نزع سلاح حزب الله يعني إسقاط اتفاق الطائف وربما إسقاط لبنان

 

ما يجري الآن في المنطقة هو تطبيق للنظرة الأميركية التي شرحتها عندما بدأت التدوين.

الأميركان لم يكونوا أبدا يريدون خوض حرب مع إيران، ولم يكونوا حتى يريدون منع إيران من تخصيب اليورانيوم.

كل ما أراده الأميركان هو حماية إسرائيل من إيران.

لحماية إسرائيل الأميركان يريدون نزع السلاح من المنطقة المحيطة بها.

المقصود أساسا هو سورية، وبالدرجة الثانية لبنان.

الآن هذا الأمر بدأ يتحقق.

نزع السلاح الكيماوي من سورية هو مقدمة لنزع كل الأسلحة الأخرى غير التقليدية.

طبعا الروس سوف يعوضون على السوريين بالأسلحة التقليدية (مصلحتهم هي أن يفعلوا ذلك لأسباب تجارية)، ولكن الأسلحة التقليدية لا تخيف إسرائيل.

الأسلحة التقليدية هي مكدسة لدى مصر والأردن وآل سعود. هذه الأسلحة ما كانت يوما تخيف إسرائيل.

الروس لن يسلحوا سورية بالأسلحة التقليدية إلى درجة تصبح فيها قادرة على هزيمة إسرائيل.

هزيمة إسرائيل بالأسلحة التقليدية هي أمر غير ممكن.

الطريقة الوحيدة لهزيمة إسرائيل هي بالصواريخ وحرب الاستنزاف والردع الكيماوي لمنع إسرائيل من استخدام الأسلحة المحرمة.

هذا السيناريو هو الذي كان يقلق الإسرائيليين. هم كانوا يعلمون أن النظام السوري يعد العدة لخوض حرب كبيرة ضدهم على طريقة حرب 2006 في لبنان.

الآن هذا السيناريو صار مستبعدا. سورية الآن ستصبح دولة نمطية كبقية الدول التابعة. لا يمكن الآن لسورية أن تخوض حربا غير تقليدية ضد إسرائيل.

بالتالي عمليا أميركا نجحت في تجريد سورية من السلاح، وبقي فقط حزب الله.

نزع سلاح حزب الله هو الآن أمر سهل. الأميركان سوف يطالبون بتكرار السابقة السورية في لبنان. هم سيطالبون حسن نصر الله بأن يخرج على الملأ ويعلن التخلي عن سلاحه كما فعل وليد المعلم قبل يومين.

هذا الأمر في رأيي سيحصل إن عاجلا أم آجلا. الإيرانيون سيضطرون للقبول بذلك وسيتم تحويل حزب الله إلى فصيل سياسي.

طبعا الإيرانيون سيطالبون بإعادة صياغة الدستور اللبناني لكي يحصلوا على نفوذ أكبر في السياسة اللبنانية، وحسن نصر الله كان يلمح بالفعل إلى هذا المطلب طوال الأشهر الماضية.

من الممكن أن يحصل خلاف بين الأميركان والإيرانيين حول تقاسم النفوذ في لبنان. لو حصل هذا الخلاف فمن الممكن أن تقوم أميركا بشن حرب ضد حزب الله لإجبار الإيرانيين على التنازل.

على الأغلب أن أميركا ستكرر السيناريو السوري في لبنان، لأن هذا السيناريو كان ناجحا. أنا أظن أن أميركا ستحشد أساطيلها قرب لبنان وستهدد بخوض حرب ضد حزب الله بالاشتراك مع إسرائيل وميليشيات سورية ولبنانية.

وقتها سيخرج حسن نصر الله على الإعلام وسيقول أنه يقبل بشروط أميركا وإسرائيل حقنا لدماء اللبنانيين ولثقته في حكمة القيادة الإيرانية.

في النهاية حزب الله سيتحول إلى فصيل سياسي كبير ومؤثر في الحياة اللبنانية، ولكن بعد نزع سلاحه ستتغير اهتماماته.

اهتمام حزب الله حاليا ينصب على الحرب مع إسرائيل، ولكن بعد نزع سلاحه بماذا سيهتم؟

هو سيرجع إلى جذوره، التي هي جذور إسلامية تتوافق مع فكر النظام الإيراني.

هذا الأمر سيخلق رد فعل لدى المسلمين السنة الذين سيبدؤون بالتصويت للفصائل الإسلامية، سواء الوهابية أم غير الوهابية.

في النهاية غالبية البرلمان اللبناني ستكون مكونة من هؤلاء الإسلاميين، والعلمانيون (الذين هم أساسا المسيحيون والدروز) سيكونون أقلية.

الكتلة الإسلامية ستكون ربما منقسمة على نفسها. من الممكن أن الإسرائيليين سيستمرون في تحريض السنة ضد الشيعة حتى بعد نزع سلاح الله، لأن مصلحة إسرائيل هي إلهاء هؤلاء الإسلاميين عن التفكير في قضية فلسطين.

الجو السياسي في لبنان سيكون بشعا. سوف يكون هناك صراع بين الإسلاميين والمسيحيين، وسوف هناك أيضا صراع بين الإسلاميين أنفسهم.

في مثل هذا الجو من الوارد أن يسعى المسيحيون في لبنان للتحالف سياسيا مع العلويين في سورية، وهو ما سيوصلنا في النهاية إلى خريطة الفوضى الخلاقة التي رسمها برنارد لويس.

هو تخيل قيام دولة مشتركة تضم العلويين والمسيحيين. هذا الافتراض مبني على أساس أن العلويين والمسيحيين يؤمنون بالعلمانية.

قدري جميل يتحدث عن الجهل

قدري جميل يتحدث عن الجهل:

http://syriasteps.com/?d=131&id=109596&in_main_page=1

الدكتور قدري جميل رأى أنّ : السياسات السابقة مُررت لأن هناك جهل عند البعض، وإتباع موضة عالمية في الاقتصاد، عند آخرين، حتى بتنا مثل (الرجل الذاهب إلى الحج، والناس راجعين)، فتجربة السياسات الاقتصادية الليبرالية الانفتاحية بعد أن أثبتت فشلها في كل الدول التي طبقت فيها، بُدأ تطبيقها في سورية،

 

قبل الحرب على سورية شاهدت قدري جميل ذات مرة يتحدث على قناة الدنيا.

هو كان يطالب بزيادة الأجور (كالعادة).

