اللغة التخارية
اللغة التخارية Tocharian هي لغة هندو-أوروبية Indo-European، ولكنها تختلف على نحو فاقع عن اللغات الهندو-الإيرانية. على سبيل المثال، هذه اللغة تخلو من خاصية “التستيم” satemization المميزة للغات الهندو-الإيرانية واللغات القريبة منها.
المقصود بالتستيم هو تغوير palatalization أو تقديم fronting بعض أصوات الصحة الطبقية velar consonants الموروثة من اللغة الهندو-أوروبية البدائية Proto-Indo-European (راجع المقالات المعنونة باسم الأصوات البشرية للمزيد من المعلومات حول المصطلحات الصوتية). المثال الشهير هو كلمة *ḱm̩tom الهندو-أوروبية التي تعني “مئة”. هذه الكلمة تحولت في اللغة اللاتينية إلى centum (تلفظ /kentum/)، وفي اللغة الإيرانية الأبستاقية Avestan تحولت إلى satəm. الصوت الأول في الكلمة اللاتينية حافظ على موقعه الطبقي velar، ولكنه في الكلمة الإيرانية تقدم نحو غار الحنك hard palate. كلمة “تستيم” satemization هي مشتقة من كلمة satəm الإيرانية.
في اللغة التخارية B كلمة “مئة” هي هكذا kante، أي أنها لا تبدي التستيم.
الخريطة التالية تبين انتشار خاصية التستيم في اللغات الهندو-الأوروبية:

في القرن 19 كان الباحثون يعتمدون على انتشار خاصية التستيم بهدف تصنيف اللغات الهندو-أوروبية ضمن شجرة تكوينية (جينية genetic). هم مثلا كانوا يعتبرون أن جميع اللغات التي تحوي التستيم هي متحدرة من أصل مشترك. حاليا الباحثون يعتقدون أن خاصية التستيم هي ظاهرة موجية wave phenomenon انتقلت عبر اللغات الهندو-أوروبية المختلفة بالانتشار المناطقي areal spread.
توزع خاصية التستيم يدل على أنها ظهرت في وسط العالم الهندو-أوروبي وانتشرت بشكل موجي نحو الأطراف. لهذا السبب هي غير موجودة في اللغات الهندو-أوروبية الطرفية (اللغات التي انفصلت عن اللغة الأم في زمن أبكر).
بعض الباحثين (السطحيين) يظنون أن غياب التستيم في اللغة التخارية هو دليل على أن أصحاب هذه اللغة كانوا يعيشون أصلا في غرب العالم الهندو-أوروبي ولكنهم هاجروا لاحقا نحو أقصى الشرق. هذه الفرضية هي غير ضرورية إذا افترضنا أن التستيم ظهر في وسط العالم الهندو-أوروبي وانتشر نحو الأطراف. التخاريون هم ببساطة يعيشون على الطرف الشرقي للعالم الهندو-أوروبي منذ البداية، ولهذا السبب خاصية التستيم لم تصلهم.
هناك باحثون يزعمون أن أقرب لغة إلى اللغة التخارية هي اللغة الحتية Hittite (ونحوها من اللغات الهندو-أوروبية التي كانت محكية في الأناضول في عصر البرونز). هم يطرحون دليلين أساسيين على العلاقة المزعومة بين اللغة التخارية واللغات الأناضولية، الدليل الأول هو غياب خاصية التستيم في كل هذه اللغات، والدليل الثاني هو التشابه في المفردات. بناء على العلاقة المزعومة بين اللغة التخارية واللغات الأناضولية هناك نظريات تزعم بأن التخاريين هاجروا نحو الشرق من الأناضول أو أرمينيا.
التشابه بين اللغة التخارية واللغات الأناضولية يعود على الأغلب إلى كون هذه اللغات انفصلت باكرا عن اللغة الهندو-أوروبية الأم، وبالتالي هي أصبحت على أطراف العالم الهندو-أوروبي وبعيدة عن تأثير الظواهر الموجية التي ظهرت لاحقا. هذا التفسير هو أبسط وأكثر منطقية من النظريات التي تتحدث عن هجرات تخارية لا دليل عليها من الغرب إلى الشرق.