ليس من المعقول أن ترسل روسيا قوات برية إلى خارج الساحل السوري

قرأت عدة مرات مقارنة بين التدخل الروسي في سورية والتدخل السوفييتي في أفغانستان.

التدخل الروسي في الساحل السوري لم يفاجئني، ولكن لو تحركت القوات الروسية إلى خارج الساحل السوري فهذه سوف تكون مفاجأة بالنسبة لي. هي ستكون بالفعل تكرارا للسيناريو السوفييتي.

الساحل السوري هو منطقة صديقة للروس. إرسال قوات روسية إلى هناك ليس فيه خطورة. هذا الأمر هو أيضا مبرر من الناحية الأخلاقية والسياسية.

من ينتقدون التدخل الروسي في الساحل يتجاهلون ما جرى على الأرض خلال الأشهر الماضية.

العصابات الإرهابية لديها نوايا باقتحام الساحل السوري. هذه العصابات كانت (وما زالت) ترفع شعار محاربة بشار الأسد، ولكن مخططها الحقيقي هو اقتحام الساحل السوري والتنكيل بالعلويين. في الوقت الحالي محاربة بشار الأسد هي هدف ثانوي لدى الإرهابيين. هدفهم الأساسي هو تطهير الشيعة والعلويين.

خلال الأشهر الماضية هذه العصابات سيطرت على جسر الشغور وسهل الغاب وباتت تهدد الساحل السوري. أيضا هذه العصابات زادت من عدوانيتها تجاه القرى الشيعية المحاصرة (التي يسميها إعلام المعارضة بالقرى الإيرانية).

بشار الأسد هو ليس راغبا في الدفاع عن الساحل بشكل جدي. بالنسبة له قضية الساحل هي مثل قضية حلب. هو فعليا منسحب من الساحل. ما يهم بشار الأسد هو القتال دفاعا عن كرسيه في دمشق. الدفاع عن الكرسي في دمشق هو الحرب الحقيقية بالنسبة لبشار الأسد، وأما حرب الساحل فهذه حرب ثانوية.

أنا كتبت سابقا أن وصول الإرهابيين إلى الساحل يفيد بشار الأسد ولا يضره، لأن هذا الأمر يبرر له قمع المعارضة في الساحل، كما أنه يظهر بشار الأسد أمام الرأي العام المحلي والدولي بمظهر المدافع عن العلويين. بالإضافة إلى ذلك هذا الأمر يبرر التدخل الخارجي في الساحل، وبشار الأسد له مصلحة في هذا التدخل إذا كان من جهة روسيا أو إيران.

من أتى بالقوات الروسية إلى سورية هو من أوعز للإرهابيين بمهاجمة الساحل. أنا في هذه المدونة كتبت مرات عديدة أن مجيء قوات أجنبية إلى الساحل هو أمر وارد في حال كان هناك تهديد للعلويين (أنا لم أحصر احتمال التدخل في روسيا. التدخل الخارجي كان سيحصل من أية جهة. لو لم تكن روسيا هي المتدخلة لكانت ربما فرنسا أو أميركا. ما رجح كفة التدخل الروسي هو أن بشار الأسد احتفظ بسلطته على العلويين. لو أن العلويين خلعوا بشار الأسد لكان التدخل أتى من الدول الغربية).

ليس من المعقول أن يكتفي المجتمع الدولي بالتفرج على العلويين وهم يحاربون الإرهابيين دون أن يمد لهم يد المساعدة. أميركا لم تكتف بالتفرج على حلفائها الأكراد ولكنها تدخلت عسكريا لدعمهم. أيضا روسيا لن تكتفي بالتفرج على حلفائها العلويين.

الحرب ضد الإرهابيين هي حرب دولية بامتياز. ليس صحيحا أن هذا نزاع داخلي سوري. الإرهاب هو تهديد لكل دول العالم، وخاصة الكبرى منها. ليس من المفاجئ أن تتدخل الدول الكبرى في هذه الحرب.

المعارضة السورية ارتكبت العديد من الأخطاء، ولكن خطأها الأكبر (الذي هو خطأ استراتيجي مميت) كان رهانها على الإرهاب.