ما أذهلني وقتها هو التبرير الذي ساقه لمطلبه.

أنا لست مختصا بالاقتصاد، ولكنني رغم ذلك أدركت أنه يخبص تخبيصا بالغا ينم عن جهل بأبسط أسس علم الاقتصاد.

هو قال ما يلي (باختصار):

المستثمرون الأجانب يفضلون الاستثمار في الدول ذات مستوى الدخل المرتفع. لهذا السبب يجب على الحكومة السورية أن ترفع الأجور حتى يزداد دخل الناس وبالتالي تزداد الاستثمارات الأجنبية.

أنا صعقت عندما سمعت هذا الكلام، لأن الخبير الاقتصادي قدري جميل لا يعرف ما هي الطريقة التي تصنف فيها الدول على أساس مستوى الدخل.

لكي نحدد مستوى دخل المواطنين في دولة معينة يجب أن نقسم الناتج المحلي الإجمالي على عدد السكان. هذا يسمى GDP per capita.

هذا الرقم هو الذي يستخدم عند مقارنة الدول المختلفة من حيث مستوى الدخل.

قدري جميل يظن أن المقارنة تتم على أساس الحد الأدنى للأجور الذي تحدده الحكومة!

هذا هراء لم أسمع به في حياتي (إلا عند الاشتراكيين).

ارتفاع مستوى الأجور التي تدفعها الحكومة لا يدل على متانة الاقتصاد، بل على العكس هو ربما يكون مؤشرا سلبيا.

لو فرضنا أن الدولة فقيرة وإنتاجها ضئيل (كسورية مثلا) وفي نفس الوقت مستوى الأجور عال نسبيا، فماذا نستنتج؟

نستنتج أن هناك هدرا وتبذيرا وسوء إنفاق، أو باختصار نستنتج أن الدولة اشتراكية.

المثل الشعبي يقول “مد لحافك على قد رجليك”. هذا المثل صاغه الناس بفطرتهم التي يفتقد لها الاشتراكيون.

المستثمر الأجنبي لا يحبذ الاستثمار في دولة تتبع سياسات بعيدة عن الفطرة والعقل والمنطق.

الدول الاشتراكية هي ليست جاذبة للاستثمار الأجنبي، بل على العكس هذه الدول هي معروفة بأنها طاردة للاستثمار الأجنبي.

المستثمر الأجنبي عندما يرى أن الناتج الإجمالي صغير وفي نفس الوقت الأجور مرتفعة فهو سيستنتج أن هذه الدولة اشتراكية على شفير الإفلاس، وبالتالي هو سيهرب منها ولن يفكر في الاستثمار فيها.

قدري جميل لم يكن يفهم هذه المبادئ البسيطة التي هي مجرد معلومات عامة يجب أن يعرفها أي هاو للاقتصاد.

هذا الرجل هو الآن الخبير الاقتصادي للحكومة.

والمصيبة هي أنه يرمي الآخرين بالجهل.

لا مستقبل للنظام السوري

التحليل الذي يقوله المتحدث في هذا المقطع صحيح:

 

الطريق الذي اختاره النظام السوري هو نفس الطريق الذي سار فيه سابقا أنور السادات وياسر عرفات.

التنازل لأميركا وإسرائيل لم يحقق أية فائدة للدول التي أقدمت عليه. أين أصبحت مصر بعد أنور السادات؟ أين أصبحت القضية الفلسطينية بعد ياسر عرفات؟

الارتماء في أحضان إسرائيل ينقذ الأنظمة على المدى القصير، ولكنه يتسبب بوفاتها بعد ذلك.

أنا واثق من أن عمر النظام السوري قصير.

النظام السوري الآن لم يعد يملك أي شيء من قراره. هو مجرد دمية في يد الروس، وبالتالي عند تحليل سياسته يجب أن نفكر فيما يريده الروس.

الروس طبعا لا يسعون لتحرير فلسطين. ما يريده الروس هو تطبيق سيناريو شبيه بسيناريو أنور السادات.

هم في أحسن الأحوال سيسعون لإنجاز صفقة بين سورية وإسرائيل على غرار الصفقة التي تمت بين أنور السادات وإسرائيل، ولكن حتى هذا الأمر هو غير مضمون.

لو نجح هذا المسعى فإن سورية ستنضم إلى قائمة الدول العربية الدائرة في فلك إسرائيل (مصر، الأردن، آل سعود).

أنا لاحظت أن علاقات النظام السوري في الآونة الأخيرة كانت تتعزز مع سلطة محمود عباس ومع النظام المصري الجديد (الذي هو في الحقيقة إعادة إنتاج لنظام مبارك).

حتى لو لم تتم صفقة علنية بين سورية وإسرائيل فمن المؤكد أن الدور السابق “الداعم للمقاومة” سيتراجع كثيرا.

من المؤكد أن الإسرائيليين سيطلبون من روسيا أن تلجم النظام السوري عن دعم حركات المقاومة، والروس طبعا سيستجيبون، والنظام السوري لن يملك إلا أن يمتثل.

أنا لا أستطيع تخيل الوضعية التي سيكون فيها النظام السوري. هي ستكون وضعية أسوأ من الوضعية التي كان فيها قبل 2011.

في ذلك الوقت كان الناس يتهمونه بأنه لا يفعل شيئا لتحرير الجولان، ولكنه على الأقل كان يبني ترسانة صاروخية وكان يدعم حزب الله وحماس.

أما الآن فهو سيضطر للحد كثيرا من نشاطاته المعادية لإسرائيل.

معاداة إسرائيل ستقتصر على الكلام فقط، وفي حال نجحت الجهود الروسية سينضم النظام السوري إلى قائمة الأنظمة الدائرة في فلك إسرائيل.

هذا هو المسار الذي اختاره النظام السوري.

طبعا على المدى القصير الروس (والأميركان بشكل ضمني) سوف يساعدونه على هزيمة الإرهابيين واستعادة السيطرة على البلاد، ولكنهم سيفعلون ذلك لأنهم يعلمون أنه أصبح مجرد دمية في يدهم.

منذ البداية كنت أقول أن الأميركان ليسوا ضد النظام السوري لشخصه. هم ضده بسبب سلوكه. هذا ما كانوا يقولونه هم أنفسهم. الآن النظام السوري بدأ يغير سلوكه، وبالتالي الأميركان سوف يغيرون تعاملهم معه وسوف يسمحون له بالسيطرة على الكيان السوري مجددا.

