عزلة متزايدة لآل سعود في المنطقة

أنا أدعو المتابعين والمراقبين لأن يراقبوا جيدا مملكة آل سعود في هذه الأيام، لأن هذه المملكة تمر حاليا بمرحلة تحول نادرة تسمى “الأسرلة”. هذه ظاهرة فريدة في المورفولوجيا السياسية وهي لا تتكرر كثيرا.

فقط اقرؤوا المقال التالي لرئيس تحرير الشرق الأوسط. إسرائيل لم تجد من يتعاطف معها في العالم سوى آل سعود.

السودان.. عبث أم مواجهة؟

عندما تتأمل عملية استهداف مصنع «اليرموك» للأسلحة في السودان من قبل إسرائيل، فأنت أمام خيارين، كمواطن عربي حريص على الدول العربية؛ الأول أن تنظر لضرب إسرائيل لمصنع «اليرموك» للأسلحة بنظرة عاطفية، وتشعر بالغضب تجاه إسرائيل، وتقول في حقها ما تشاء. والخيار الثاني هو أن تنظر للموضوع بنظرة عقلانية، وتحاول استخلاص العبر مما مر ويمر بمنطقتنا.

شخصيا، أفضل الخيار الثاني، العقلاني، وهذا يعني طرح سؤال مهم جدا، وبسيط، وهو: مصنع أسلحة في دولة أهلكتها الحروب، والانقسامات، والأزمات؟ نعم، فكيف لدولة تعاني أزمات وحروبا داخلية طاحنة، وحالة تردٍ متكاملة جعلت رئيسها مطلوبا للعدالة الدولية، كما دفعت خيرة عقول مواطنيها للهجرة، ودفعت المجتمع الدولي لتسليط الضوء على السودان، حيث هناك لجان ومنظمات دولية، شغلها الشاغل هو السودان من دارفور إلى قضايا حقوق الإنسان هناك، كيف لتلك الدولة أن تبني مصنعا للسلاح، وهذا ليس كل شيء، بل إن إيران تتهم بالتورط فيه؟ والأدهى والأمرّ أن بعض المسؤولين السودانيين يقولون، إنه بعد هذه الضربة بات السودان دولة مواجهة.. حسنا وماذا؟ ما الذي بوسع الخرطوم فعله؟

فعلا أمر محير، فالقصة هنا ليست قصة إشاعات، أو أغراض دعائية، فقبل ذلك، وفي أواخر التسعينات قامت الولايات المتحدة الأميركية بقصف ما عرف وقتها بمصنع «الشفاء» للأدوية بالسودان، والذي وبحسب ما نشر موقع «بي بي سي» العربي الإخباري، سبق للرئيس الأميركي في حينها بيل كلينتون أن قال حول استهداف ذلك المصنع، إن له علاقة بالشبكة التي يديرها أسامة بن لادن، وإنه كان ينتج مواد تدخل في إنتاج الأسلحة الكيماوية، رغم إصرار أصحاب المصنع على أن مصنعهم لا علاقة له بأسامة بن لادن. والقصة لا تقف عند هذا الحد، فقد تم استهداف قوافل للسلاح أيضا من قبل عامين أو أقل في السودان، وقيل إن إسرائيل تقف خلفها لأن بها أسلحة مهربة لحماس، واليوم تأتي عملية قصف مصنع «اليرموك» للأسلحة، والذي تتهم إيران بأن لها علاقة بعملية التصنيع فيه، فأي عبث أكثر من هذا في السودان المقسم، والمنهك بسبب النظام الإخواني الحاكم هناك، والذي لا يخرج من أزمة إلا ويدخل في أخرى! فمن ينظر في الإحصائيات الخاصة بالأمن الغذائي في السودان، والفقر، والتعليم، ووفيات الأطفال، هذا عدا عن الأزمات الدائرة بمناطق عدة هناك، سيعي تماما حجم أزمة هذه البلاد، ومدى عبثية وجود مصانع أسلحة تخدم أطرافا خارجية فيه، مما يجعل السودان كله منطقة مستباحة للأعمال العسكرية، سواء من إسرائيل أو غيرها.

من ينظر لواقع السودان، من استضافة أسامة بن لادن، إلى عمليات تهريب السلاح، ثم بناء مصانع الأسلحة العبثية، وقبلها الحروب الداخلية، والأزمات، والتقسيم، يدرك أن السودان ليس دولة مواجهة، كما يردد بعض مسؤوليه، بل دولة ارتكاب الأخطاء الممنهجة، ومنذ وصول هذه السلطة الإخوانية لحكم السودان، مما يعني أن السودان، والمواطن السوداني هما الضحية أولا وأخيرا.

إسرائيل مرعوبة من التحالف العسكري الإيراني-السوداني. موقع دبكا يقول أن وفدا عسكريا إيرانيا رفيعا زار السودان لتقييم الأضرار الناجمة عن العدوان الإسرائيلي، وعمر البشير قال أن “كل الأهداف الإسرائيلية مشروعة”. إسرائيل خائفة من أن تساعد إيران السودان لكي يرد على إسرائيل.

