نشر موقع دبكا الإسرائيلي مقالا حول العلاقات الإيرانية-الإماراتية. أنا لم أكن متابعا لهذه القضية والمقال نبهني إلى أمور لافتة.
حسب المقال فإن هناك مفاوضات جارية بين إيران والإمارات بهدف حل قضية الجزر الإماراتية المحتلة.
على ما يبدو فإن إيران قررت إعادة الجزر للإمارات، ولكنها ستحتفظ بالسيادة على قواعدها العسكرية في الجزر.
هذا الموقف حصيف. الجزر هي صغيرة جدا وليس لها أية فائدة سوى قيمتها العسكرية. إذا احتفظت إيران بقواعدها العسكرية في الجزر فعندها لن تكون هناك أية خسارة من إعادتها للإمارات. إيران تملك جزرا أخرى في نفس المنطقة.
إعادة الجزر للإمارات ستؤدي لتطبيع العلاقات بين إيران والإمارات، وهذا مكسب استراتيجي لإيران.
بعد حل قضية الجزر سوف يتفرغ حكام دولة الإمارات لتحرير خور العديد الذي يحتله آل سعود.
المشكلة لن تعود إيرانية-إماراتية ولكنها ستصبح سعودية-إماراتية.
علاقات الإمارات مع آل سعود سوف تتدهور، والإماراتيون سيسعون بطبيعة الحال للاستفادة من إيران لدعم موقفهم ضد آل سعود.
هذا سيؤدي إلى خلق تحالف إيراني-إماراتي ضد آل سعود، أي عكس الوضع الحالي.
بالنسبة لسلطنة عمان فهي أصلا ليست معادية لإيران، وهناك علاقات عادية بين الجانبين.
العمانيون بالمناسبة ليسوا مغرمين جدا بآل سعود، وذلك لسبب بسيط (جدا) هو أن دولة آل سعود الوهابية تحكم على غالبية العمانيين بالكفر.
المذهب الشائع في عمان هو المذهب الإباضي. الوهابيون يعتبرون أتباع هذا المذهب كفارا (مثل الشيعة والعلويين والدروز والصوفيين إلخ).
المذهب الإباضي هو متحدر من المذهب الذي يسمى مذهب “الخوارج”. هذا المذهب حسب علمي هو أقدم المذاهب الإسلامية.
مذهب الخوارج نشأ بعد معركة صفين التي وقعت في عام 657 ميلادي. الخوارج هم في الأصل ناس مؤمنون استاؤوا مما قام به علي بن أبي طالب في معركة صفين. هم شعروا أن علي بن أبي طالب تخلى عن حكم الشرع ودخل في لعبة المساومات السياسية والبيع والشراء. بالنسبة لهم الحرب ضد معاوية كانت جهادا في سبيل الله ولم تكن لعبة سياسية. لهذا السبب هم تمردوا على علي بن أبي طالب ورفعوا شعارهم المعروف “لا حكم إلا لله”.
انشقاق الخوارج عن علي بن أبي طالب كان بداية النهاية لحكمه.
مذهب الخوارج انقرض من العالم الإسلامي ولم يبق موجودا إلا في سلطنة عمان (ويقال أيضا في المغرب العربي على ما أذكر).
المذهب الشيعي نشأ في العصر الأموي ولم يأخذ شكله النهائي إلا في العصر العباسي. المذهب السني نشأ في العصر العباسي. إذن مذهب الخوارج هو أقدم المذاهب الإسلامية الموجودة حاليا.
المهم هو أن الوهابيين يكفرون غالبية العمانيين، وبالتالي العمانيون يجب أن يتوجسوا من دولة آل سعود.
من الممكن في أي وقت مستقبلا أن يقوم آل سعود بشن حرب إبادة ضد العمانيين كما فعلوا ضد الصوفيين والشيعة وغيرهم.
ربما يكون هذا أحد الأسباب التي جعلت سلطنة عمان تنأى بنفسها عن الحرب ضد الشيعة التي أعلنها آل سعود.
سلطنة عمان ودولة الإمارات هما أكبر دولتين في مجلس التعاون الخليجي. بقية أعضاء مجلس التعاون الخليجي هم دويلات ميكروسكوبية صغيرة.
إذا انحازت الإمارات وسلطنة عمان إلى إيران ضد آل سعود فهذا يعني أن آل سعود سيصبحون لوحدهم ولن يبقى معهم أحد في المنطقة.
حتى قطر والكويت سيتخلون عن الموقف السلبي تجاه إيران.
آل سعود سيصبحون في عزلة حقيقية.
هذا الكلام يقوله الآن الأميركان وموقع دبكا، ولكنني كنت قد أشرت إليه قبل وقت طويل عندما قلت أن سياسة آل سعود تؤدي إلى عزلهم في المنطقة وأنهم في النهاية سيصبحون مثل إسرائيل.
ما قلته أصبح حقيقة. الآن آل سعود هم معزولون ولا يوجد لهم أي حليف في المنطقة سوى إسرائيل.
أولاً- السعودية تخاف كثيراً من أي تقارب بين أحد في المنطقة..
كان هناك مشروع ضخم لربط البحرين بقطر بجسر كبير (مثلما تم ربط البحرين بالسعودية بجسر موّلته السعودية)، فقامت الدنيا على هذا المشروع، وضغطت السعودية من أجل إيقاف التصاميم الأولية، وانصاعن البحرين (طبعاً) لإيقاف المشروع أو تجميده مؤقتاً.. فالمشروع له جزء ثاني وهو ربط قطر بالامارات أيضاً بدون المرور بالسعودية، وهذا يعني أن السعودية ستخرج من المعادلة مما أثار غضبها..
ثانياً- التطبيع بين إيران والامارات لم يتوقف، اقتصادياً على الأقل، فالامارت تتعامل بذكاء، فعلى سبيل المثال البنوك الإيرانية لم تتوقف ولم تُغلق في الامارات رغم الضغوط الأمريكية، وتم استبدال ذلك بالمراقبة. ومن جهة أخرى، نرى التجار والعاملين الإيرانيين موجودين بكثرة (خصوصاً في دبي)..
ثالثاً- سمعت على الـ BBC، أن هناك انتقادات لوزير الخارجية الإيراني ظريف على تصريح له: أن إيران مستعدة للتفاوض على جزيرة أبو موسى، وهذا تنازل كبير، كما أشار هاني، بالنسبة لبلد عنيد ومفاوض شديد..