هم يحتاجون إليه لكي يستكمل المسار الذي بدأ يسير فيه. التخلص من السلاح الكيماوي هو مجرد خطوة أولى، ولكن ما زالت هناك أمور عديدة يحتاج إليها الأميركان.

هم يريدون التخلص من الصواريخ ومن سلاح حزب الله.

طبعا النظام السوري الآن سيرفض مثل هذه الطروحات، ولكن المشكلة هي أن النظام لا يملك القرار. القرار هو عند الروس.

هل الروس يؤيدون بقاء سلاح حزب الله؟ الجواب هو لا، وحتى لو كانوا يؤيدون ذلك الآن فهم سيغيرون رأيهم في المستقبل عندما يتعرضون لضغوطات من الأميركان والإسرائيليين. كما عقدوا صفقة بالأمس حول السلاح الكيماوي فسيعقدون في المستقبل صفقة حول سلاح حزب الله.

بالتالي من المتوقع أن الروس في المستقبل سيضغطون على النظام السوري لكي يساعد في تجريد حزب الله من سلاحه.

باختصار النظام السوري انضم إلى نادي الأنظمة العربية الرجعية. هو سيصبح مجرد كلب حراسة لدى إسرائيل كالنظام الأردني وأمثاله.

السبب هو التبعية لروسيا. روسيا هي دولة من نادي الدول الكبرى، والدول الكبرى ليست من أنصار المقاومة وليست من أنصار الصواريخ في أيدي الدول الصغيرة.

وضع النظام السوري في الداخل سيكون صعبا. سورية عموما ستكون في غاية الضعف، لأن الفرز السياسي سيكون على أساس طائفي.

النظام السوري في السابق كان يتغنى بالمقاومة والاستقلالية. هذه الأمور كلها ستتلاشى، وما سيتبقى هو مجتمع متخلف مفكك فقير أسوأ حتى من المجتمع اللبناني.

حتى لو تم ضخ المال في سورية فهذا لن يحل شيئا، لأن الدول التي ستضخ المال لديها أجندات طائفية تقسيمية.

المال السعودي والأميركي لن يكون حتما لمصلحة المقاومة أو لمصلحة استقلالية سورية وقوتها. هذا المال سينفق بهدف تكرار التجربة الحريرية اللبنانية. هدف السعوديين والأميركان سيكون إنشاء خط سياسي طائفي انعزالي متخلف موال لآل سعود والأميركان.

أكثر ما أخشاه (وما أحذر منه دائما) هو أن ينجر الحلبيون إلى هذا الخط السعودي-الأميركي.

هذا الخط هو الذي كان يحكم سورية في الأربعينات والخمسينات وهو الذي سبب الدمار لمدينة حلب أكثر من غيرها.

الأفضل للحلبيين هو أن يتقاربوا مع تركيا والعراق.

دعوكم من الأقكار الجامدة الاعتباطية التي لا أساس لها في التاريخ. هناك أفكار سياسية معينة اخترعها الخط السعودي-الأميركي-الدمشقي خلال القرن العشرين وهذه الأفكار للأسف ما تزال تتحكم بعقول الحلبيين رغم أنها ضد مصلحتهم بالمطلق.

 

صحيفة قريبة من المخابرات السورية تتحدث عن مخطط لتصفية الخبراء السوريين

فلسطين المحتلة، الحقيقة (خاص): فيما يبدو أنه تمهيد لبدء تصفية واغتيال خبراء البرنامج الكيميائي السوري، تنفيذا للصفقة بين النظام السوري والإسرائيليين، أقدمت المخابرات السورية على تسريب “خبرية” لصحيفة البعثيين في فاسطين (صحيفة”المنار”) زعمت فيه “أن عناصر من وحدات خاصة تتجمع في ساحة مجاورة لسوريا للتسلل الى داخل الاراضي السورية (…)تضم أعدادا من أفراد الاجهزة الاستخبارية التابعة لدول في المنطقة وخارجها تم تشكيلها منذ أشهر لاغتيال واختطاف كفاءات سورية في ميادين محتلفة، تماما كما جرى في العراق ابان الاحتلال الامريكي للعراق، حيث اغتالت وحدات اجرامية خاصة أكثر من ستة آلاف من العلماء والكفاءات واساتذة الجامعات في العراق”.
يشار إلى أن “الحقيقة” كانت توقعت اليوم أن يبدأ النظام السوري تصفية طواقم برنامج السلاح الكيميائي تنفيذا للصفقة التي أبرمها مع الإسرائيليين والأميركيين عبر موسكو، والتي تقضي بتخليه عن برنامج السلاح الكيميائي السوري مقابل “عدم سعي واشنطن لإسقاطه بالقوة”.

صحيفة “المنار” الفلسطينية هي بالفعل قريبة من المخابرات السورية، والكلام الوارد في هذا الخبر منطقي. لماذا ترسل أميركا فرقا لاغتيال الخبراء السوريين طالما أن النظام السوري تعهد رسميا وعلنيا بتفكيك برنامجه الكيماوي؟

المخابرات الأميركية الآن لن تسعى لاغتيال أي خبير سوري ولكن الجهود الأميركية ستنصب على المباحثات المعقدة مع الروس.

الأميركان لديهم الآن الكثير لكي يبحثوه مع الروس.

تفكيك البرنامج الكيماوي السوري هي قصة كبيرة بحاجة لكثير من البحث والجهد. هي ستستمر لسنوات.

هذه القصة هي مجرد مدخل لتفكيك التسليح السوري بكامله وتحويل سورية إلى دولة نمطية كبقية الدول التابعة الموجودة في المنطقة.

من الآن فصاعدا كل قطعة سلاح في سورية ستكون تابعة إما لروسيا أو أميركا أو فرنسا.

باختصار الجيش السوري سيتم خصخصته وبيعه “للنيوليبرالية” الدولية.

دولة كهذه لا يمكنها أن تقاوم ولا أن تدعم حركات مقاومة، طبعا إلا إذا حصلت على الإذن من الدول الكبرى.

ما هي فائدة التبعية لروسيا؟

ما يحصل الآن هو ما توقعته في بداية الحرب على سورية. أنا كنت أتوقع أن تصبح سورية في النهاية مجرد مستعمرة روسية-إيرانية.

