عن تسمية “أرفاد” التي يطلقها حزب PYD على تل رفعت

حزب الاتحاد الديمقراطي يطلق تسمية “أرفاد” أو “آرفاد” على مدينة تل رفعت.


هذه التسمية لها أصل في التاريخ وليست من اختراع حزب PYD. هي وردت لأول مرة في كتابات أشورية تعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد.

من الكتابات الأشورية يتبين أن رجلا أراميا اسمه Gusi أسس مملكة في منطقة حلب في بداية عصر الحديد. هذه المملكة صارت تنسب لمؤسسها فتسمى Bīt Gusi أو Bīt Agusi (كلمة “بيت” عند الأراميين لها نفس معنى كلمة “آل” عند العرب. مثلا “بيت Agusi” تعني “آل Agusi”). من الكتابات الأشورية يتبين أن Gusi كان ينتمي لقبيلة اسمها Yaḫan. هذه القبيلة كان لها وجود شرق نهر دجلة، ولهذا السبب بعض الباحثين رأوا أن Gusi ومن معه هاجروا نحو الغرب.

العاصمة الأولى لمملكة Agusi هي غير واضحة تماما بالنسبة لي لأنني لم أبحث في هذا الموضوع، ولكن في نهاية القرن التاسع كانت عاصمة المملكة هي بلدة تسمى Arpad. هذه التسمية وردت أيضا في الكتاب اليهودي:

2Ki 18:34

אַיֵּה אֱלֹהֵי חֲמָת וְאַרְפָּד, אַיֵּה אֱלֹהֵי סְפַרְוַיִם–הֵנַע וְעִוָּה: כִּי-הִצִּילוּ אֶת-שֹׁמְרוֹן, מִיָּדִי.

ʔayyeh ʔɛ̆lōhȇ Ħămāṯ wə-ʔArpāḏ? ʔayyeh ʔɛ̆lōhȇ Səp̄arwayim, Hēnaʕ, wə-ʕIwwāh?  kȋ-hiṣṣȋlȗ ʔɛṯ-Šōmərȏn, miy-yāḏ-ȋ?

أين هي آلهةُ حَماتَ وأَرْفادَ؟ أين هي آلهة سفَرْوَيْم، هنع، وعِوَّة؟ هل أنقذوا السامرة من يدي؟

2Ki 19:13

 אַיּוֹ מֶלֶךְ-חֲמָת וּמֶלֶךְ אַרְפָּד, וּמֶלֶךְ לָעִיר סְפַרְוָיִם, הֵנַע, וְעִוָּה.

ʔayyȏ mɛlɛḵ-Ħămāṯ u-mɛlɛḵ ʔArpāḏ u-mɛlɛḵ lā-ʕȋr Səp̄arəwāyim, Hēnaʕ, wə-ʕIwwāh?

أين هو ملكُ حَماتَ وملكُ أَرْفادَ وملكُ مدينةِ سفَرْوَيْم، هنع، وعِوَّة؟

Isa 10:9

הֲלֹא כְּכַרְכְּמִישׁ, כַּלְנוֹ: אִם-לֹא כְאַרְפַּד חֲמָת, אִם-לֹא כְדַמֶּשֶׂק שֹׁמְרוֹן.

hă-loʔ kə-Ḵarkəmȋš Kalnȏ? ʔim-loʔ kə-ʔArpāḏ Ħămāṯ? ʔim-loʔ kə-Ḏammɛs₂ɛq Šōmərȏn?

أليست كَلْنا/كَلْنَو كَكَرْكمِيس؟ أليست حَماتُ كأَرْفادَ؟ أليست السامرة كدمشق؟

في الكتاب اليهودي اسم أرفاد يرد مقرونا مع حماة، وهذا منطقي لأن مملكة حماة الأرامية كانت تقع إلى الجنوب مباشرة من مملكة حلب أو بيت Agusi.

الباحثون يعتقدون أن أرفاد هي البلدة المعروفة حاليا باسم تل رفعت.

اسم “تل رفعت” هو على ما يبدو تحريف لاسم أرفاد القديم. كلمة “أرفاد” يمكن أن تكون تغيرت أولا إلى “إرفاد” ثم “رِفاد”:

ʔArfād > ʔIrfād > Rifād

كلمة “رِفاد” ستنطق في اللغة التركية “رِفات”، لأن الكلمات التركية لا تنتهي بصوت مجهور. كلمة “رِفات” التركية ستفهم خطأ على أنها تعني “رفعت”. من هنا ربما نشأت تسمية “تل رفعت”.

نفس السيناريو حصل مع اسم بلدة كِلز التي تقع إلى الشمال من أرفاد. اسم هذه البلدة ينطق في التركية “كِلِس” (بإبدال الزاي المجهورة بالسين غير المجهورة). بعض العرب المعاصرين (بسبب جهلهم) يكتبون ويلفظون الاسم التركي بهذه الصورة “كِلِّس”. مثل هذا الخطأ هو غير مبرر لأن اسم بلدة كلز هو ليس اسما عتيقا انقرض قبل قرون. هذا الاسم كان ما يزال مستخدما حتى بداية القرن العشرين.

أساس المشكلة في زماننا هو أن وسائل الإعلام غالبا ما تنشر مسميات خاطئة، لأن من يعملون في هذه الوسائل لا يملكون أدنى معرفة بكيفية تعريب الأسماء التركية أو غيرها، وهذا شيء غريب. أي شخص يمكنه أن يتعلم كيفية تعريب الأسماء التركية خلال خمس دقائق. في مدونتي تحدث سابقا عن هذه القضية وأشرت مثلا إلى أن صوت e التركي يجب أن يعرب إلى فتحة وليس إلى ألف ممدودة، ولكن وسائل الإعلام العربية ما زالت تعرب حرف e التركي إلى ألف ممدودة، وهذا يؤدي إلى تشويه ولبس كبير.

المشكلة هي ليست نقصا في المعرفة وإنما عدم رغبة في المعرفة. هناك أناس يستطيعون أن يقضوا ساعات في اللعب على الإنترنت وفي مشاهدة برامج التسلية على التلفاز ولكنهم لا يستطيعون أن يهدروا 5 دقائق من وقتهم في تعلم كيفية تعريب الأسماء التركية بشكل صحيح.

أنا في العادة أرفض تغيير أسماء البلدات والقرى، ولكن بالنسبة لتل رفعت فأنا أوافق على تغيير اسمها إلى أرفاد، لأن هناك احتمالا جديا بأن اسم “تل رفعت” هو محرف من “تل رفاد”، وهذا بدوره يعود إلى الاسم القديم أرفاد.

يجب الانتباه إلى مسألة وهي أن الكتابة المسمارية لا توضح طول أصوات العلة. الكتابة الأشورية Arpad يمكن أن تعني “أَرْفَد” وليس بالضرورة “أرفاد”. لو كان اسم “أرفاد” قديما في اللغة العبرية لكان ورد في الكتاب اليهودي بهذه الصورة אַרְפּוֹד/אַרְפֹּד ʔArpȏḏ، لأن الألف الممدودة تتحول في العبرية إلى الصوت ō. الألف الممدودة في אַרְפָּד ʔArpāḏ يمكن أن تكون تطويلا لفتحة كما هي العادة في النطق الطبري. لا يوجد دليل على أن الاسم الأصلي كان يلفظ “أرفاد” وليس “أرفد”.

بالنسبة للفظ “آرفاد” الذي يستخدمه حزب PYD حاليا (بألف مد في بداية الاسم) فهذا الاسم هو حتما تحريف متأخر، وقد يكون مجرد اختراع معاصر بلا أساس.

أضف تعليق