هناك مئة طريقة يمكن للسودان أن يرد بها على إسرائيل. طالما أن إيران تدعمه فهو يستطيع فعل الكثير. إسرائيل على ما أعتقد خائفة من أن يقوم السودان بإطلاق طائرات بدون طيار من النوع الجديد الذي أعلنت عنه إيران بالأمس. هذه الطائرات مداها 2000 كم وأفضل مكان لتجريبها حاليا هو السودان.

السودان يتحول إلى جبهة حقيقية ضد إسرائيل، وهذا هو آخر ما كان ينقص إسرائيل وآل سعود. قديما كانت مصر هي “الجبهة الجنوبية” لإسرائيل، وأميركا نجحت في تحييد هذه الجبهة. الآن هذه الجبهة تعود من جديد من السودان.

الزمن الحالي ليس مثل الأزمنة الماضية. السودان يستطيع الآن استهداف إسرائيل بالصواريخ والطائرات بدون طيار والسفن والغواصات. إيران تصنع كل هذه الأمور، والسودان هو قاعدة إيرانية ممتازة لاستخدام هذه الأسلحة ضد إسرائيل من جهة الجنوب. تخيلوا كم هو العناء الذي ستتحمله إسرائيل الآن لتحصين جبهتها الجنوبية ضد الاختراقات السودانية. هي أصلا كانت تعاني من سورية وحزب الله. الآن صار لديها السودان، وقريبا ربما العراق.

السودان هو مرتبط عسكريا بغزة. السودان هو حديقة خلفية يمكن من خلالها إمرار السلاح إلى غزة. إسرائيل لطالما استهدفت السودان بسبب هذا الموضوع لأنه يقوم منذ زمن بعيد بنقل السلاح الإيراني إلى غزة.

الأخطبوط الإيراني يخنق إسرائيل. إسرائيل لا يمكنها أن تحارب على كل هذه الجبهات. إسرائيل بلد صغير جدا ومعظم قوتها يأتي من الهالة الإعلامية ومن عمالة الأنظمة العربية. حاليا الأنظمة العربية تترنح، ولم يبق في الميدان إلا آل سعود، ولكن وضع آل سعود الآن ليس أفضل كثيرا من وضع إسرائيل. أما الهالة الإعلامية الإسرائيلية فهي تتداعى بسرعة. طائرة حزب الله كانت ضربة قوية لهذه الهالة. إسرائيل أرادت من خلال عملية السودان استعادة هالتها، ولكن الرد السوداني المتوقع قريبا سوف يكسر هيبة إسرائيل مجددا على ما أعتقد.

هذا الكلام في رأيي هو صحيح على الأغلب:

http://www.arabi-press.com/?page=article&id=52854

ثمة “خبرية” قوية تداولها الديبلوماسيون في طهران خلال الايام القليلة الماضية تفيد بان الرئيس اوباما ارسل موفدا سريا الى العاصمة الايرانية محملا اياه الرسالة الثالثة في عهده الى القيادة العليا هنا ليؤكد لها انه ” لن يسمح لقيادة تل ابيب بمهاجمة ايران للتداعيات الكارثية التي سنتج عن ذلك على التوازن الدولي القلق اصلا ” الامر الذي لم يؤكده اي مسؤول ايراني او ينفيه !

سياسة أوباما واضحة. الرجل لا يريد حروبا جديدة.

الخبر التالي ليس مهما بسبب محتواه وإنما بسبب مصدره:

خدمة «نيويورك تايمز»

بغداد: ياسر غازي وتيم أرانغو*
بعد انضمام مقاتلين من الطائفة السنية العراقية منذ شهور إلى صفوف الجيش السوري الحر للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، انضم الآن مقاتلون عراقيون شيعة إلى تلك المعركة، ولكن هذه المرة إلى جانب حكومة الأسد، وهو ما قد يحول بذور الفتنة الطائفية العراقية إلى حرب أهلية مريرة تكون قائمة على أساس التناحر الديني.

ويسافر بعض الشيعة العراقيين إلى طهران، ثم تقوم الحكومة الإيرانية التي تعد الحليف الرئيسي لسوريا في المنطقة، بنقلهم إلى دمشق. في حين يلجأ البعض الآخر لنقل الأسلحة والمعدات والمقاتلين بواسطة حافلات تقلهم من مدينة النجف العراقية إلى سوريا بحجة زيارة أحد أهم الأضرحة الشيعية في دمشق، والذي يتم حمايته منذ شهور من قبل عراقيين مسلحين.

وفي مقابلة عبر الهاتف، قال شاب عراقي يبلغ من العمر 25 عاما ويدعى أحمد الحساني: «انضم إلينا عشرات العراقيين، ويزداد عدد المقاتلين التابعين لفرقتنا يوما بعد يوم». وأشار الحساني إلى أنه قد وصل إلى سوريا منذ شهرين عبر طهران.

وينضم المقاتلون العراقيون الشيعة إلى قوات تضم مقاتلين من لبنان وإيران، وهو ما جعل سوريا أقرب ما تكون إلى ساحة كبيرة لحرب طائفية إقليمية.