التبعية هي هاوية لا قعر لها. مثلا بالأمس الروس أجبروا سورية على التنازل لإسرائيل. هذا شيء متوقع لأنهم لن يتنازلوا من جيبهم، ولكن التنازل السوري أضعف سورية كثيرا وجعلها تخسر وزنها ومصداقيتها، وبالتالي سورية ستصبح الآن أكثر تبعية لروسيا مما كانت عليه سابقا، وهذه الحلقة المفرغة ستستمر بلا نهاية.

السؤال هو ما هي الفائدة من التبعية لدولة كروسيا؟

طالما أننا أتباع فالأفضل هو أن نكون أتباعا للأميركان.

أميركا هي دولة متقدمة أكثر من روسيا وتملك مالا أكثر.

التبعية لروسيا لا تفيد سورية بشيء. هي ربما تفيد فقط النظام السوري من حيث أنها تساعده على البقاء في السلطة للأبد.

مصلحة الشعب السوري هي التبعية للأميركان وليس الروس.

الروس لا يمكنهم أن يقدموا حماية حقيقية للسوريين.

روسيا لا يمكنها أن تحل مشكلة سورية مع إسرائيل.

لا أحد يمكنه حل مشكلة إسرائيل سوى سورية نفسها.

ولكن طبعا هذا صار من الماضي.

لا أحد يمكنه الآن أن يحل مشكلة سورية مع إسرائيل. في كل الأحوال نحن سنكون أتباعا لإسرائيل كبقية العرب.

لهذا السبب أنا لا أدري ما هي الفائدة من التبعية لروسيا.

ولا أدري ما هي الفائدة من بقاء النظام السوري، ولا أدري ما هي الفائدة من بقاء كل هذا الكيان.

سبب وجود الدولة السورية والنظام السوري هو الصراع مع إسرائيل.

الآن لم يعد هناك صراع مع إسرائيل، وبالتالي ما هي حاجتنا لهذا النظام وهذه الدولة؟

أنا سأتحدث عن منطقتي. بالنسبة لحلب بقاء الدولة السورية هو أمر ضار وسيء.

وجود حلب ضمن هذه الدولة السورية أضر حلب ودمرها، ومن لا يدرك هذا الأمر من الحلبيين حتى الآن هو جاهل ومنفصل عن الواقع.

هذا الكيان تم رسم حدوده بشكل اعتباطي. الحدود الحالية لسورية والنظام الإداري المطبق فيها يدمر حلب.

ما حصل لحلب خلال العامين الأخيرين هو أمر طبيعي ومتوقع. هو يعود لبنية هذا الكيان.

حلب في الأصل كانت مركزا لولاية. عندما تم رسم حدود الكيان السوري تم فصل حلب عن ولايتها وألحقت لوحدها بدمشق.

هذا الأمر يشبه أخذ ملك من مملكته وتحويله إلى خادم لدى مملكة مجاورة.

هل يفهم الحلبيون هذا الكلام؟ بعضهم ربما يفهم، ولكن أكثرهم لن يفهموا بسبب البرمجة التي تربوا عليها.

لو أنهم قرؤوا التاريخ فسيفهمون، ولكن المشكلة هي أنهم لا يقرؤون.

قناة الميادين: هيئة التنسيق المعارضة هي التي اقترحت الاستسلام لإسرائيل

فضيحة من قناة الميادين:

http://www.alwatanvoice.com/arabic/news/2013/09/10/434242.html

وتقول معلومات مؤكدة نقلتها قناة “الميادين” إن الاقتراح الروسي قدمته هيئة التنسيق إلى نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وكان ذلك بعلم وزارتي الخارجية العراقية والمصرية.

أنا لا أصدق هذا الخبر.

هناك احتمالان:

  • إما أن الروس يريدون أن يمسحوا فضيحة الاستسلام بهيئة التنسيق ولذلك سربوا هذا الخبر
  • الاحتمال الثاني والأرجح هو أن هذا الخبر مفبرك من النظام السوري بهدف تشويه صورة معارضيه

 

يجب على هيئة التنسيق أن تعلن موقفها. إن كان كلام قناة الميادين صحيحا فهذا يعني أن هيئة التنسيق لا تختلف شيئا عن المعارضة الخارجية المتعاونة مع أميركا وإسرائيل.

 

بعد الاستسلام السوري: الكونغرس الأميركي سيصوت لصالح ضرب سورية

حتى يوم أمس أنا كنت أقول أن الكونغرس الأميركي لن يصوت لصالح ضرب سورية، لأن تبعات ضرب سورية قد تكون وخيمة على الأميركان، ولا أحد في أميركا له مصلحة في تحمل هكذا مسؤولية.

ولكن بعد المهزلة التي حصلت بالأمس أنا صرت واثقا من أن الكونغرس سيصوت لصالح ضرب سورية.

أعضاء الكونغرس الآن صاروا يعلمون أن ضرب سورية لن يحدث فعلا، لأن النظام السوري وحلفاءه مستعدون للاستسلام والقبول بالشروط الأميركية-الإسرائيلية دون قيد أو شرط. لهذا السبب التصويت لصالح ضرب سورية الآن هو عملية خالية من المخاطرة (risk-free).

لو كنت عضوا في الكونغرس فإنني لن أخشى من أي عواقب (على أميركا أو علي شخصيا) في حال صوتت لضرب سورية.

إصدار قرار من الكونغرس بضرب سورية هو وسيلة ممتازة للضغط الدبلوماسي. الأميركان الآن يعلمون أن التهديد بضرب سورية هو أسلوب ناجع وفعال لانتزاع التنازلات.

باختصار هيبة سورية سقطت وزالت. الأميركان الآن يعلمون أن سورية هي بلد تافه ولا يساوي شيئا، وحلفاؤه مستعدون لبيعه والتخلي عنه. لهذا السبب الأميركان لن يتورعوا عن إصدار قرار بضرب سورية. هم يعلمون أن إصدار هذا القرار سيحقق لهم مكاسب ولن يكلفهم أي خسائر.

حتى ضرب سورية الآن لم يعد أمرا مخيفا. أكثر ما كان يخيف الأميركان في السابق هو أن تقوم سورية بإطلاق صواريخ كيماوية. سورية الآن فقدت هذا السلاح الرادع، وبالتالي ضربها صار أسهل وأقل خطورة.

لكل هذه الاعتبارات أنا أرجح أن يتم إصدار قرار من الكونغرس بضرب سورية. طالما أن هيبة سورية سقطت فلم يعد هناك شيء يمنع إصدار هذا القرار. على العكس الأميركان الآن سيتحمسون لإصداره حتى يقولوا للرأي العام أن سورية خافت منا واستسلمت.

