الفراغ (4)

الفراغ الفيزيائي

ظهور مفهوم الفضاءات غير الإقليدية في القرن 19 جعل الفيزيائيين يسألون أنفسهم السؤال التالي: هل الفراغ الفيزيائي (الفراغ الذي يحوي الكون) هو فراغ إقليدي أم غير إقليدي؟

يقال أن عالم الفيزياء الشهير Carl Gauss حاول أن يجري تجربة عملية للإجابة على هذا السؤال عبر قياس زوايا مثلث هائل يمتد بين النجوم، ولكنه على ما يبدو لم يصل إلى نتيجة. الفيزيائي الفرنسي Henri Poincaré اعتبر أن مثل هذه التجارب هي عبث وأن البشر لا يمكنهم أبدا أن يعرفوا حقيقة الفراغ الكوني.

نظرة الفيزيائيين للفراغ تغيرت كثيرا في القرن العشرين. نظرية النسبية التي جاء بها أينشتاين تفترض أن الفراغ الكوني الذي نعيش فيه هو فضاء رباعي الأبعاد، وهو ليس فضاء إقليديا، بمعنى أن أبعاده ليست مستقيمة ولكنها منحنية.

بينا في المقال السابق أن “الفضاء رباعي الأبعاد” هو عبارة عن تجمع لعدد لا متناه من الفضاءات ثلاثية الأبعاد المتوازية مع بعضها، وبينا أن “البعد الرابع” هو البعد الذي يحوي هذه الفضاءات ثلاثية الأبعاد المتوازية. بعض الباحثين في بداية القرن العشرين شعروا بأن مفهوم الزمن في الفيزياء يشبه مفهوم البعد الرابع في الهندسة، ولهذا السبب هم قرروا اعتبار الزمن بعدا رابعا للفراغ الكوني إلى جانب الأبعاد الثلاثة التقليدية.

سأضرب مثالا: لنفرض أن الفراغ الكوني هو مجرد غرفة صغيرة أقف أنا بداخلها. الغرفة لها ثلاثة أبعاد هندسية هي الطول والعرض والارتفاع. لو نظرنا إلى الغرفة عند لحظة زمنية معينة (لنسميها t1) فسنجد أنني أقف في مكان معين من الغرفة، ولو نظرنا إلى الغرفة في لحظة زمنية أخرى (لنسميها t2) فسنجد أنني قد تحركت من مكاني وانتقلت إلى مكان جديد.

الغرفة التي رأيناها في t1 هي نفس الغرفة التي رأيناها في t2، ولكن موقع الجسم الموجود في الغرفة (الذي هو أنا) تغير بين اللحظتين. لو تخيلنا أن الزمن هو “بعد رابع” للغرفة فيمكننا أن نتخيل أن هناك غرفتين وليس غرفة واحدة، ولكن هاتين الغرفتين هما جزء من فراغ واحد “رباعي الأبعاد”.

في الفراغ رباعي الأبعاد هناك عدد لا نهائي من الغرف المتوازية المرتصة بجوار بعضها على نحو لا يمكننا أن نتصوره. كل غرفة من هذه الغرف تعبر عن لحظة زمنية معينة، بمعنى أننا لو نظرنا في الغرفة t1 فسنجد أنني أقف في مكان معين، ولو نظرنا في الغرفة t2 فسنجد أنني أقف في مكان آخر، وهكذا.

اعتبار الكون الفيزيائي كونا رباعي الأبعاد يعني أننا صرنا نعتقد بوجود عدد لا نهائي من الأكوان ثلاثية الأبعاد المتوازية والمرتصة بجوار بعضها في البعد الرابع، الذي هو الزمن وفق طرح الفيزيائيين.

نحن لا نملك القدرة على الإدراك رباعي الأبعاد، ولهذا السبب نحن لا نستطيع أن ندرك أكثر من كون ثلاثي الأبعاد في لحظة زمنية واحدة. لو فرضنا أن هناك كائنا يملك القدرة على الإدراك رباعي الأبعاد فهذا الكائن سيكون قادرا على رؤية العديد من الأكوان ثلاثية الأبعاد التي تقع في لحظات زمنية مختلفة. بالنسبة لهذا الكائن الماضي والحاضر والمستقبل هي مجرد أجزاء من صورة واحدة.