والآن، بات العراق، الذي ما زال يعاني من المذابح الطائفية، متورطا بصورة متزايدة في الصراع السوري. وتلعب إيران، ذات الأغلبية الشيعية مثلها في ذلك مثل العراق، دورا حاسما في تعبئة العراقيين ونقلهم إلى الأراضي السورية.

ووفقا لتصريحات قادة شيعة تم إجراء مقابلات شخصية معهم هنا، يحصل المتطوعون العراقيون على أسلحة وإمدادات من الحكومتين السورية والإيرانية، كما تقوم إيران بتنظيم رحلات إلى العراقيين الذين يرغبون في القتال إلى جانب النظام السوري.

وعلاوة على ذلك، تضغط إيران على العراقيين حتى يقوموا بتنظيم لجان تكون مهمتها تجنيد مقاتلين شباب، وقد تم تشكيل هذه اللجان بالفعل في الآونة الأخيرة في معقل الشيعة بجنوب العراق وفي محافظة ديالى شمال العاصمة العراقية بغداد.

ويرى الكثير من العراقيين الشيعة أن الحرب السورية – التي تثور فيها الأغلبية السنية على الحكومة التي يتحكم بها العلويون (وهم طائفة من الشيعة) – عبارة عن معركة من أجل مستقبل الشيعة. وقد برز هذا الصراع الطائفي من خلال تدفق المتطرفين السنة المتحالفين مع تنظيم القاعدة والذين انضموا للقتال إلى جانب المعارضة ضد النظام السوري، تماما كما فعلوا خلال العقد الماضي عندما كانوا يقاتلون ضد الحكومة العراقية ذات الأغلبية الشيعية.

وقال المحلل السياسي والأستاذ بكلية العلوم السياسية بجامعة بغداد إحسان الشمري: «أصبحت سوريا مفتوحة الآن أمام كافة المقاتلين، ويلعب تنظيم القاعدة على وتر الطائفية، وهو ما سيثير ردود فعل الشيعة، كما هو الوضع في العراق». وأضاف الشمري: «يكمن خوفي الأكبر حيال الأزمة السورية في تداعياتها المحتملة على العراق الذي لا يزال يعاني من العنف الطائفي».

وقال علي حاتم، وهو شاب عراقي يخطط للسفر إلى طهران ومنها إلى دمشق، إنه يرى أن الدعوة للقتال إلى جانب الرئيس الأسد هي جزء من «واجبه الديني».

وقال أبو محمد، وهو مسؤول في محافظة بابل بالتيار الصدري السياسي الذي يتبع الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، إنه تلقى دعوة في الآونة الأخيرة من قيادة التيار الصدري لكي يحضر اجتماعا في مدينة النجف لمناقشة الأمور المتعلقة بزيارة ضريح السيدة زينب في دمشق. وقال أبو محمد: «نعرف أن هذا ليس هو الهدف الحقيقي من الاجتماع لأن الوضع غير ملائم لمثل هذه الزيارة. وعندما ذهبنا إلى النجف، قيل لنا إن هذه دعوة للقتال في سوريا ضد السلفيين».

وقال مسؤول بارز في التيار الصدري وعضو سابق في البرلمان العراقي، والذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الحافلات القادمة من النجف، والتي يقال: إنها تحمل حجاجا من الشيعة، تحمل أسلحة ومقاتلين إلى دمشق.

وربما تعتمد إيران، التي تتهم بإرسال أسلحة ومقاتلين إلى سوريا، على نفس الحيلة. فعقب قيام الثوار السوريين باعتقال 48 إيرانيا في دمشق في شهر أغسطس (آب) الماضي، قالت الحكومة الإيرانية إنهم من الحجاج الشيعة وأعربت عن غضبها جراء اختطافهم من قبل الثوار السوريين. ويقول مسؤولو استخبارات أميركيون إن بعض هؤلاء الحجاج هم أعضاء في الحرس الثوري الإيراني.

ومع ذلك، لا يميل المحاربون الدينيون إلى هذه التفرقة طوال الوقت، ففي محافظة ديالى، التي لا تزال مركزا خصبا للتمرد السني في العراق، يقول الشيعة إنهم يبحثون عن متطوعين من أجل تشكيل «تنظيم قتالي» من أجل الدفاع عن ضريح السيدة زينب ضد «من يتبنى الآيديولوجية السلفية المتشددة والذين يتم دعمهم من قبل دول الخليج»، على حد قول أبو علي الموسوي، وهو رئيس اللجنة المسؤولة عن تجنيد الشباب لهذا الغرض، والذي أشار إلى أن 70 رجلا من محافظة ديالى قد سافروا للتوا للقتال إلى جانب النظام السوري.

وقال أبو سجاد، والذي انتقل إلى دمشق عام 2008 ويقاتل الآن إلى جانب الحكومة السورية منذ اندلاع الثورة، إنه وغيره من المقاتلين العراقيين يقاتلون في حقيقة الأمر من أجل حماية ضريح السيدة زينب. وأضاف أبو سجاد، وهو مقاتل سابق في جيش المهدي، إنه كان يحصل على الأسلحة والإمدادات من الحكومة السورية.