سورية لا تملك شيئا سوى السلاح الكيماوي والصواريخ

سورية ليست دولة كبيرة الحجم. ترتيب سورية من حيث المساحة على مستوى العالم هو 89. معظم الدول المحيطة بسورية هي أكبر منها بالمساحة (ما عدا الدول الوهمية كالأردن ولبنان وإسرائيل ودويلات الخليج).

من حيث عدد السكان (الذي هو أهم من المساحة) ترتيب سورية هو 53 على مستوى العالم، أي أن الشعب السوري هو بعيد جدا عن أن يكون من الأمم الكبرى في العالم.

الأهم من عدد السكان هو نوعيتهم. حسب مؤشر التنمية البشرية (الذي يقيس الصحة والتعليم والدخل) فإن ترتيب سورية هو 116 على مستوى العالم. هذا الترتيب هو منخفض حتى بمعايير منطقة الشرق الأوسط (ترتيب لبنان هو 72 على مستوى العالم).

طبعا المستقبل سيكون أسوأ. هناك جيل كامل ينشأ حاليا بلا تعليم أو بتعليم ضعيف.

بالنسبة للاقتصاد السوري فأنا رويت قصته مرات عديدة من قبل. هو تاريخيا اقتصاد بائس. الاقتصاد السوري لم يحقق أي نمو حقيقي منذ بدأ تطبيق الاشتراكية في الستينات. في السبعينات كان هناك بعض النمو الوهمي بسبب المساعدات المالية التي أتت إلى سورية من دول الخليج (بسبب حرب تشرين)، ولكن هذا النمو تلاشى في الثمانينات وتحول إلى انكماش.  في نهاية الثمانينات بدأ تصدير النفط وهذا أخرج الاقتصاد السوري من الانكماش ولكنه لم ينقله إلى النمو. في التسعينات نمو الاقتصاد السوري كان قريبا من الصفر (أقل من 1%).

هذه الأرقام هي أرقام كارثية. الاقتصادات النامية يجب أن تحقق نموا سنويا قريبا من 10%. نحن نتحدث عن دولة نامية لم تحقق أي نمو منذ الخمسينات. هذا ليس شيئا طبيعيا. هذا كارثة.

بعد عام 2000 بدأ التفكير بالإصلاح وليس الإصلاح الجدي. الإصلاح الجدي لم يبدأ إلا في عهد حكومة الدردري (قبل سنوات قليلة من الحرب على سورية)، وطبعا حكومة الدردري لم تقم سوى بإصلاحات متواضعة. لا يمكن لحكومة أن تصلح تراكمات خمسين عاما خلال بضعة سنوات.

هذا التاريخ السيء هو سبب الانهيار الشامل الذي نراه حاليا في سورية. نحن نتحدث عن بلد لم يكن يحقق أي نمو اقتصادي منذ خمسين عاما. عدد السكان كان يزداد بشكل كبير، والنمو الاقتصادي كان شبه معدوم. المحصلة هي ازدياد الفقر، والفقر يدمر كل شيء. لا يمكنك أن تفعل أي شيء إذا كنت لا تملك المال.

المشكلة ليست فقط في الفشل الاقتصادي والتنموي. سورية تاريخيا تعاني من تحديات خارجية جسيمة. هناك أولا قضية لواء إسكندرون المحتل. هذه القضية كانت قضية مهمة قبل احتلال الجولان في عام 1967، ولكن بعد احتلال الجولان نسي السوريون قضية الإسكندرون والتهوا بالجولان. بعد ذلك أتت قضية لبنان التي أنست السوريين قضية الجولان. سورية تورطت في لبنان على نحو كارثي. هي خسرت الكثير في لبنان ولم تربح شيئا. ما هو المكسب الذي ربحته سورية من لبنان؟ لا شيء. حزب الله هو محسوب على إيران وليس سورية. سورية لم تحقق أي أرباح دائمة في لبنان، رغم أنها تورطت هناك لعشرات السنين.

سورية تعرضت لضغوط خارجية كبيرة، وفي نفس الوقت هي لم تكن تحقق أي نمو اقتصادي. بدون نمو اقتصادي لا يمكن أن تكون هناك قوة عسكرية. سورية ليست قوة عسكرية مهمة. الشيء الوحيد الذي تمتاز به سورية هو الصواريخ والسلاح الكيماوي.

لهذا السبب أنا أقول أن سورية لا تساوي شيئا بدون الصواريخ والسلاح الكيماوي. لو أزلنا من سورية الصواريخ والسلاح الكيماوي فما الذي يبقى؟ لا شيء.

حتى المواقع التراثية والأثرية تعرضت للتدمير. لم يبق هناك في سورية أي شيء على الإطلاق.

هذه هي قصة الكيان السوري. هو كيان فاشل اقتصاديا وسياسيا، ومن الناحية العسكرية هو لا يملك شيئا سوى السلاح الكيماوي والصواريخ. الآن هذا الكيان يفقد السلاح الكيماوي، وقريبا سيفقد أيضا الصواريخ.

بالتالي الكيان أفلس ولم تعد له أية قيمة.

لو حصلت تسوية للحرب السورية فسورية لن تكون طرفا في هذه التسوية. سورية لا تملك أي وزن أو قيمة حتى تكون طرفا في تسوية.

القوى الفاعلة في المنطقة والعالم هي التي ستصوغ التسوية. سورية لن يكون لها أي دور.

ما سيحصل هو تقاسم للنفوذ كما حصل سابقا في العراق ولبنان.

تقاسم النفوذ في سورية يعني تقسيم البلد، وإن لم يتم إعلان هذا التقسيم بشكل رسمي.

عمليا الكيان السوري وصل إلى نهايته وانتهى عمره.

طبعا السؤال الذي يطرح نفسه هو ما السبب؟ ما هو السبب الذي أوصل الكيان السوري إلى هذه النهاية؟

السبب ببساطة هو التخلف. الشعب السوري هو شعب متخلف وجد نفسه في ظروف تفوق طاقته وقدرته.

الشعب السوري يعاني من مرض داخلي هو مرض العصبيات. هذا المرض يوجد في كل أنحاء العالم، ولكن الشعوب المتقدمة تتعامل مع هذا المرض بأسلوب عصري لا يؤدي إلى الفوضى والنزاع والانهيار.

العصبيات ليست هي التي دمرت سورية. ما دمر سورية هو سوء تعامل السوريين مع العصبيات. هم لا يعرفون كيف يتعاملون مع هذه المشكلة بأسلوب عصري.