فكرة “الإدراك رباعي الأبعاد” هي مجرد طرح فلسفي لا علاقة له بالفيزياء. صحيح أن الفيزيائيين حاليا يتعاملون مع الكون على أنه مكون من أربعة أبعاد، ولكن فكرة “الإدراك رباعي الأبعاد” هي مجرد فكرة غيبية لا يوجد دليل على حقيقتها، وبالتالي هذه الفكرة هي ليست متداولة في الفيزياء حسب علمي.

الفيزيائيون يطلقون على الكون رباعي الأبعاد مسمى spacetime (الفراغ-الزمن). تمثيل الـ spacetime على الورق أو بواسطة مجسمات هو أمر غير ممكن. الفيزيائيون يمثلون الـ spacetime عادة بواسطة أشكال ثنائية أو ثلاثية الأبعاد بهدف تسهيل الدراسة.

الشكل أعلاه هو شكل ثلاثي الأبعاد يمثل الـ spacetime. البعد العمودي في هذا الشكل يعبر عن الزمن، بمعنى أن الصعود للأعلى هو انتقال نحو المستقبل، والنزول للأسفل هو عودة إلى الماضي. الأبعاد الأفقية في الشكل تعبر عن الفراغ بمعناه التقليدي، ولكن بدلا من الأبعاد الثلاثة هناك بعدان فقط.

هذا الشكل لا يعبر عن حقيقة الـ spacetime ولكنه مجرد محاولة لتمثيله على الورق.

النسبية العامة

حسب نظرية النسبية العامة general relativity فإن الـ spacetime هو ليس فراغا إقليديا، لأن بعض مناطق الـ spacetime هي منحنية وليست مستقيمة.

لكي نفهم معنى هذا الكلام لا بد أن نتحدث أولا عن مفهوم الـ inertia.

كلمة inertia لها عدة ترجمات عربية، وجميع هذه الترجمات هي ليست دقيقة. المعنى الحرفي لهذه الكلمة بالإنكليزية هو “lack of skill” أو “inactivity“.

المقصود بالـ inertia هو باختصار مقاومة المادة لتغيير سرعتها.

كل جسم مادي في الكون له سرعة. السرعة في الفيزياء هي كمية ذات اتجاه vector، بمعنى أننا لكي نحدد سرعة جسم بشكل كامل لا بد أن نذكر الاتجاه الذي يتحرك فيه.

Galileo هو أول من أدرك مفهوم الـ inertia. المشعوذ اليوناني أرسطو لم يكن يعرف هذا المفهوم. أرسطو كان يزعم أن هناك قوة مسؤولة عن تحريك كل جسم متحرك. Galileo لاحظ أن هذا الكلام هو غير صحيح. الأجسام المتحركة ليست بحاجة لقوة لكي تحركها طالما أنها تتحرك بسرعة ثابتة. القوة هي ضرورية لشيء واحد هو تغيير السرعة أو ما يسمى بالتسارع acceleration.

أصلا مفهوم السرعة هو مجرد مفهوم نسبي. لو كنت راكبا في سيارة تسير بسرعة 100 كم/س وفي جواري سيارة أخرى تسير بنفس السرعة فإنني سأراها ثابتة. أيضا ركاب تلك السيارة سيرون سيارتي ثابتة. ولكن الناس الذين على جانبي الطريق سيرون أن كلتي السيارتين تتحركان بسرعة 100 كم/س في اتجاه الأمام. إذن مفهوم السرعة هو مفهوم نسبي ويعتمد على سرعة الشخص الذي يقيس السرعة.

لا يمكننا أن نحدد سرعة أي جسم إلا بالاعتماد على جسم آخر. لو فرضنا أن هناك جسما وحيدا في الفراغ فإننا لن نستطيع أن نحدد سرعته، ولن نستطيع حتى أن نحدد ما إذا كان متحركا أم لا. في مثل هذه الحالة مفهوم الحركة لن يكون له معنى.

Isaac Newton كان له رأي آخر، لأنه كان يؤمن بمفهوم السرعة المطلقة أو الحركة المطلقة.

Newton طرح دليلا شهيرا على وجود الحركة المطلقة هو ما يسمى بأطروحة الدلو bucket argument. هذه الأطروحة تستند على مفهوم القوة الطاردة المركزية centrifugal force.