كان يجب على المعارضة أن تنأى بنفسها منذ البداية عن الإرهاب وأن تأخذ موقفا حازما ضد الإرهاب. هذا لم يحصل. بدلا من ذلك المعارضة السورية راهنت على الإرهاب.

أقل ما يقال في الرهان على الإرهاب هو أنه حماقة. هذا الأمر جعل المعارضة السورية في صدام مع دول العالم الكبرى وليس فقط مع بشار الأسد. حاليا روسيا وأميركا هما كلتاهما ضد المعارضة السورية بسبب تحالفها مع الإرهاب.

الانتقادات الأميركية للتدخل الروسي في سورية هي مجرد مناكفة سياسية دولية. الأميركان هم ليسوا ضد مبدأ التدخل الخارجي في سورية. الأميركان أصلا هم متدخلون في سورية تحت عنوان التحالف الدولي. ما يخشاه الأميركان هو أن تقوم روسيا بشن حملة قصف ضد الإرهابيين دون التنسيق مع التحالف الذي تقوده أميركا. الخلاف بين أميركا وروسيا لا يتعلق بضرورة قصف الإرهابيين. الجانبان هما متفقان على أن الإرهابيين يجب أن يقصفوا.

هناك خلاف بين أميركا وروسيا حول تهديد هوية الإرهابيين الذين يستحقون القصف. أظن أن أميركا وروسيا تتفقان على أن جيش الفتح هو ليس جهة معتدلة، ولكن أميركا لا تؤيد قصف هذا التنظيم، في حين أن روسيا تؤيد ذلك. هل سيقوم الطيران الروسي لاحقا بشن غارات ضد جيش الفتح؟ من الناحية النظرية هذا يمكن أن يحصل، خاصة لو تورط جيش الفتح في أعمال إجرامية صريحة وواضحة.

على سبيل المثال، لو تمكن الإرهابيون من اقتحام الفوعة فهذا سيكون مبررا ممتازا لروسيا لكي تشرع في حملة قصف جوي ضدهم.

أنا شخصيا أرى أن قصف الإرهابيين الذين يحاصرون القرى الشيعية يجب أن يبدأ منذ الآن. لا يجوز الانتظار إلى أن يتمكن الإرهابيون من اقتحام هذه القرى. لا بد من البدء بقصفهم الآن. لا بد من فتح ممرات آمنة إلى هذه القرى وإنهاء الحصار المفروض عليها منذ سنوات.

المعارضة السورية وداعموها هم ليسوا راغبين في إننهاء حصار القرى الشيعية. هم ربما يتفقون مع الإرهابيين في أن هذه القرى إيرانية. طالما أن هذا هو موقفهم فيجب على روسيا أن تتدخل لإنهاء المأساة.

5 آراء حول “ليس من المعقول أن ترسل روسيا قوات برية إلى خارج الساحل السوري

  1. حي الوعر الحمصي محاصر من الميليشيات الطائفية العلوية والشيعية ( حي المزرعة الملاصق للوعر حي شيعي ) من عام ٢٠١٢ ووهو يقصف بالبرميل المتفجرة ولا يسمح بدخول الطعام والدواء فيه نصف مليون حمصي اي عشر اضعاف الشيعة المحاصرون بالفوعة،
    الم يحرك هذا الحصار انسانيتك وتكتب عنهم مانك شايف غير الشيعة المظلومين ، ثلاث سنوات حصار لحي الوعر مافيها شئ ،ولكن ثلاثين الف شيعي بالفوعة تبرر تدخل دولي .
    السنة لهم الله يدافع عنهم بكرة بروحوا لعند ميركل بلكي بلاقوا قلب حنون يداوي جراحهم

    • بدلا من الحروب العبثية ضد الشيعة والعلويين كان يجب على الإرهابيين التوجه جنوبا نحو المناطق المحاصرة في حمص، ولكن الوصول إلى هذه المناطق هو ليس أولوية لديهم.

  2. هدول الارهابيين المو عاجبينك بدهم يدوسو على راس الاسد ويلي بيدعمه شو ما كان اسمه ايران او روسيا ،بلاد الشام كانت وستبقى للمسلمين .
    اذا ما حاربوا الشيعة والعلويين مين بدك ياهم يحاربوا لكن ، الهندوس 🙂

أضف تعليق