إلى جانب مشكلة العصبيات كانت هناك المشاكل الخارجية الجسيمة. الشعب السوري انغمس باكرا في صراع مع تركيا، ثم جاءت قضية فلسطين. التعامل مع هاتين القضيتين يعني المواجهة مع القوى الكبرى في العالم.

الشعب السوري الذي تأكله العصبيات لم يكن قادرا على خوض مواجهة مع القوى الكبرى في العالم. هذا شيء يفوق طاقته.

سورية هي أصلا بلد صغير. فوق ذلك هي عانت من تمزق داخلي منذ استقلالها. هذا البلد الصغير الممزق كان مطلوبا منه أن يخوض مواجهة دائمة ومستمرة مع أميركا وحلفائها. هذا شيء صعب جدا ويفوق طاقة هذا البلد.

هذا هو سبب انهياره. هذا البلد كان يعيش منذ استقلاله ظروفا غير طبيعية وغير منطقية.

طبعا بالإضافة إلى كل هذه المصائب أتتنا مصيبة الاشتراكية التي فاقمت الوضع وجعلت النجاة مستحيلة.

أسباب فشل وانهيار الكيان السوري هي ما يلي باختصار:

1- تهرب المتعصبين الدمشقيين من تطبيق الوحدة العربية في الأربعينات وارتمائهم في أحضان البريطانيين وما يسمى بالجامعة العربية

2-الوحدة مع مصر في الخمسينات التي كانت فكرة خاطئة من أساسها لأن مصر بعيدة جغرافيا عن سورية

3-تطبيق الاشتراكية منذ الستينات وحتى الآن

هذه هي أهم أسباب فشل الكيان السوري التي أوصلته إلى وضعه الحالي البائس.

هذه الأسباب هي مرتبطة بمشكلة العصبيات. لولا العصبية الدمشقية لكانت الوحدة مع العراق تمت في الأربعينات، وهو ما كان سيؤدي لتاريخ سوري وعربي مختلف تماما.

العصبية العلوية والعصبية الحلبية ونحوها من العصبيات المناقضة للعصبية الدمشقية لعبت دورا أساسيا في تطبيق الاشتراكية في سورية.

لولا العصبيات المناهضة للعصبية الدمشقية لما كان النظام الدمشقي سقط، ولولا سقوط النظام الدمشقي لما كانت سورية سقطت في براثن الاشتراكية.

لو لم تسقط سورية في براثن الاشتراكية لكان التاريخ السوري مختلفا تماما.

النمو الاقتصادي يؤثر أيضا على التعليم والثقافة وكل مناحي الحياة. لو لم يتم تطبيق الاشتراكية لكان هناك نمو في سورية، والنمو كان سيجعل سورية أقوى قليلا مما هي عليه الآن.

تبريرات الاستسلام

منذ الأمس وحتى الآن سمعت أربعة تبريرات للجريمة الفظيعة التي ارتكبها النظام السوري.

التبرير الأول سمعته من وليد المعلم في كلمته. هو تحدث عن نزع الذريعة الأميركية بهدف تجنب الحرب، وأيضا هو أوحى بوجود ضغوط من القيادة الروسية.

أنا رددت على هذا الكلام في التدوينات السابقة. كان الأشرف للرئيس السوري أن يستقيل من منصبه على أن يقبل بهكذا تنازل هائل.

التبرير الثاني سمعته اليوم من أحد محللي النظام السوري على قناة المنار. هو قال أن السلاح الكيماوي صار موضة قديمة ولم تعد له أهمية والمهم في هذا الزمن هو الصواريخ (بالله؟!)

التبرير الثالث هو كلام سامي كليب الذي يستخف فيه بعقول الناس:

http://arabi-press.com/article.php?id=83147

وفق معلومات موثوقة، فان مسالة الكيميائي هي بالاساس ليست ذات قيمة، فما هو متوفر من كيميائي في سورية ليس بالاصل مهما ولا هو سلاح فتاك كما يدعي الاميركيون وانما عبارة عن مواد تعود الى ثمانينيات القرن الماضي والتخلي عنها سهل اذا كان في الامر ما يبعد شبح الحرب التي كادت ان تتحول الى كارثة فعلية على المنطقة بمجملها

التبرير الرابع قرأته على الفيسبوك من بعض الأصدقاء. هم يقولون أن هناك صفقة ما وأن سورية ستحصل على شيء في مقابل التخلي عن السلاح الكيماوي.

كلهم أشاروا إلى لبنان على أنه “المكسب” الذي ستحصل عليه سورية.

أولا أنا أستبعد أن يكون هناك أي مكسب إقليمي ستحصل عليه سورية. سورية الآن هي في وضع دفاعي وليس هجومي. هي تنازلت عن سلاحها تحت الضغط، وأقصى ما يجب أن تطمح إليه هو وقف الضغط.

أنا لا أظن أن سورية ستحصل على شيء سوى وقف الدعم السعودي والأميركي للإرهاب، وحتى هذا الأمر هو غير مؤكد بعد.

لو فرضنا أن هناك صفقة إقليمية كبيرة فمن المؤكد أن هذه الصفقة ستكون بين أميركا وإيران وليس بين أميركا وسورية. سورية هي أقل بكثير من أن تحصل على مكاسب إقليمية في هذا الوقت.

سورية كان لها بعض الوزن عندما كانت تملك السلاح الكيماوي. الآن وزن سورية انخفض إلى النصف بعدما وافقت على التخلص من سلاحها الكيماوي، ناهيك طبعا عن الوضع المزري الموجود داخل البلاد.

وزن سورية الحالي لا يسمح لها بأن تحصل على أي مكاسب إقليمية، ولو حتى في لبنان.

تخلي سورية عن سلاحها يصب في مصلحة التصور الأميركي الذي ذكرته سابقا. أنا كنت دائما أقول أن هدف أميركا هو تحويل المنطقة المحيطة بإسرائيل إلى منطقة محايدة أو منطقة منزوعة السلاح.

أميركا لا يهمها نزع السلاح الإيراني بقدر ما يهمها نزع سلاح سورية وحزب الله.

ما يحصل الآن يصب في مصلحة التصور الأميركي.

في النهاية كل المكاسب ستذهب لإيران وليس لسورية. لو فرضنا أن أميركا ستتنازل في لبنان فهذا التنازل سيكون لمصلحة إيران.

