذه العدائية الصينية هي ربما رسالة استباقية من الصينيين لترمب. هم يقولون له: اعرف حدودك ولا تتخطاها.

ترمب ضرب الصينيين في مكان موجع عندما تلاعب بقضية تايوان ومبدأ الصين الواحدة. هذه القضية بالنسبة للصينيين هي قضية وطنية مقدسة مثل قضية فلسطين سابقا لدى العرب. عندما أحس الصينيون بأن ترمب سيضغط عليهم في هذه القضية هم بدؤوا يصعدون ضد أميركا. البعض يخشون من أن تتأزم الأمور في عهد ترمب إلى درجة أن تقوم الصين بغزو تايوان عسكريا.

الأمور المتشابهة في سياسة ترمب الخارجية تشمل موقفه من آل سعود وموقفه من ذيل الكلب. هذه المواقف هي فروع من موقف ترمب العام المعادي للمسلمين، الذي هو بحد ذاته موقف متشابه.

الموقف العدائي تجاه المسلمين هو من أسس سياسة ترمب الظاهرية، ولكن هذا الموقف هو غير منطقي لألف سبب وسبب. ترمب نفسه يدرك أن هذا الموقف هو غير منطقي، ولهذا السبب هو خفف كثيرا من حدة عداوته للمسلمين قبل حتى أن تنتهي الانتخابات الأميركية.

معظم الدول المسلمة هي حليفة وصديقة للولايات المتحدة. نذكر مثلا تركيا التي هي عضو مهم في حلف الناتو. وأيضا السعودية وباكستان والمغرب. كل هذه الدول المسلمة هي صديقة جدا لأميركا وهي مهمة لمصالح أميركا. كيف يمكن لترمب أن يفرط في علاقات أميركا مع هذه الدول ومع بقية الدول المسلمة؟

موقف ترمب المعادي للمسلمين هو موقف غوغائي لا يمكن أن يتحول إلى سياسة خارجية حقيقية لأميركا. كل محلل جدي يجب أن يشطب هذا الموقف من تحليلاته وألا يعيره اهتماما كبيرا.

إذا شطبنا معاداة المسلمين من تحليلاتنا لسياسة ترمب الخارجية فسوف يزول الاشتباه الموجود في هذه السياسة.

مثلا موقف ترمب المعادي لآل سعود يجب أن يشطب وألا يعار أي اهتمام، لأن هذا الموقف ليس له أي مبرر جدي سوى معاداة المسلمين. ترمب لن يفرط في علاقات أميركا مع السعودية بسبب كراهيته للمسلمين.

معاداة ترمب لآل سعود تتناقض مع سياسته المحكمة تجاه إسرائيل وإيران. حتى لو كان ترمب يكره آل سعود فهو سيدرك سريعا أن الحلف مع آل سعود يخدم سياسته المتعلقة بإسرائيل وإيران.

حسب معلوماتي فإن ترمب لم يقل أي شيء ضد آل سعود منذ زمن طويل. هو طوى صفحة التهجم على آل سعود مثلما أنه طوى صفحة التهجم على المسلمين بشكل عام.

نفس التحليل ينطبق على موقف ترمب من ذيل الكلب. هذا الموقف ليس له أي مبرر جدي سوى أنه نابع من معاداة المسلمين. هو ليس فرعا من سياسة ترمب تجاه روسيا. ترمب قال خلال حملته الانتخابية كلاما معناه أن ذيل الكلب هو ذكي لأنه تحالف مع روسيا واحتمى بها. ترمب هو معجب بذيل الكلب لشخصه ولذاته وليس لأنه تابع لروسيا، وليس صحيحا أصلا أن ذيل الكلب هو تابع لروسيا. ذيل الكلب هو تابع لإيران والوجود الروسي في سورية هو مجرد غطاء للاحتلال الإيراني. هذا أصلا هو جوهر مشكلة الإسرائيليين مع ذيل الكلب. الإسرائيليون لا يمانعون سيطرة روسيا على سورية بل هم في الحقيقة يرحبون بهذه السيطرة ويشجعونها، ولكن السيطرة الروسية على سورية هي مجرد كلام خيالي وليست واقعا.

روسيا لا تستطيع أن تسيطر على سورية وتخرج إيران منها. أنا في الماضي كتبت الكثير حول هذه القضية ووضحت طبيعة العلاقة بين الروس والإيرانيين. الروس ركبوا على الاحتلال الإيراني لسورية واستفادوا منه لكي يظهروا أنفسهم بمظهر القوة العظمى. هدفهم الوحيد من ذلك هو عقد صفقة مشرفة مع الأميركان. الاحتلال الإيراني لسورية لا يساوي شيئا بالنسبة للروس. بمجرد أن يتصالح الروس مع أميركا سوف يتخلون عن دعم هذا الاحتلال.