ومع احتدام حدة القتال، أصبح يتم قتل واختطاف العراقيين، وهو ما يذكره بالوضع الذي تركه في العراق، ولذا عاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه بمدينة البصرة. ويقول أبو سجاد: «يمكنني القول بأن الأمور ستزداد توترا في سوريا. إنها حرب طائفية، وربما تكون أسوأ من الحرب التي كانت هنا بين الميليشيات والأحزاب السياسية، لأن الصراع السوري يشمل الجميع، ويمكنك بسهولة أن تشعر بحالة الكره الموجودة بين السنة والعلويين، حيث تقوم كل طائفة بكل ما في وسعها للتخلص من الطائفة الأخرى».

وفي بداية الأمر، لم يكن الشيعة العراقيون مع أي من الجانبين، علاوة على أن الكثير من الشيعة يحتقرون الرئيس الأسد بسبب انتمائه لحزب البعث الذي كان ينتمي إليه الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ودعمه للمقاتلين السنة خلال الحرب العراقية، ولكن بعدما تحولت الثورة السورية إلى صراع مسلح ينضم إليه المقاتلون السنة، قرر الكثير من الشيعة الانضمام إلى القتال إلى جانب النظام السوري من منطلق الدفاع عن وجودهم. وغالبا ما يصف المتدينون الشيعة في العراق الصراع السوري بأنه بداية تحقيق النبوءة الشيعية التي تنذر بنهاية العالم من خلال التنبؤ بظهور جيش تحت قيادة رجل يشبه الشيطان اسمه السفياني في سوريا ثم يقوم بقهر الشيعة في العراق.

أيضا جوشوا لانديز نشر بالأمس مقالا يتباكي فيه على العراق وتأثره بالأزمة السورية.

أميركا الآن تقول للرأي العام الأميركي أنها قلقة على مصير العراق من الأزمة السورية. هي بالفعل قلقة على مصير العراق خاصة بعد زيارة المالكي إلى موسكو. هي قلقة من أن يتحالف العراق مع روسيا. هذا هو ما يقلق أميركا، ولكنها لا تستطيع أن تقول هذا للإعلام، ولهذا السبب هي تتحدث الآن عن التأثيرات الطائفية للحرب السورية على العراق. هي تتخذ من هذه المسألة حجة، وكأن التأثيرات الطائفية بدأت الآن. أميركا وآل سعود أشعلوا نيران الطائفية في العراق منذ سنوات، وأميركا لم تفعل شيئا ولم تطلب من آل سعود حتى أن يوقفوا قنوات التحريض الطائفي والفتاوى التكفيرية. الآن أميركا صارت فجأة حريصة على استقرار العراق. هذا بصراحة هراء.

أيضا أميركا اكتشفت الآن فجأة أن المتمردين السوريين هم عبارة عن إرهابيين، وأنهم لا يمكن أن يهزموا النظام السوري. كل هذه الاكتشافات ظهرت الآن بشكل مفاجئ.

توجه باراك أوباما واضح. هو يريد التفاوض والتوصل لصفقة. الضحية الأولى لهذه الصفقة ستكون إسرائيل. لأن إيران لم تتخل عن سورية ولا حزب الله، وبالتالي الصفقة الأميركية-الإيرانية مستحيلة بدون حل القضية الفلسطينية.

لا يمكن لأوباما أن يعقد صفقة مع إيران دون أن يضمن أمن إسرائيل. إسرائيل (بخلاف ما تروجه الأنظمة العربية وخاصة الخليجية) هي دولة ضعيفة جدا. عدد سكانها هو خمسة ملايين فقط، وعمقها الجغرافي معدوم. هي لا يمكنها أن تصمد أسبوعا أمام إيران. هذه الدولة تستمد وجودها من الغطاء الأميركي. أميركا كانت تاريخيا توفر لها الحماية عبر عملائها في المنطقة. في الخمسينات أميركا كانت تملك عملاء أقوياء في المنطقة هم تركيا وإيران بالإضافة إلى آل سعود. هذا المثلث كان يحاصر العرب ويحارب المشروع القومي العربي. حاليا هذا المثلث انهار. إيران خرجت منه وانقلبت على أميركا وإسرائيل، وتركيا صارت تستحي من حلفها مع إسرائيل، وآل سعود هم محاصرون ومعزولون وبحاجة لمن ينقذهم من شعبهم. إسرائيل لم تعد تملك غطاء في المنطقة. مصر الآن صارت أيضا تستحي من حلفها مع إسرائيل، والنظام الأردني على كف عفريت. لا يوجد لإسرائيل أي شيء في المنطقة. حتى النظام السوري لم يسقط ولن يسقط. حزب الله صامد. حماس صامدة.

