مبالغة كبيرة في مقال لعبد الرحمن الراشد.
هو يقول أن قنوات MBC هي تنويرية.
نحن لا ننكر أن هذه القنوات لعبت دورا إيجابيا في العالم العربي، خاصة من حيث أنها عرفت الجمهور العربي على الثقافة الغربية (وتحديدا الثقافة الأميركية). اطلاع الجمهور العربي على الثقافة الأميركية عبر الأفلام والبرامج الأميركية المترجمة هو شيء جيد ومفيد، ونحن نشكر هذه القنوات عليه (يجب أن نذكر أن القنوات اللبنانية ساهمت أيضا في هذا المجال. نقل الثقافة الغربية إلى العالم العربي هو اختصاص اللبنانيين المسيحيين قبل آل سعود بما يزيد عن قرن).
ولكن القول بأن الدور الذي لعبته قنوات آل سعود هو دور “تنويري” هو مبالغة كبيرة.
كلمة التنوير Enlightenment تعني تيارا فكريا في أوروبا خلال القرن 18 ركز على الأمور التالية:
- التفكير العقلاني النقدي والبعد عن التقليد الأعمى للأسلاف.
- التسامح الديني والمساواة والعلمانية.
- الحرية والديمقراطية.
هذه هي أهم مبادئ التيار التنويري. هل قنوات آل سعود تروج لهذه المبادئ؟ طبعا لا. أصلا مثلا هذا القول هو قول مضحك لأن نظام آل سعود يتناقض كليا وجذريا مع كل هذه المبادئ (نظام آل سعود لا يحقق أيا من هذه المبادئ، بل هو يحاربها جميعها).
مدونتي هذه هي تنويرية، لأنها تروج للمبادئ أعلاه على نحو واضح، ولكن إعلام آل سعود هو ليس تنويريا ولا يمت بصلة للتنوير.
أنا بصراحة لا أعرف أية وسيلة إعلام عربية شهيرة تروج للمبادئ أعلاه. أنا واثق من أن هناك آلاف المدونين والناشطين ممن يروجون لهذه المبادئ بجهودهم الفردية، ولكن وسائل الإعلام الكبيرة لا تفعل ذلك. وسائل الإعلام العربية الكبيرة هي كلها رجعية متخلفة. هي كلها خاضعة لسيطرة أنظمة رجعية فاسدة على غرار نظام آل سعود.
في الآونة الأخيرة ظهرت على الساحة العربية قنوات أجنبية ناطقة بالعربية مثل بي بي سي وسكاي نيوز ونحو ذلك. أنا بصراحة لا أستطيع تقييم هذه القنوات لأنني لم أشاهدها، ولكنني آمل أنها تلعب دورا تنويريا (إذا كانت إدارات هذه القنوات هي عربية فأنا لست متفائلا. فروع المؤسسات الأجنبية التي يديرها عرب تختلف كثيرا عن المؤسسات الأصلية، لأن من يديرونها في الغالب هم ليسوا من التنويريين وإنما من حثالات المجتمعات العربية للأسف).
أقول مجددا: نحن لا ننكر فضل إعلام آل سعود وميزته النسبية على غيره. مثلا لو قارنا إعلام آل سعود مع إعلام دويلة قطر فسيتبين أن إعلام آل سعود هو أفضل بمليون مرة. إعلام دويلة قطر دمر العالم العربي وأعاد العالم العربي 100 عام إلى الوراء من كل النواحي (سواء النواحي الثقافية أم حتى النواحي الاقتصادية والعمرانية. إعلام دويلة قطر دمر المجتمعات العربية بالمعنى الحرفي للكلمة).
إعلام دويلة قطر هو ليس إعلاما ولكنه إجرام يتلطى في صورة إعلام. الأمر المؤلم هو سكوت العالم على هذا الإجرام. لو كانت هناك عدالة في هذا العالم لكانت أقيمت محكمة دولية لمحاكمة إعلام دويلة قطر ومن يقفون وراءه.