تبريرات الاستسلام

منذ الأمس وحتى الآن سمعت أربعة تبريرات للجريمة الفظيعة التي ارتكبها النظام السوري.

التبرير الأول سمعته من وليد المعلم في كلمته. هو تحدث عن نزع الذريعة الأميركية بهدف تجنب الحرب، وأيضا هو أوحى بوجود ضغوط من القيادة الروسية.

أنا رددت على هذا الكلام في التدوينات السابقة. كان الأشرف للرئيس السوري أن يستقيل من منصبه على أن يقبل بهكذا تنازل هائل.

التبرير الثاني سمعته اليوم من أحد محللي النظام السوري على قناة المنار. هو قال أن السلاح الكيماوي صار موضة قديمة ولم تعد له أهمية والمهم في هذا الزمن هو الصواريخ (بالله؟!)

التبرير الثالث هو كلام سامي كليب الذي يستخف فيه بعقول الناس:

http://arabi-press.com/article.php?id=83147

وفق معلومات موثوقة، فان مسالة الكيميائي هي بالاساس ليست ذات قيمة، فما هو متوفر من كيميائي في سورية ليس بالاصل مهما ولا هو سلاح فتاك كما يدعي الاميركيون وانما عبارة عن مواد تعود الى ثمانينيات القرن الماضي والتخلي عنها سهل اذا كان في الامر ما يبعد شبح الحرب التي كادت ان تتحول الى كارثة فعلية على المنطقة بمجملها

التبرير الرابع قرأته على الفيسبوك من بعض الأصدقاء. هم يقولون أن هناك صفقة ما وأن سورية ستحصل على شيء في مقابل التخلي عن السلاح الكيماوي.

كلهم أشاروا إلى لبنان على أنه “المكسب” الذي ستحصل عليه سورية.

أولا أنا أستبعد أن يكون هناك أي مكسب إقليمي ستحصل عليه سورية. سورية الآن هي في وضع دفاعي وليس هجومي. هي تنازلت عن سلاحها تحت الضغط، وأقصى ما يجب أن تطمح إليه هو وقف الضغط.

أنا لا أظن أن سورية ستحصل على شيء سوى وقف الدعم السعودي والأميركي للإرهاب، وحتى هذا الأمر هو غير مؤكد بعد.

لو فرضنا أن هناك صفقة إقليمية كبيرة فمن المؤكد أن هذه الصفقة ستكون بين أميركا وإيران وليس بين أميركا وسورية. سورية هي أقل بكثير من أن تحصل على مكاسب إقليمية في هذا الوقت.

سورية كان لها بعض الوزن عندما كانت تملك السلاح الكيماوي. الآن وزن سورية انخفض إلى النصف بعدما وافقت على التخلص من سلاحها الكيماوي، ناهيك طبعا عن الوضع المزري الموجود داخل البلاد.

وزن سورية الحالي لا يسمح لها بأن تحصل على أي مكاسب إقليمية، ولو حتى في لبنان.

تخلي سورية عن سلاحها يصب في مصلحة التصور الأميركي الذي ذكرته سابقا. أنا كنت دائما أقول أن هدف أميركا هو تحويل المنطقة المحيطة بإسرائيل إلى منطقة محايدة أو منطقة منزوعة السلاح.

أميركا لا يهمها نزع السلاح الإيراني بقدر ما يهمها نزع سلاح سورية وحزب الله.

ما يحصل الآن يصب في مصلحة التصور الأميركي.

في النهاية كل المكاسب ستذهب لإيران وليس لسورية. لو فرضنا أن أميركا ستتنازل في لبنان فهذا التنازل سيكون لمصلحة إيران.

ربما مثلا يتم نزع سلاح حزب الله في مقابل إعطاء إيران نفوذا سياسيا في لبنان. هذه صفقة محتملة أظن أن أميركا ستقبل بها.

إيران هي صاحبة الوزن، وبالتالي هي التي ستأخذ المكاسب.

من يريد أن يكسب لا بد أن يكون له وزن.

من يتخلى عن وزنه وسلاحه لا يحق له أن يطالب بأي شيء. هو يجب فقط أن يسكت ويتنحى جانبا.

سورية بدأت تتحول تدريجيا إلى منطقة محايدة لا وزن لها.

سورية ولبنان سيكونان كلاهما تحت النفوذ الإيراني-الأميركي المشترك.

هذا هو ما سيحصل على الأغلب. هذا هو ما تريده أميركا.

أميركا لن تمانع تقاسم النفوذ السياسي مع إيران. ما يهم أميركا فقط هو نزع السلاح من سورية ولبنان.

أميركا بدأت تحقق ما تريده.

وبالمناسبة أنا لا أدري لماذا يتلهف بعض السوريين للنفوذ في لبنان. ما الذي حققته سورية من نفوذها السابق في لبنان؟

النظام السوري تورط في لبنان لعشرات السنين وخسر الكثير وهمش قضية الجولان وفي النهاية خرج من لبنان دون أي مكسب.

