التحليل الذي سأكتبه الآن كان موجودا في بالي منذ فترة، ولكنني أحجمت عن كتابته لأنني شعرت أنه افتراضي جدا.
ولكنني سأكتبه الآن على كل حال.
تقدم جيش الفتح في ريف حلب الجنوبي بدأ قبل شهرين أو نحو ذلك. آنذاك استولى جيش الفتح على خان طومان والعيس وألحق خسائر فادحة بميليشيات إيران. بعد تلك الهزيمة قامت القيامة في إيران. إيران طلبت عقد اجتماع ثلاثي ضم وزارء دفاع روسيا وإيران وذيل الكلب. الهدف المعلن من ذلك الاجتماع كان بحث سبل الرد على هزيمة خان طومان.
إيران أرادت من عقد ذلك الاجتماع إحراج الروس ودفعهم للتصعيد العسكري ضد جيش الفتح. ولكن المشكلة (كما شرحتها سابقا) هي أن الروس لا يملكون طريقة عسكرية واقعية يمكنها إيقاف جيش الفتح.
وزير الدفاع الروسي أتى إلى قاعدة حميميم واستدعى ذيل الكلب من دمشق وأبلغه بشكل علني (ومذل) رفض روسيا للمطلب الإيراني الذي طرح في اجتماع طهران.
الإذلال الذي تعرض له ذيل الكلب في ذلك الاجتماع كان انتقاما روسيا من الإحراج الذي سببته إيران لروسيا في اجتماع طهران. أيضا الروس أرادوا أن يفهموا الإيرانيين أن ذيل الكلب هو مهم لإيران ولكنه ليس مهما لروسيا.
الروس حاولوا أن يتنصلوا إعلاميا من هزيمة خان طومان عبر تحميل مسؤولية الهزيمة للأميركان. هم زعموا أن أميركا منعتهم من قصف جبهة النصرة بسبب وجود تداخل بينها وبين المعارضة المعتدلة، ولهذا السبب حصلت هزيمة خان طومان. طبعا هذا الكلام هو مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي ويفتقد لأية جدية (كما وضحت في عدة مقالات سابقة). لو كان الروس يريدون التدخل بالشكل الكبير الذي طلبته إيران (والذي يفوق بكثير التدخل الروسي الحالي) لكانوا تدخلوا ولما انتظروا إذنا من أميركا. قضية “الفصل بين جبهة النصرة والجماعات المعتدلة” كانت مجرد حجة روسية لتقطيع الوقت وتجنب التدخل.
السؤال هو: كيف يمكن لأميركا أن تفصل بين جبهة النصرة والجماعات المعتدلة؟ هل أميركا تملك نفوذا يسمح لها بتحقيق مثل هذا الفصل؟
قرأنا كثيرا عن اتفاق أميركي-روسي ينص على آلية مشتركة لقصف جبهة النصرة، ولكن ذلك الاتفاق لم يجد طريقه إلى التطبيق. لماذا لم يطبق ذلك الاتفاق؟ في مقالات سابقة أنا حملت مسؤولية عدم تطبيق الاتفاق لذيل الكلب، ولكن ذلك التحليل كان يعطي ذيل الكلب حجما أكبر من حجمه الحقيقي. لو كان هناك اتفاق جدي بين الروس والأميركان لما كان ذيل الكلب تجرأ على إفشال الاتفاق.
الأرجح ربما هو أن عملية ذيل الكلب في طريق الكاستلو كانت عملية استباقية. الروس والإيرانيون كانوا يعلمون أن جيش الفتح يستعد للتقدم مجددا في ريف حلب الجنوبي، ولهذا السبب هم أوعزوا لذيل الكلب بالسيطرة على طريق الكاستلو ومدخل حلب الشمالي.
لو لم يسيطر ذيل الكلب على مدخل حلب الشمالي لكان الآن حوصر تماما في حلب.
عندما سيطر ذيل الكلب على طريق الكاستلو هو طمح لتحقيق أمرين:
1. إيجاد منفذ احتياطي لأتباعه في حلب لمنع حصارهم.
2. حفظ ماء وجه أسياده الإيرانيين.
هذا التحليل يفسر المشاركة الإيرانية الصاخبة في عملية قطع طريق الكاستلو (التي تجلت مثلا بخطبة حسن نصر الله). الإيرانيون ضخموا عملية قطع طريق الكاستلو وأعطوها حجما إعلاميا يفوق بكثير حجمها الواقعي. أنا افترضت في السابق أن ذلك المهرجان الصاخب كان مجرد غباء من ذيل الكلب. ولكن من الوارد أن الإيرانيين أرادوا من إقامة المهرجان أن يغطوا على تقدم لجيش الفتح كانوا يتوقعونه في الريف الجنوبي.
هم ربما لم يتوقعوا أن يصل تقدم جيش الفتح إلى ما وصل إليه. هم لم يتخيلوا أن جيش الفتح سيسيطر على الراموسة بكاملها (بما في ذلك الكليات العسكرية) خلال يومين. تقدم جيش الفتح كان على ما أظن مفاجئا لكل المراقبين (أنا توقعت هذا التقدم منذ أسابيع، ولكنني بصراحة لم أتوقع حصوله خلال يومين. معركة خلصة استغرقت حوالي أسبوعين، وخلصة هي مجرد قرية. من العجيب أن الراموسة بأكملها وبكل ما فيها سقطت خلال يومين).