وضع إسرائيل ميؤوس منه. هذا الكيان وصل إلى نهاية عمره وأميركا لن تستطيع أن تغطيه بعد اليوم. أنا أتوقع أن أوباما في ولايته الثانية (إن فاز) سوف يضغط بقوة وجدية على إسرائيل لكي تتفق مع الفلسطينيين وسورية. لا يوجد حل آخر. إذا لم يتم حل القضية الفلسطينية فلن يكون هناك حل للقضية السورية واللبنانية، وبدون حل القضية السورية واللبنانية لن تكون هناك صفقة أميركية-إيرانية.

هناك صفقة لا بد منها بين أميركا وإيران على مستوى المنطقة. هذه الصفقة سترسم موازين القوى في المنطقة للعقود القادمة. ميزان القوى القديم الذي رسمته اتفاقية سايكس-بيكو والاستعمار الغربي انتهى. الآن سوف يتم تفصيل شكل جديد في المنطقة يكون لإيران الهيمنة فيه ولا توجد فيه قضية فلسطينية.

أنا لا يهمني إن هيمنت إيران على المنطقة. لو كان آل سعود خائفين من هيمنة إيران فهم ما كان يجب أن يحاربوا المشروع القومي العربي. هم حاربوا المشروع القومي ودمروا الدول العربية واحدة بعد الأخرى، والآن هم يتباكون خوفا من إيران. هم كانوا يظنون أن أميركا ستحميهم. هؤلاء العملاء الأغبياء هم الذين أوصلوا أنفسهم إلى الوضع حالي. أنا لا يهمني حتى لو قامت إيران بخلعهم وعينت مكانهم satrap (حاكم مقاطعة في الإمبراطورية الأخمينية). لا حل لهم سوى التفاوض مع إيران ومنح الشيعة في دول الخليج حقوقهم. لا يوجد حل آخر. لا بد من الإصلاح السياسي في دول الخليج وإنهاء نظام المشيخات.

بالنسبة لسورية فأنا يهمني شيء واحد هو الوحدة السورية-العراقية. هذا الأمر سيخلصنا من كثير من المشاكل والتعقيدات الجيوسياسية. بدلا من أن نكون لعبة سنتحول إلى لاعب في المنطقة، وإيران يجب ألا تعارض هذه الوحدة طالما أن “الشيعة” هم المهيمنون في سورية والعراق (أنا لا أعتقد فعلا أن الشيعة مهيمنون في سورية ولكننا يجب أن نأخذ الإيرانيين والعراقيين على قدر عقولهم حتى يسمحوا لنا بتحقيق الوحدة العربية).

أنا بصراحة لا أظن أن إيران ستسمح بوحدة عراقية-سورية. هذا شيء غير منطقي، لأن إيران في المرحلة المقبلة ستهيمن على المنطقة، فكيف تسمح بظهور دولة عربية كبيرة تهدد سيطرتها؟ ناهيك عن أن هذه الدولة ستحوي غالبية من غير الشيعة، وإيران مشروعها إسلامي شيعي. لا يوجد أي سبب يدفع إيران للقبول بالوحدة العراقية-السورية، ولكن السوريين يجب أن يناضلوا لانتزاع هذه الوحدة. يجب أن نقنع الإيرانيين أن الدولة العربية ستكون حليفا لهم، ولا بأس بشكل من الوحدة الكونفدرالية مع إيران أو شيء من هذا القبيل. هذا يجب أن يكون مشروع سورية في القرن الحالي. العالم الآن تهيمن عليه دول عملاقة ودولة صغيرة تافهة كسورية لا نريدها. نريد دولة كبيرة محترمة يمكن رؤيتها على الخريطة.

آل سعود يرون المتغيرات ولا يجدون ما يفعلونه سوى شتم السودان، وشتم غزة، والاستعانة بميشيل كيلو لشتم وليد المعلم في الشرق الأوسط. كتاب الشرق الأوسط السعوديون يمكنهم شتم وليد المعلم بأنفسهم، ولكن الشتم يكون أقوى إن جاء من شخص سوري صنع له الإعلام الخليجي والغربي سمعة كميشيل كيلو. الرجل يترزق ويبحث عن لقمة العيش، ولا بأس من شتم وليد المعلم على منابر آل سعود طالما أنهم يدفعون المال.

قناة الجزيرة غاضبة على الأردن وهي تتحدث عنه بصيغة “النظام الأردني”. أميركا في الفترة الماضية أوعزت لكل من لبنان والأردن لكي يغلقا حدودهما مع سورية أمام المسلحين، وهذا ما حدث بالفعل حيث أن الجيشين اللبناني والأردني أغلقا الحدود السورية واشتبكا مع المسلحين. هذا على ما يبدو أغضب مشايخ الخليج. أميركا أيضا دعمت نظام ميقاتي وهمشت الحريري ومطالبته بإسقاط ميقاتي. الحريري ووسام الحسن هما دمى لمشايخ الخليج، وأميركا لم تعد تعير اهتماما لهذه الدمى. هي لا تهتم إن قتل أحدهم أو أبعد الآخر من الحكم. هي الآن تفكر في الاتفاق مع إيران ولا يهمها مشايخ الخليج ولا دماهم.