ربما مثلا يتم نزع سلاح حزب الله في مقابل إعطاء إيران نفوذا سياسيا في لبنان. هذه صفقة محتملة أظن أن أميركا ستقبل بها.

إيران هي صاحبة الوزن، وبالتالي هي التي ستأخذ المكاسب.

من يريد أن يكسب لا بد أن يكون له وزن.

من يتخلى عن وزنه وسلاحه لا يحق له أن يطالب بأي شيء. هو يجب فقط أن يسكت ويتنحى جانبا.

سورية بدأت تتحول تدريجيا إلى منطقة محايدة لا وزن لها.

سورية ولبنان سيكونان كلاهما تحت النفوذ الإيراني-الأميركي المشترك.

هذا هو ما سيحصل على الأغلب. هذا هو ما تريده أميركا.

أميركا لن تمانع تقاسم النفوذ السياسي مع إيران. ما يهم أميركا فقط هو نزع السلاح من سورية ولبنان.

أميركا بدأت تحقق ما تريده.

وبالمناسبة أنا لا أدري لماذا يتلهف بعض السوريين للنفوذ في لبنان. ما الذي حققته سورية من نفوذها السابق في لبنان؟

النظام السوري تورط في لبنان لعشرات السنين وخسر الكثير وهمش قضية الجولان وفي النهاية خرج من لبنان دون أي مكسب.

النفوذ السوري في لبنان ضعيف. النفوذ الحقيقي هو لإيران عبر حزب الله.

النفوذ السوري في لبنان لا ينبع من حكمة النظام السوري بقدر ما أنه ينبع من ظروف جغرافية وتاريخية. البلدان قريبان من بعضهما وسورية تحظى ببعض النفوذ التلقائي.

النظام السوري دخل لبنان تحت شعار نصرة المسيحيين، ولكنه لاحقا انقلب عليهم وحاربهم لمصلحة المسلمين، ثم في النهاية المسلمون طردوه من لبنان وهم اليوم ألد أعدائه.

ما الذي استفدناه من كل هذه المهزلة؟

التدخل السوري في لبنان كان إلى حد كبير تدخلا عبثيا ولم يحقق شيئا. الأميركان تلاعبوا بسورية وألهوها عن قضية الجولان وأشغلوها بصراعات جانبية وأعمال قذرة لا طائل منها.

ما الذي استفادته سورية من محاربة المسيحيين وغيرهم؟

لا تكاد توجد منطقة في لبنان لم تتضرر من الجيش السوري والمخابرات السورية. ما هي الفائدة من ذلك؟

هذا الكلام هو كله عبث في عبث.

تاريخ هذه الدولة هو كله عبث في عبث.

هذه أصلا ليست دولة. الله يجعلها دولة.

أنا بت أكره هذه الدولة. أنا من الأساس لم أكن أحبها كثيرا.

هي كيان صنعه الاستعمار، وهو أثبت فشله، وفي رأيي أن صلاحيته انتهت.

الاستسلام الوطني أسهل من الاستسلام الشخصي!

بعض محللي النظام السوري بدؤوا يبررون ويفلسفون ما قام به النظام السوري بالأمس على نحو يوحي بأن النظام السوري جاد فعلا في تسليم سلاحه الكيماوي.

ما قام به النظام السوري بالأمس هو نفس ما قام به القذافي عندما سلم سلاحه للأميركان. هو عمل استسلامي بحت لا توجد من ورائه أية فائدة وليس له أي مبرر.

النظام السوري سلم أقوى أسلحته إلى الأميركان والإسرائيليين. هذا عمل شنيع جدا لا يمكن الدفاع عنه أو تبريره.

الرئيس السوري كشخص لن يستفيد مما حدث، لأن ما حدث سيشوه صورته وسيسقطه في عيون أنصاره.

كان الأشرف للرئيس السوري أن يتنحى عن السلطة وأن يقبل بالهزيمة الشخصية بدلا من أن يختار الهزيمة الوطنية الاستراتيجية المخزية.

المسار الذي اختاره الرئيس السوري يشبه المسار الذي اختاره صدام حسين. الرئيس السوري بات مستعدا للقبول بالهزائم الوطنية في سبيل البقاء في السلطة.

ما هي فائدة هذه السلطة؟ هل الرئيس السوري يبحث عن مصير صدام حسين؟

أنا بصراحة لا أفهم تفكير النظام السوري.

إن كان الموضوع طائفيا فنحن لا يهمنا إن أتى رئيس آخر من نفس طائفة الرئيس. هذا أقل سوءا من التنازل والتفريط والاستسلام.

أي شيء هو أقل سوءا من الاستسلام لإسرائيل. النظام السوري ترك كل الخيارات واختار الاستسلام لإسرائيل.

أسوأ خيار هو الاستسلام لإسرائيل.

تجريد سورية من السلاح الكيماوي هو مطلب إسرائيلي بحت وواضح. أصلا الإسرائيليون لا يخفون ذلك.

كيف تقبل سورية بالشرط الإسرائيلي على هذا النحو المخزي؟

أنا لا أدري إلى أين يريد النظام السوري أن يصل، ولكنه بصراحة بدأ يسير في منطقة الخطر.

التنازل لإسرائيل لن يساعد النظام السوري على ترسيخ سلطته على المدى البعيد.

التنازل لإسرائيل لا يفيد الرئيس كشخص، ولا يفيد النظام السوري، ولا يفيد العلويين، ولا يفيد السوريين.

هذا شيء سيء جدا وخاطئ.

كان يجب على الرئيس السوري أن يستقيل بالأمس بدلا من أن يسلم سلاحه لإسرائيل.

إضافة: مثال على التبريرات

 

هذا الكلام هو من مقال لـ “سامي كليب”:

http://arabi-press.com/article.php?id=83147

وفق معلومات موثوقة، فان مسالة الكيميائي هي بالاساس ليست ذات قيمة، فما هو متوفر من كيميائي في سورية ليس بالاصل مهما ولا هو سلاح فتاك كما يدعي الاميركيون وانما عبارة عن مواد تعود الى ثمانينيات القرن الماضي والتخلي عنها سهل اذا كان في الامر ما يبعد شبح الحرب التي كادت ان تتحول الى كارثة فعلية على المنطقة بمجملها

هذا الكلام ورد في مقال تضليلي يهدف لحرف الأنظار عن خطورة التنازل الاستراتيجي الذي أقدم عليه النظام السوري.