لو أنني أمسكت حبلا في نهايته كرة وبدأت بالدوران حول نفسي وأنا أمسك بطرف الحبل، فما الذي سيحدث للحبل والكرة؟

ما سيحدث هو أن الحبل سيصبح مشدودا. السبب هو وجود القوة الطاردة المركزية centrifugal force.

القوة الطاردة المركزية هي رد فعل على قوة أخرى هي القوة الجاذبة المركزية centripetal force. القوة الجاذبة المركزية هي المسؤولة عن إبقاء الكرة في المسار الدائري.

Newton صاغ قانونا يتعلق بمفهوم الـ inertia ينص على ما يلي: كل جسم مادي يقاوم تغيير مقدار أو اتجاه سرعته. المعنى هو أن كل جسم مادي يسعى دائما للسير في خط مستقيم. لكي نغير اتجاه حركة أي جسم لا بد من أن نؤثر عليه بقوة.

بناء على هذا القانون فإن الحركة الدائرية هي ليست inertial، بمعنى أنها لا تتوافق مع مفهوم الـ inertia. لكي يتحرك الجسم في مسار دائري لا بد أن يخضع بشكل دائم لتأثير قوة جاذبة مركزية centripetal force تقوم بتغيير اتجاه حركته عند كل نقطة في مساره.

قانون Newton الثالث للحركة ينص على أن كل قوة فعل تقابلها قوة رد فعل. الكرة التي في مثالنا تتعرض لقوة جاذبة مركزية مصدرها الحبل المربوط بها والذي أمسكه بيدي. الكرة بدورها تؤثر على الحبل بقوة معاكسة هي القوة الطاردة المركزية centrifugal force. هذه القوة هي سبب الشد نحو الخارج الموجود في الحبل.

Newton ذكر الأطروحة التالية: لنفرض أننا ملئنا دلوا بالماء، وعلقنا الدلو بحبل، وفتلنا الحبل والدلو بشدة، ثم أرخينا الحبل والدلو.

ما سيحدث هو أن الدلو سوف يدور حول نفسه لفترة من الزمن. في البداية ستكون سرعة دوران الدلو كبيرة، ثم ستتناقص تدريجيا إلى أن يتوقف عن الدوران.

الماء الذي في الدلو سيتصرف على نحو مختلف. في البداية سطح الماء سوف يكون مستويا، ولكن بعد مرور بعض الوقت سوف يبدأ سطح الماء بالتقعر، بمعنى أن الماء سوف يصعد للأعلى عند جدران الدلو.

تقعر سطح الماء سببه القوة الطاردة المركزية centrifugal force الناتجة عن دوران الماء.

ما يلفت الانتباه هو حالة الماء عند بداية دوران الدلو. في هذه الحالة كانت جدران الدلو تدور بسرعة كبيرة، ولكن سطح الماء كان مستويا.

حسب مبدأ نسبية الحركة فإن دوران جدران الدلو يجب أن يؤدي بالضرورة إلى دوران الماء في اتجاه معاكس لاتجاه دوران جدران الدلو. لو فرضنا أن هناك نملة صغيرة جالسة على جدران الدلو عند بداية دورانه، ولو فرضنا أن هذه النملة لا ترى شيئا من العالم سوى الماء الموجود في الدلو، فإن هذه النملة سوف تعتقد أن الماء الذي في الدلو هو الذي يدور، رغم أن ما يدور في الحقيقة هو جدران الدلو وليس الماء.

النملة سترى شيئا ملفتا للغاية. هي ستشاهد أن الماء يدور بسرعة كبيرة، ولكن سطح الماء رغم ذلك هو مسطح وليس مقعرا، أي أن الماء يدور بسرعة ولكن دون أن تتولد فيه القوة الطاردة المركزية.

كيف نفسر هذا الخرق لقوانين الميكانيك؟

حسب Newton فإن التفسير هو كما يلي: هناك فرق بين الحركة النسبية والحركة المطلقة. حركة الماء التي شاهدتها النملة هي مجرد حركة نسبية بالنسبة لجدران الدلو، وأما حركة الماء اللاحقة فهي حركة مطلقة. الحركة النسبية هي ليست حركة حقيقية في الفراغ المطلق، وأما الحركة المطلقة فهي حركة حقيقية في الفراغ المطلق. الحركة الحقيقية في الفراغ المطلق هي فقط التي تؤدي لتوليد القوة الطاردة المركزية.