لا يوجد أمام المشايخ سوى التخريب والترفيس العشوائي. هم ما زالوا يحاولون إنجاز شيء ما في سورية على أمل تحقيق نصر إعلامي يحرج أوباما ويمنعه من الاتفاق مع إيران. هذه هي غاية مناهم. هم يريدون فقط تخريب الاتفاق الأميركي-الإيراني المنتظر، ولكن أوباما رغم ذلك لا يعير لهم بالا.

يجب على منظومة المقاومة أن تحتضن الأردن لأن هذا البلد معرض للأذى من مشايخ الخليج في الفترة المقبلة. أصلا مصلحة محور المقاومة هي في جذب الأردن بعيدا عن هؤلاء العملاء الذين انتهت أدوارهم. هم الآن يسعون للانتقام العشوائي وربما يفشون خلقهم في الأردن في المرحلة المقبلة. أنا لا تعجبني مقاربة قناة الجزيرة للأوضاع في الأردن.

فلنأخذ الأردن بعيدا عن آل سعود حتى يكتمل الحصار على هذا النظام الإسرائيلي الذي انتهى دوره. هو أوصل نفسه إلى هذا المصير. دمر الدول العربية وحارب شعبه ظنا منه أن الغطاء الأميركي سيدوم للأبد. الآن هو اكتشف أن أميركا لن تحارب إيران وأن هذه الدولة الهائلة ستظل إلى جانبه وستطبق على عنقه.

سورية وغزة والسودان ولبنان: نفوذ متعاظم لمحور المقاومة

لم يتسن لي متابعة تفاصيل الأخبار في الأيام الأخيرة، ولكنني سوف أعلق سريعا على الأمور الكبيرة.

بالنسبة للجدل الروسي-الأميركي المستجد حول سورية فهذا على ما أعتقد أمر طبيعي لأن الجانبين على وشك الدخول في مفاوضات. جوشوا لانديز نشر مقالا غريبا قبل أيام طالب فيه بتزويد المتمردين السوريين بالمزيد من الصواريخ، وبعد نشره لهذا المقال بيوم واحد اضطر لسحبه وعرض وجهة نظر معارضة تماما لتسليح المتمردين السوريين. لا أدري ما الذي حصل ولكنني أظن أن ذلك المقال كان اجتهادا من عند جوشوا لانديز في محاولة للتأثير على الرأي العام في هذه الفترة الحرجة التي تشهد انتخابات أميركية وستشهد قريبا إعادة تقييم للموقف الأميركي. جوشوا لانديز يتبع منهجا في التحليل السياسي يشبه منهج الكثير من المعارضين السوريين– هو لا يقيم اعتبارا لأي قوى إقليمية أو دولية سوى الولايات المتحدة حصرا، وبالنسبة له روسيا والصين وإيران والقسم من الشعب السوري المعارض لسياسة الولايات المتحدة هم كلهم لا شيء. هو يعتبر أن مناوئي الولايات المتحدة لا قيمة لهم في المسألة السورية وأن الولايات المتحدة تستطيع أن تفعل ما تشاء وفي أي وقت. لهذا السبب هو اقترح على أميركا تزويد المتمردين السوريين بالمزيد من الصواريخ، ولكن اقتراحه جاء في توقيت سيء جدا لأن أميركا تريد في هذه المرحلة أن تبرز للرأي العام الدولي أنها تعمل على تهدئة الأوضاع في سورية وأن الاتهامات الموجهة لها بدعم المتمردين وتشجيع العنف في سورية هي اتهامات غير صحيحة.

أميركا تريد أن “تخلي ساحتها” في المسألة السورية حتى تحرج روسيا والصين وإيران وتجبرهم على التحرك ضد النظام السوري. حاليا حجة المحور المناوئ لأميركا هي أن أميركا تشجع العنف وتدعم المتمردين. أميركا حاولت بجهد واضح خلال الأسابيع الماضية أن تهدئ الأوضاع حتى تحشر روسيا في زاوية وتجبرها على القيام بشيء ما في المسألة السورية.

كما قلت من قبل، استمرار الوضع الحالي في سورية لا يفيد أميركا، لأن العنف في سورية بلغ ذروته قبل شهرين وهو الآن في طور الانحدار. كل يوم يمر الآن هو لمصلحة سورية وليس أميركا، وموقع دبكا قال هذا الكلام بصراحة في مقاله الشهير الذي تحدثت عنه من قبل. من الطبيعي والحال كذلك أن تسعى أميركا لتجميد الأوضاع حتى تقلل خسائرها. هي طلبت من بان كي مون والأخضر الإبراهيمي أن يعملا على تحقيق هدنة في سورية لهدف وحيد هو الحد من الخسائر. أميركا تريد وقف عمليات النظام السوري الأمنية ضد المتمردين وهذا هو السبب الأساسي الذي دفعها لطلب الهدنة ووقف تسليح المتمردين.

