الإمارات العربية المتحدة هي دولة مميزة في المنطقة الخليجية والعربية.
الثروات الطبيعية الموجودة في هذه الدولة لا تختلف كثيرا عن الثروات الموجودة في الدول الخليجية المجاورة لها؛ ولكن رغم ذلك فإن حجم الاقتصاد الإماراتي هو كبير. في عام 2013 كانت نسبة الناتج الإجمالي على عدد السكان GDP per capita في الإمارات هي 58,042 دولار لكل فرد. هذا الرقم هو أعلى من مثيله في الولايات المتحدة.
الشيء المهم واللافت هو أن عائدات تصدير النفط لا تمثل أكثر من 29% من حجم الاقتصاد الإماراتي (في حين أن عائدات تصدير النفط تمثل 55% من حجم اقتصاد آل سعود على سبيل المثال).
ثلثا الاقتصاد الإماراتي تقريبا هما غير نفطيين، والاقتصاد الإماراتي هو من أكبر الاقتصادات في العالم بالنسبة لعدد السكان. هذه الأرقام هي ممتازة عندما نتحدث عن دولة عربية، وحتى عن دولة خليجية.
نجاح الإمارات الاقتصادي انعكس على حضورها الإقليمي. هذه الدولة لعبت أدوارا في ليبيا ومصر والعالم العربي بشكل عام. هي أصبحت لاعبا إقليميا بسبب ازدهارها الاقتصادي.
الإمارات هي أيضا نموذج فريد في العالم العربي من حيث الطريقة التي تأسست بها. هذه الدولة كانت في الأصل مجموعة من الإمارات والمشيخات، ولكن حكام هذه الإمارات والمشيخات قرروا بشكل طوعي أن ينشؤوا اتحادا سياسيا فيما بينهم، وهذا الاتحاد نجح واستمر دون مشاكل جوهرية.
كل هذه الأمور تؤهل الإمارات لكي تدخل إلى نادي الدول المتقدمة. ما يعيق تقدم الإمارات هو نظامها السياسي البدائي المتخلف. النظام السياسي في هذه الدولة لا يشبه في شيء اقتصادها. الاقتصاد الإماراتي هو حديث، ولكن النظام السياسي هو متخلف جدا.
أنا أستغرب تمسك حكام الإمارات بنظامهم السياسي ورفضهم للإصلاح. هذا بالنسبة لي هو شيء غير مفهوم.
الإصلاح السياسي لن يؤثر كثيرا على حكام الإمارات. هم سيظلون أثرياء وسيحتفظون بتقدير الناس واحترامهم. لا أدري ما الذي يمنعهم من الإصلاح.
لماذا لا يقلدون العائلات الحاكمة الأوروبية؟ العائلات الحاكمة في أوروبا هي ليست فقيرة، وهي أيضا محط احترام وتقدير شعوبها. ما الذي يريده أي إنسان أكثر من ذلك؟
الإنسان الطبيعي يريد أن يكون ثريا ويريد أن يكون ذا نفوذ وتأثير بين الناس. الإصلاح السياسي على الطريقة الأوروبية لن يحرم حكام الإمارات من هذه الأمور.
لماذا إذن يرفضون الإصلاح؟ هل هو هوس السلطة والسيطرة؟
السلطة هي ليست أمرا جيدا. هي في الحقيقة وبال على صاحبها. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لا يمكن أن تستمر دائما بنفس الوتيرة. لا بد أن تكون هناك فترات تتراجع فيها أوضاع الاقتصاد والمجتمع. في هذه الفترات العصيبة الناس يصبون جام غضبهم على من يمسك بالسلطة. العائلات الحاكمة الأوروبية لا تمسك بالسلطة فعليا، والناس يعلمون ذلك، ولهذا السبب هم لا يسخطون على العائلات الحاكمة ولكنهم يسخطون على المسؤولين المنتخبين. لهذا السبب نرى مثلا أن ملكة بريطانيا هي دائما ذات شعبية عالية والناس لم يغضبوا عليها منذ استلامها الحكم وحتى الآن. الملكة هي رمز وطني وهي دائما محبوبة من الناس.
الملوك في أوروبا يلعبون أحيانا دور الوسطاء في النزاعات السياسية والاجتماعية. دور الوسيط هو في معظم الأحيان دور إيجابي والناس لا ينظرون له بشكل سلبي. عندما يلعب الملك دور الوسيط بين أفرقاء شعبه المتخاصمين فهو ربما يعزز شعبيته ويظهر نفسه بمظهر المرجعية الوطنية العليا.
أنا لا أرى أن طريقة حياة ملوك أوروبا هي سيئة، بل على العكس أنا أرى أنها أفضل من طريقة حياة آل سعود وحكام الإمارات. أنا لا أفهم ما هو السبب الذي يمنع آل سعود وحكام الإمارات (وأمثالهم) من الإصلاح السياسي على الطريقة الأوروبية.
مملكة آل سعود سوف تشهد في النهاية ثورة شعبية، وهذه الثورة ربما تطيح بآل سعود وتخسرهم كل شيء. مصلحة آل سعود هي أن يتخلوا عن السلطة لأشخاص منتخبين من الشعب، وفي حال غضب الشعب فإنه سيصب غضبه على الأشخاص المنتخبين، وليس على آل سعود. بهذه الطريقة سوف يضمن آل سعود مستقبلهم. هم يمكنهم أن يلعبوا دور الوسيط في النزاعات التي ستنشأ بين تيارات الشعب، وبذلك سوف يظل لهم دور سياسي. هذا الكلام ينطبق أيضا على حكام الإمارات.
لماذا إذن يرفضون الإصلاح؟ هل هو هوس السلطة والسيطرة؟
أم هم يطبقون أجندة تسمى النظام العالمي الجديد؟