أنا في الماضي شرحت تطور السياسة الروسية المتعلقة بذيل الكلب: في البداية كان الروس ينأون بأنفسهم عن دعم ذيل الكلب، وهم في الحقيقة طرحوا وثيقة جنيف 1 التي نصت على نقل السلطة من ذيل الكلب إلى هيئة حكم انتقالية (وثيقة جنيف 1 هي روسية المنشأ وليست أميركية). موقف الروس من ذيل الكلب تغير جذريا بعد الأزمة الأوكرانية وما تلاها. إذا تصالح الروس مع الأميركان فسوف تعود سياستهم المتعلقة بذيل الكلب إلى ما كانت عليه قبل الأزمة الأوكرانية.

الروس مستعجلون لإقفال ملف ذيل الكلب في الفترة الحالية لأنهم يعلمون أنهم لن يتمكنوا من الاستمرار في دعمه بنفس القدر الحالي. هناك طريقان محتملان مستقبلا، إذا حصلت المصالحة الروسية-الأميركية فسوف يخف الدعم الروسي لذيل الكلب، وإذا حصل تصعيد أميركي ضد ذيل الكلب فسوف يخف الدعم الروسي له. في كلتا الحالتين سوف يقل الدعم الروسي لذيل الكلب، ولهذا السبب يسعى الروس لإقفال ملفه الآن حتى لا يقال لاحقا أنهم باعوه بعدما استفادوا منه لعقد صفقة مع الأميركيين (مثل هذا القول لا يصب في مصلحة الروس لأنه يسيء إلى سمعتهم ويجعل الناس يحجمون عن التحالف معهم) أو أنهم جبنوا عن مواجهة أميركا للدفاع عنه عندما حانت ساعة المواجهة (مثل هذا القول يسيء إلى هيبة روسيا ويقوض البرستيج الذي صنعته حتى الآن بسبب ركوبها على الاحتلال الإيراني).

3 آراء حول “المحكم والمتشابه في سياسة ترمب الخارجية… وعن مستقبل السياسة الروسية المتعلقة بذيل الكلب

    • هناك بالفعل ناسخ ومنسوخ في سياسته. مثلا كلامه حول بناء جدار المكسيك هو كله منسوخ ولم يعد ساريا. أيضا كلامه حول حظر دخول المسلمين هو منسوخ.

  1. ميشيل كيلو يعترف بأن أمريكا خدعتهم ..ويكشف وثيقة امريكية سرية للسلام في سوريا

    لندن: كشف المعارض ميشيل كيلو عن وثيقة امريكية غير رسمية بعنوان “خطة سلام من اجل سوريا” تتحدث عن 4 بنود، مشيرا الى ان الحليف الامريكي قد خدع المعارضة السورية طوال السنوات الخمس الماضية.

    صديقنا الامريكي المخلص نجح في الضحك علينا وخداعنا، طوال السنوات الخمس الماضية التي كنا في أثنائها في غفلة أوقعتنا في حال من الغباء وسوء التقدير والفهم، هذا ما اعترف به المعارض السوري ميشيل كيلو من خلال كشفه لوثيقة امريكية غير رسمية بعنوان “خطة سلام من اجل سوريا”.

    وبحسب كيلو فالوثيقة الامريكية التي لم يتم التأكد من صحتها بعد، صدرت بجزأين، وتم تحديثها قبل أسابيع قليلة، وتتضمن اربعة محاور رئيسية.

    اولها: التخلي التام عن جنيف ووثيقته التي أقرها الخمسة الكبار، وعن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخصوصاً القرار 2118 . فلا هيئة حاكمة انتقالية، ولا تراض بين الطرفين، ولا انتقال ديمقراطي.

    ثانياً: الانطلاق من ضرورة وقف الاعمال القتالية عبر هدنة تتوافق عليها روسيا وامريكا، وتلتزم بها الاطراف، على أن يجري تحويلها إلى وقف إطلاق نار دائم، يتيح أجواء مناسبة لبدء البحث عن حلول.
    ثالثاً: المحافظة على ما هو قائم ميدانيا من أوضاع بين الأطراف المتقاتلة، حيث تشمل منطقة الحكومة السورية بين دمشق والساحل، مرورا بحمص ومناطق من حماة، والمنطقة التي سيطرت عليها قوات البايادا” الكردية في الشمال والشمال الشرقي من سوريا.
    هذا في حين تشمل منطقة سيطرة مايسمى المعارضة في الشمال والجنوب، حيث سترابط في أولاهما قوات تركية، وفي ثانيتهما أردنية.
    أما المنطقة الخاضعة لداعش فستوضع تحت إشراف دولي، بعد طردها منها، إلى أن يتقرر مصيرها النهائي في التسوية النهائية.
    رابعا: انتشار قوات دولية في مناطق مختلفة من سوريا، لكي تشرف على وقف القتال، وإيصال الإغاثة إلى السوريين، ريثما تتفق امريكا وروسيا على الحل النهائي.

    وتقول الخطة، بكل وضوح
    – إن الحل النهائي لن يستعيد دولة سورية مركزية
    – سيفرض أشكالا جديدة من الحكم والإدارة في المناطق الثلاث
    – أن تكون مداولات الأطراف السورية بشأنها هي المفاوضات الجديدة التي ستقرر مصيرها.

أضف تعليق