أميركا تريد عقد صفقة الآن لأن الأمور مستقبلا لن تكون لصالحها. تركيا حاليا مضغوطة اقتصاديا وهي لن تستطيع الاستمرار في الحرب الاقتصادية مع محور المقاومة طويلا لأن الشعب التركي يعارض ذلك ولا يؤيد سياسة “أسرلة” تركيا التي تنتهجها أميركا. في النهاية تركيا ستعيد انفتاحها على سورية، وهذا سيؤثر على الموقف الأوروبي والعربي. أي أن الأمور ستفلت والحصار الذي أرادت أميركا فرضه على سورية لن ينجح. سبب فشل الحصار هو جهود محور المقاومة في الضغط على تركيا. الموقف العراقي بالذات كان لافتا في الفترة الأخيرة، لأن العراق أعطى إشارات بأنه سيتحالف مع روسيا ضد تركيا. هذا الموقف العراقي كان القشة الحاسمة التي دفعت أميركا لإعادة تقييم موقفها. هي لن تستطيع محاصرة سورية وإنما ما يحدث هو أن تركيا تتعرض للحصار.

أنا قلت أن المأزق السوري لا يمكن أن ينتهي بدون الضغط على الدول المشاركة في المؤامرة على سورية. محور المقاومة ضغط بالفعل على هذه الدول، وخاصة على تركيا. عندما يذهب رئيس الوزراء العراقي إلى روسيا ويشتم تركيا من هناك فهذا يعني أن تركيا صارت محاصرة تماما في المنطقة.

أميركا تحاول الآن تفكيك الحلف الذي قام لدعم سورية. هي تريد أن تقول للعراقيين والروس أنها لا تتآمر على سورية وإنما المشكلة هي في النظام السوري. مقال جوشوا لانديز جاء في سياق مناقض تماما لسياق السياسة الأميركية. هو تبنى أفكار ميت رومني واليمينيين. أنا أدركت عندما قرأت ذلك المقال أنه لا يعبر عن سياسة الإدارة الأميركية الحالية.

روسيا الأن تهاجم أميركا وتتهمها بدعم المتمردين لأن روسيا لا تريد أن تسجل أميركا نقاطا ضدها. أميركا تريد أن تبرئ نفسها وأن تحرج روسيا وتظهرها بمظهر من يدعم أحد أطراف الصراع. لهذا السبب أثارت روسيا قضية الدعم الأميركي اللوجستي للمتمردين.

بالنسبة للهدف الذي تتوخاه أميركا فأنا شرحته مرارا من قبل. هي ببساطة تريد عزل سورية وإضعافها. هي تريد من روسيا والعراق وإيران أن يتخلوا عن سورية ويخففوا دعمهم لها ويشاركوا في حصارها. هذا هو ما تريده أميركا فعلا، وأما الوضع الداخلي في سورية فهو لا يهم أميركا كثيرا.

جوشوا لانديز ربما يكون استشعر تراجع اهتمام أميركا بالوضع الداخلي السوري، ولهذا السبب هو بدأ يروج لانتصارات مزعومة للمتمردين ويطالب بتسليحهم. هو رسم صورة مضحكة للوضع في سورية تشبه الصورة التي كان الإعلام الغربي يرددها قبل سنة من الآن (نظام علوي مسكين محاصر بالحشود السنية الهادرة). لا أدري إن كان يفعل هذا لدوافع شخصية أم أن هناك جهات تدفعه لذلك. هو حتما لم يكن يتحدث بموضوعية وإنما ينفذ أجندة سياسية.

من يتجاهل روسيا والصين وإيران والعراق وقسما مهما من الشعب السوري هو حتما لا يحلل بموضوعية. هو يتحدث بدوافع سياسية.

روسيا ضغطت على سورية لكي تقبل بالهدنة، لأن روسيا لا تستطيع أمام الرأي العام الدولي أن ترفض الهدنة، كما أن مصلحة روسيا هي في حل القضية السورية سلميا بأسرع وقت وعدم تركها مفتوحة.

مصلحة روسيا هي القيام بصفقة مع أميركا في أسرع وقت، والصفقة تعني حكما أن أميركا ستخرج بشيء ما. هذا الأمر يضر سورية لأن الشيء الذي ستعطيه روسيا لأميركا سيكون من جيب سورية وليس من جيبها.

الحل الوسط في سورية يعني حكما خسارة لسورية. مصلحة سورية هي في الحسم وليس الصفقات. الصفقات تعني تقديم شيء لأميركا، والوضع السوري لا يتحمل تقديم أي تنازل لأميركا. يكفي سورية الدمار والخسائر الهائلة التي لحقت بها. المشكلة هي أن النظام السوري عجز عن الحسم في الوقت المطلوب، والمتمردون طبعا لا أمل لهم بالحسم إلا بتدخل أميركي مباشر، وحتى لو حسموا فهم لا يستطيعون إقامة دولة وحكم سورية.

الحل الأفضل لسورية هو المماطلة وكسب المزيد من الوقت إلى أن ينجح النظام بالحسم. هذا هو الأمل الوحيد لمنع أميركا من الربح في سورية (الربح الأميركي في سورية يعني ربحا إسرائيليا لمن لا يعلم).