بناء على أطروحة الدلو هذه فإن الفيزيائيين كانوا حتى بداية القرن العشرين يعتقدون بوجود الفراغ المطلق والحركة المطلقة.

مبدأ Mach

أول من رد على أطروحة الدلو التي قدمها Newton هو النمساوي Ernst Mach في نهاية القرن 19.

Mach رفض الطريقة التي فسر بها Newton حركة ماء الدلو.

حسب Mach فإن حركة ماء الدلو التي تؤدي لتقعر سطحه والتي اعتبرها Newton حركة في “الفراغ المطلق” هي أيضا حركة نسبية، ولكنها حركة بالنسبة للكون بشكل عام.

Newton تجاهل وجود النجوم والمجرات وغير ذلك من الأجسام المادية في الكون. بالنسبة لـ Mach فإن “الحركة المطلقة” التي تحدث عنها Newton هي في الحقيقة حركة بالنسبة للنجوم والمجرات والكون بشكل عام.

الحركة الأولى لماء الدلو (التي شاهدتها النملة) هي حركة بالنسبة لجدران الدلو. الحركة الثانية (التي اعتبرها Newton حركة في الفراغ المطلق) هي حركة بالنسبة للكون بشكل عام. بما أن كتلة الكون هي أكبر بكثير من كتلة جدران الدلو فليس من الغريب أن الحركة الأولى لم تؤد لتوليد قوة طاردة مركزية ذات شأن.

Mach قال أننا لو زدنا سماكة جدران الدلو بشكل كبير جدا فإن حركة الماء بالنسبة لجدران الدلو ربما تؤدي أيضا إلى تقعر سطح الماء.

أينشتاين

ألبرت أينشتاين تأثر كثيرا بطروحات Mach. طروحات Mach في جوهرها تؤدي إلى تعديل مفهوم الـ inertia الذي طرحه Galileo و Newton. حسب طروحات Mach فإن الـ inertia ربما لا تكون نابعة من الأجسام المادية ذاتها، ولكنها ربما تكون مرتبطة بقوة الجاذبية gravitation التي تحدث عنها Newton.

المقصود باختصار هو ما يلي: السبب الذي يجعل الأجسام تسير بسرعة ثابتة وفي خط مستقيم ربما لا يكون نابعا من الأجسام ذاتها، ولكنه ربما يكون نابعا من الكتلة العامة للكون. النجوم والمجرات وغير ذلك من الأجسام المادية الضخمة التي تحيط بنا من كل الاتجاهات ربما تكون هي المؤثر الذي يؤثر في الأجسام المادية ويكسبها خاصية الـ inertia.

أينشتاين أطلق على هذه النظرية مسمى Mach’s principle (مبدأ Mach). هذه النظرية هي الأساس الذي انطلق منه أينشتاين ووصل إلى نظرية النسبية العامة.

طبعا أنا أحاول أن أختصر قدر الإمكان. لو أنني أردت أن أتحدث في هذا الموضوع بالتفصيل فإنني سأغرق في بحر كبير.

مبدأ التكافؤ

مبدأ Mach له نتيجة مهمة وهي أنه يقوض مفهوم الفراغ المطلق والحركة المطلقة اللذان تحدث عنهما Newton.

مبدأ Mach يتوافق مع الفكرة القائلة بأن كل الحركات في الكون هي حركات نسبية.

أينشتاين انطلق من هذه الفكرة وتوصل إلى مبدأ أطلق عليه مسمى “مبدأ التكافؤ” equivalence principle.

أنا لن أشرح هذا المبدأ باللغة التي يشرح بها عادة ولكنني سأشرحه بلغتي الخاصة لكي أجعله سهل الفهم. هذا المبدأ ينص باختصار على تجاهل قوة الجاذبية gravitation التي تحدث عنها Newton.

حسب قوانين Newton فإن تغيير سرعة أي جسم يتطلب التأثير عليه بقوة.