سوف نسمع في الأيام القادمة الكثير من مثل هذه الترهات التي تهون من خطورة ما أقدم عليه النظام السوري.

مسألة الكيماوي حسب سامي كليب هي “ليست ذات قيمة”. هذا الكلام هو نقيض الواقع. مسألة الكيماوي هي أهم شيء على الإطلاق. هي أهم بكثير من النظام السوري. كل ما جرى كان أصلا بسبب الكيماوي والصواريخ. لولا الكيماوي والصواريخ لما كان هناك 100 ألف قتيل في سورية.

بعد الكيماوي السوري سيأتي دور اليورانيوم الإيراني المخصب

هذا الكلام منقول عن أوساط في وزارة الدفاع الأميركية:

http://www.aljoumhouria.com/news/index/93523

وترى تلك الاوساط أنّ الامر مرهون بكثير من الملفات الاقليمية، سواءٌ في تركيا او العراق او ايران، فالاتفاق على تحييد السلاح الكيماوي في سوريا سيشكّل سابقة يمكن اعتمادها لاحقاً في الملف النووي الايراني.

وتذكّر الأوساط بأنّه حين قصَفت اسرائيل مخازن السلاح والصواريخ التي كان يُشتبه في إمكان أن يسلّمها النظام الى “حزب الله”، ثمّ استعماله السلاح الكيماوي عندما شعر بأنه يُستبعد من التسوية، كان الموقف الدولي حاسماً، في تأمين الحماية لإسرائيل، مع توقف صفقات الاسلحة الاستراتيجية الروسية الى النظام السوري.

وسيتكرّر الامر نفسه مع ايران، والتحالف الدولي الذي يمكن أن ينجح في تأمين مخرج للسلاح الكيماوي السوري، قادر على الاتفاق على مخرج مماثل لمخزون اليورانيوم الإيراني المخصّب.

الكلام واضح: الأميركان يريدون الاتفاق على مخرج لمخزون اليورانيوم الإيراني المخصب يشبه المخرج المخزي الذي تم الاتفاق عليه بالأمس لمخزون السلاح الكيماوي السوري.

ما هو رأي الروحاني الآن؟ هل سيوافق على تسليم اليورانيوم المخصب إلى الأميركان؟

أنا لا أدري بالضبط ما هو دور الإيرانيين فيما جرى بالأمس بخصوص سورية، ولكن في حال كان الروحاني متورطا فيما جرى فيجب عليه الآن أن يستعد لتسليم اليورانيوم المخصب إلى الأميركان.

هذا شيء متوقع، لأن التنازل يجر تنازلا، والاستسلام يقود للمزيد من للاستسلام.

الموقف الذي أعلنه النظام السوري بالأمس هو موقف خطير جدا وسوف تكون له تداعيات سلبية على إيران وحزب الله وكل قوى المقاومة.

لو أن الرئيس السوري وافق على التنحي لما كنت قلت نفس الكلام، لأن تنحي الرئيس السوري لا يعني بالضرورة تغيير موازين القوى في المنطقة.

ولكن التخلي عن السلاح الاستراتيجي وتسليمه للأعداء فهذا الأمر يغير موازين القوى بشكل كبير.

بالأمس ميزان القوى مال لمصلحة إسرائيل. الآن إسرائيل لم تعد مهددة بأي سلاح دمار شامل. هي أصبحت في حالة تفوق واضح في هذا المجال.

الآن إسرائيل يمكنها نظريا أن تغزو سورية وتدمرها بالكامل دون أن تخشى شيئا.

لو فرضنا أن الإسرائيليين قرروا ضرب سورية بالنووي فهم نظريا يستطيعون أن يفعلوا ذلك دون أن يخشوا أية عواقب.

هذا النصر الاستراتيجي الكبير سيجعل الإسرائيليين والأميركان في موقع أقوى للضغط على حزب الله وإيران والفلسطينيين.

الأميركان يتوقعون الآن من الروحاني أن يقوم بتسليمهم اليورانيوم المخصب، تماما كما فعل النظام السوري بالأمس بالسلاح الكيماوي.

هل سيقوم الروحاني بذلك؟ هو بصراحة لا يملك حجة قوية لكي يرفض. في حال كان وافق على المهزلة التي جرت بالأمس بخصوص سورية فهو يجب أن يقبل بمهزلة مماثلة بخصوص إيران.

أيضا حزب الله يجب من الآن فصاعدا أن يفكر بشكل جدي بالتخلي عن سلاحه.

ما فعله النظام السوري بالأمس هو نفس ما يطلبه الأميركان من حزب الله. الأميركان يريدون من حزب الله أن يتخلى عن سلاحه دون قيد أو شرط.

طالما أن النظام السوري سار في هذا الطريق فإذن من باب أولى أن يسير فيه حزب الله أيضا.

لو كنت مسؤولا أميركيا أو إسرائيليا لكنت الآن أتوقع من حسن نصر الله أن يعلن الموافقة على تسليم سلاحه.

لو رفض فكنت سأقول له أنت لست أكبر من النظام السوري.

الاستسلام الذي أعلنه النظام السوري بالأمس هو سابقة خطيرة جدا ستنعكس على كل محور المقاومة.

النظام السوري منح إسرائيل أغلى ما لديه وأعز ما تطلب.

أنا كنت دائما أقول أن النظام السوري لا يساوي شيئا بالنسبة للإسرائيليين والأميركان. ما يهمهم هو السلاح. هم لا يمانعون أن يبقى النظام السوري في السلطة للأبد. المهم فقط أن يعطيهم سلاحه.

الفهم هبط على ميشيل كيلو

http://www.aljoumhouria.com/news/index/93529

وذكّر كيلو بأنّ الأسد “لطالما تغنّى بأنّ الهدف من السلاح الكيماوي هو تحقيق الردع مع إسرائيل، ليعود اليوم ويقدّمه إلى الدولة العبرية لكي يجنّب نفسه الضربة العسكرية، وهذا هو هدف اللعبة الحقيقية”، مستذكراً ما قاله الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز نهاية آب الماضي بأنّ الوقت قد حان ليقوم المجتمع الدولي بنزع السلاح الكيماوي من سوريا.

وأضاف كيلو: “يأخذون السلاح الذي يهدد أمن اسرائيل، ويتركون القسم الآخر الذي يقتل به الشعب السوري، هذه قسمة غير عادلة وغير متوازنة”. وختم قائلاً: “لن نقبل بهذه المعادلة”.