نزع سلاح حزب الله يعني إسقاط اتفاق الطائف وربما إسقاط لبنان

 

ما يجري الآن في المنطقة هو تطبيق للنظرة الأميركية التي شرحتها عندما بدأت التدوين.

الأميركان لم يكونوا أبدا يريدون خوض حرب مع إيران، ولم يكونوا حتى يريدون منع إيران من تخصيب اليورانيوم.

كل ما أراده الأميركان هو حماية إسرائيل من إيران.

لحماية إسرائيل الأميركان يريدون نزع السلاح من المنطقة المحيطة بها.

المقصود أساسا هو سورية، وبالدرجة الثانية لبنان.

الآن هذا الأمر بدأ يتحقق.

نزع السلاح الكيماوي من سورية هو مقدمة لنزع كل الأسلحة الأخرى غير التقليدية.

طبعا الروس سوف يعوضون على السوريين بالأسلحة التقليدية (مصلحتهم هي أن يفعلوا ذلك لأسباب تجارية)، ولكن الأسلحة التقليدية لا تخيف إسرائيل.

الأسلحة التقليدية هي مكدسة لدى مصر والأردن وآل سعود. هذه الأسلحة ما كانت يوما تخيف إسرائيل.

الروس لن يسلحوا سورية بالأسلحة التقليدية إلى درجة تصبح فيها قادرة على هزيمة إسرائيل.

هزيمة إسرائيل بالأسلحة التقليدية هي أمر غير ممكن.

الطريقة الوحيدة لهزيمة إسرائيل هي بالصواريخ وحرب الاستنزاف والردع الكيماوي لمنع إسرائيل من استخدام الأسلحة المحرمة.

هذا السيناريو هو الذي كان يقلق الإسرائيليين. هم كانوا يعلمون أن النظام السوري يعد العدة لخوض حرب كبيرة ضدهم على طريقة حرب 2006 في لبنان.

الآن هذا السيناريو صار مستبعدا. سورية الآن ستصبح دولة نمطية كبقية الدول التابعة. لا يمكن الآن لسورية أن تخوض حربا غير تقليدية ضد إسرائيل.

بالتالي عمليا أميركا نجحت في تجريد سورية من السلاح، وبقي فقط حزب الله.

نزع سلاح حزب الله هو الآن أمر سهل. الأميركان سوف يطالبون بتكرار السابقة السورية في لبنان. هم سيطالبون حسن نصر الله بأن يخرج على الملأ ويعلن التخلي عن سلاحه كما فعل وليد المعلم قبل يومين.

هذا الأمر في رأيي سيحصل إن عاجلا أم آجلا. الإيرانيون سيضطرون للقبول بذلك وسيتم تحويل حزب الله إلى فصيل سياسي.

طبعا الإيرانيون سيطالبون بإعادة صياغة الدستور اللبناني لكي يحصلوا على نفوذ أكبر في السياسة اللبنانية، وحسن نصر الله كان يلمح بالفعل إلى هذا المطلب طوال الأشهر الماضية.

من الممكن أن يحصل خلاف بين الأميركان والإيرانيين حول تقاسم النفوذ في لبنان. لو حصل هذا الخلاف فمن الممكن أن تقوم أميركا بشن حرب ضد حزب الله لإجبار الإيرانيين على التنازل.

على الأغلب أن أميركا ستكرر السيناريو السوري في لبنان، لأن هذا السيناريو كان ناجحا. أنا أظن أن أميركا ستحشد أساطيلها قرب لبنان وستهدد بخوض حرب ضد حزب الله بالاشتراك مع إسرائيل وميليشيات سورية ولبنانية.

وقتها سيخرج حسن نصر الله على الإعلام وسيقول أنه يقبل بشروط أميركا وإسرائيل حقنا لدماء اللبنانيين ولثقته في حكمة القيادة الإيرانية.

في النهاية حزب الله سيتحول إلى فصيل سياسي كبير ومؤثر في الحياة اللبنانية، ولكن بعد نزع سلاحه ستتغير اهتماماته.

اهتمام حزب الله حاليا ينصب على الحرب مع إسرائيل، ولكن بعد نزع سلاحه بماذا سيهتم؟

هو سيرجع إلى جذوره، التي هي جذور إسلامية تتوافق مع فكر النظام الإيراني.

هذا الأمر سيخلق رد فعل لدى المسلمين السنة الذين سيبدؤون بالتصويت للفصائل الإسلامية، سواء الوهابية أم غير الوهابية.

في النهاية غالبية البرلمان اللبناني ستكون مكونة من هؤلاء الإسلاميين، والعلمانيون (الذين هم أساسا المسيحيون والدروز) سيكونون أقلية.

الكتلة الإسلامية ستكون ربما منقسمة على نفسها. من الممكن أن الإسرائيليين سيستمرون في تحريض السنة ضد الشيعة حتى بعد نزع سلاح الله، لأن مصلحة إسرائيل هي إلهاء هؤلاء الإسلاميين عن التفكير في قضية فلسطين.

الجو السياسي في لبنان سيكون بشعا. سوف يكون هناك صراع بين الإسلاميين والمسيحيين، وسوف هناك أيضا صراع بين الإسلاميين أنفسهم.

في مثل هذا الجو من الوارد أن يسعى المسيحيون في لبنان للتحالف سياسيا مع العلويين في سورية، وهو ما سيوصلنا في النهاية إلى خريطة الفوضى الخلاقة التي رسمها برنارد لويس.

هو تخيل قيام دولة مشتركة تضم العلويين والمسيحيين. هذا الافتراض مبني على أساس أن العلويين والمسيحيين يؤمنون بالعلمانية.

أضف تعليق