عندما يقترب جسم مادي صغير من جسم مادي كبير جدا (مثلا كوكب أو نجم) فإن هذا يؤدي لتسارع الجسم الصغير باتجاه الجسم الكبير. المعنى هو أن الجسم الصغير يكتسب سرعة متزايدة باطراد باتجاه الجسم الكبير.

Newton فسر هذه الظاهرة بفرضية الجاذبية gravitation. هو افترض أن هناك قوة تؤثر على الجسم الصغير وتجعله يتسارع باتجاه الجسم الكبير.

مبدأ التكافؤ الذي أتى به أينشتاين ينص على أن التسارع الناشئ من قوة الجاذبية gravitation لا يختلف عن أي تسارع آخر في الكون، بمعنى أن مبدأ التكافؤ يلغي التمييز بين التسارع الناشئ من التعرض لقوة الجاذبية وبين التسارع الناشئ من أي سبب آخر.

أينشتاين ينظر للتسارع على أنه شيء واحد مهما كان سببه. هو لا يرى دليلا على وجود فرق بين التسارع الناشئ من التعرض لقوة الجاذبية وبين التسارع الناشئ من أي سبب آخر.

Newton ربط بين قوة الجاذبية التي تؤدي للتسارع وبين كتل الأجسام المادية. إذا تجاهلنا قوة الجاذبية (كما فعل أينشتاين) فهذا يوصلنا إلى أن تسارع الأجسام الصغيرة باتجاه الأجسام الكبيرة ليس له علاقة بالكتل المادية لهذه الأجسام.

هذا الطرح هو طرح غريب، ولكن التجارب العملية أثبتت صحته.

التجارب العملية أثبتت أن أشعة الضوء تنحني عندما تمر بالقرب من أجسام مادية ضخمة (مثلا مجموعة من المجرات). انحناء أشعة الضوء يؤدي إلى ظاهرة فلكية غريبة تسمى “عدسة الجاذبية” gravitational lens.

انحناء الضوء القادم من مجرة بعيدة يجعلنا نرى المجرة في غير موقعها الحقيقي. في الحقيقة نحن سنرى نفس المجرة في عدة مواقع، ولكن هذا مجرد خداع بصري سببه انحناء أشعة الضوء.

نفس المجرة تظهر في أربعة مواقع مختلفة بسبب gravitational lensing

لماذا ينحني الضوء عندما يمر بالقرب من أجسام مادية ضخمة؟ هذا الأمر لا يمكن تفسيره وفق طروحات Newton. الضوء هو ليس جسما ماديا، بمعنى أن كتلته المادية هي صفر. المفترض حسب طروحات Newton ألا ينجذب الضوء نحو الأجسام المادية الضخمة.

أينشتاين قدم تفسيرا آخر للتسارع نحو الأجسام المادية الكبيرة. حسب أينشتاين فإن الـ spacetime ينحني بالقرب من الأجسام المادية الكبيرة.

أنا شرحت في المقال السابق معنى الفراغ المنحني، وضربت مثالا يتعلق بسطح الكرة الأرضية. الفراغ المنحني (حسب فهمي المتواضع) هو فضاء لا تستطيع أن تتحرك فيه في خط مستقيم.

عندما يمر الضوء بالقرب من أجسام مادية كبيرة فإنه ينحني لأن الفراغ في تلك المنطقة هو منحني.

الـ spacetime يشمل أيضا الزمن. انحناء الـ spacetime يؤثر أيضا على الزمن وليس فقط على الأبعاد الثلاثة التقليدية. حسب نظرية النسبية العامة فإن الاقتراب من الأجسام المادية الكبيرة يؤدي إلى تباطؤ الزمن. هذا يعني أن مقدار السرعة سيتأثر لأن السرعة هي حاصل قسمة المسافة على الزمن.

انحناء الـ spacetime بالقرب من الأجسام المادية الكبيرة يصور عادة برسومات من قبيل الرسومات التالية:

أنا أظن أن هذه الرسومات هي مجرد رسومات تبسيطية لا تعكس حقيقة الـ spacetime.

أنا لا أدعي أنني ملم بنظرية النسبية العامة بشكل كامل أو أنني أفهمها كما يجب، ولكن ما أفهمه من هذه النظرية هو أنها تصور الفراغ الكوني على أنه فراغ غير إقليدي، بمعنى أنه ينحني بالقرب من الكتل المادية الكبيرة.

أضف تعليق