النفوذ السوري في لبنان ضعيف. النفوذ الحقيقي هو لإيران عبر حزب الله.

النفوذ السوري في لبنان لا ينبع من حكمة النظام السوري بقدر ما أنه ينبع من ظروف جغرافية وتاريخية. البلدان قريبان من بعضهما وسورية تحظى ببعض النفوذ التلقائي.

النظام السوري دخل لبنان تحت شعار نصرة المسيحيين، ولكنه لاحقا انقلب عليهم وحاربهم لمصلحة المسلمين، ثم في النهاية المسلمون طردوه من لبنان وهم اليوم ألد أعدائه.

ما الذي استفدناه من كل هذه المهزلة؟

التدخل السوري في لبنان كان إلى حد كبير تدخلا عبثيا ولم يحقق شيئا. الأميركان تلاعبوا بسورية وألهوها عن قضية الجولان وأشغلوها بصراعات جانبية وأعمال قذرة لا طائل منها.

ما الذي استفادته سورية من محاربة المسيحيين وغيرهم؟

لا تكاد توجد منطقة في لبنان لم تتضرر من الجيش السوري والمخابرات السورية. ما هي الفائدة من ذلك؟

هذا الكلام هو كله عبث في عبث.

تاريخ هذه الدولة هو كله عبث في عبث.

هذه أصلا ليست دولة. الله يجعلها دولة.

أنا بت أكره هذه الدولة. أنا من الأساس لم أكن أحبها كثيرا.

هي كيان صنعه الاستعمار، وهو أثبت فشله، وفي رأيي أن صلاحيته انتهت.

رأي واحد حول “تبريرات الاستسلام

  1. الانتحار الجماعي أم الدبلوماسية؟!

    على مدى مايزيد عن السنتين ونصف قامت الدولة السورية بالتشاور مع حلفائها على تنسيق المواجهة المفتوحة مع امريكا وأذنابها .. ولولا دعم الحلفاء وفي مقدمتهم “روسيا وايران” السياسي والاقتصادي والعسكري .. لكانت الأمور انتهت منذ البدايات .. والدولة السورية في هذا الوقت الحرج قبلت نصيحة حلفائها لأنها لا تستطيع مواجهة العدوان الأمريكي بمفردها .. وليس من المصلحة السورية تجاهل مصالح داعميها، الذين توصلوا لهذه التسوية معا لتخطي خط أوباما الأحمر .. على مبدأ سد الذرائع وتلافي المواجهة الكارثية الشاملة ..

    السلاح الكيماوي السوري، عاجلا أم آجلا .. بحرب أو بدونها هو بند رئيسي في أي تسوية .. لماذا تلام الدولة السورية في سعيها لصد العدوان المرتقب على سورية بقبولها التفاوض على نزع السلاح الكيماوي منها .. ولا تلام رموز الاتلاف الوطني مثل “غليون وسيدا وصبرا وكيلو والاخوان الآخرون”، الذين قدموا التعهدات والتطمينات العلنية لأمريكا واسرائيل منذ البداية .. أنهم اذا تمكنوا من السلطة في سوريا فسيقومون تحت اشراف امريكا باعادة هيكلة الجيش والأجهزة الأمنية .. واعادة تسليحه .. بما يتوافق مع تغيير عقيدته ومهامه وفق اصطفافه التابع لمحور “الاعتدال العربي” .. وتأكيدهم على أن لا حرب مع اسرائيل وقبولهم التفاوض على الجولان المحتل سلميا فقط .. وبالأمس ظهر احدهم “فايز سارة” على الفضائيات وأصر بطلبه من أمريكا على نزع السلاح الصاروخي والطيران والدبابات قبل السلاح الكيماوي من يد الدولة السورية .. وفي تصريحات قديمة لغليون والمالح وصبرا وادريس للصحافة العالمية أن سوريا المستقبل لاتحتاج لهذه الأسلحة الاستراتيجية .. وسيطلبون من المجتمع الدولي مساعدتهم على التخلص منها حال استلامهم مقاليد السلطة في سوريا …

    لفهم “المبادرة ـ المناورة” الروسية .. التي قلبت الطاولة وخلطت الأوراق .. لسحب ذريعة السلاح الكيماوي من التداول .. يكفي متابعة الفضائيات الاخبارية لحلف العدوان مساء البارحة واليوم .. هستيريا جماعية ــ صراخ وعويل ــ لرموز الاتلاف الوطني السوري .. وهذيان محموم لمقدمي نشرات الأخبار .. وكذلك تحليلات صحافتهم المرتزقة خليجيا .. الكل أجمع على أن امريكا تخلت عنهم بصفقة بين أوباما و بوتين .. “أيتام الناتو” رفضوا ماحصل وكالوا الشتائم لأوباما وبوتين وباتوا من عتاة “ايباك” يتسولون ضرب الدولة السورية بأي قوة من أي دولة مستعدة لنصرتهم والتمويل جاهز خليجيا …

    قالوا قديما ” لكل مقام مقال ……”

أضف تعليق