بالنسبة للإصلاحات الداخلية والديمقراطية فهذه مسألة مختلفة ولا علاقة لها بما نتحدث عنه. أنا أؤيد كليا تغيير النظام السوري وإسقاطه والتخلص من رموزه السيئة، ولكن ما يحدث الآن هو مسألة منفصلة عن هذا الموضوع. هناك قسم من المعارضة السورية لا يميز بين الداخلي والخارجي ويعتبر أن أميركا وإسرائيل هم من “أهل البيت”، بمعنى أنهم أطراف داخلية سورية ولا بأس إن تدخلوا وحصلوا على مكاسب. هذا المنطق في السياسة أنا لا أقبله. الأميركان نفسهم لا يقبلونه في بلادهم، فلماذا نقبله في سورية؟

يجب الآن إنهاء التمرد وإخراج يد أميركا من سورية. بعد تحقيق هذه الأولوية يمكننا أن نبحث التغيير الديمقراطي في سورية. التغيير الديمقراطي يعني التحاور مع جميع مكونات المجتمع وكسب ثقتها، لأن الديمقراطية تقوم على الثقة وإلا فإن الطرف الحاكم لن يتخلى أبدا عن السلطة. المنهج الذي يتبعه المتمردون حاليا (منهج إلغاء الآخر) لا يؤدي للديمقراطية بل يؤدي (وأدى) لتقسيم المجتمع.

جوشوا لانديز وأمثاله كانوا وما زالوا ينكرون أن النظام السوري يعبر عن قطاعات من المجتمع السوري. هم كانوا في البداية يصورون النظام على أنه عائلة أو مجموعة أشخاص، وبعد ذلك صاروا يصورونه على أنه الطائفة العلوية، وهذا كله كذب وتزييف للواقع. النظام السوري يمثل قسما مهما ومتنوعا من المجتمع السوري، ولا يمكن إحلال “ديمقراطية” في سورية بدون التحاور مع هذا القسم وكسب ثقته.

أمير قطر وزيارة غزة

 

زيارة شيخ قطر إلى غزة لقيت هجوما من الإعلام الإسرائيلي والسعودي في آن واحد. موقع دبكا هاجمها وكذلك كتاب صحيفة الشرق الأوسط. ظاهريا هذا شيء جيد. أنا لا أريد الحكم على النوايا أو افتراض وجود مؤامرات. طالما أن إسرائيل وآل سعود هاجموا شيخ قطر فهذا أمر يحسب له، ويجب أن نقول الحق.

من الجيد أن محور المقاومة نجح في دفع شيخ قطر لإغضاب إسرائيل. هذا أمر يحسب لمحور المقاومة. هذا دليل جديد وواضح على تمدد نفوذ محور المقاومة في المنطقة وتراجع النفوذ الأميركي. هو يؤكد ما قلته سابقا عن أن مملكة آل سعود تتحول لإسرائيل جديدة.

لا بد أن أمير قطر يبرر زيارته لغزة أمام الإسرائيليين على أنها محاولة منه لشراء حماس في الداخل بعدما اشترى حماس في الخارج، ولكن الإسرائيليين وآل سعود غير مقتنعين على ما يبدو بهذا المنطق. هم يريدون إبقاء الحصار على غزة ولا يريدون اتباع سياسة الإغراء مع حماس.

حتى الأميركان لا يريدون اتباع سياسة الإغراء مع حماس، ولكنهم اضطروا للموافقة على زيارة أمير قطر بسبب الوضع في المنطقة، أي أنهم أجبروا على ذلك في رأيي. أمير قطر يريد زيارة غزة منذ فترة طويلة ولكنه لم يتمكن من ذلك إلا الآن قبيل الانتخابات الأميركية بأيام. هو استفاد من رغبة أميركا في التهدئة وذهب إلى غزة. ربما تكون أميركا وافقت على زيارته لغزة مقابل أن يساهم في جهودها لتهدئة الوضع في سورية.

المحصلة هي أن النفوذ الأميركي يتراجع ونفوذ محور المقاومة يتقدم. هذه من ثمرات صمود إيران وسورية. لولا صمود محور المقاومة لما كان قطاع غزة حصل على قرش واحد من قطر طالما أن إسرائيل ترفض ذلك.

مصنع الصواريخ في السودان

 

قصف مصنع الصواريخ في السودان لا جديد فيه من حيث المبدأ. النظام السوداني هو عدو لإسرائيل وهذا أمر قديم، وبالتالي هذه المسألة لا تعبر عن تغير استراتيجي من الناحية السياسية. الجديد فقط هو أن إيران بدأت لأول مرة تحاول جعل السودان منصة لقصف إسرائيل بالصواريخ. هذا تطور عسكري مهم وهو يدل على أن إيران تحاول توسيع الجبهة ضد إسرائيل. الآن إسرائيل صارت مجبرة على التعامل مع السودان على أنه تهديد عسكري مباشر وليس بعيد المدى.

قد يقول قائل أن إيران أرغمت السودان على الدخول في الصراع مع إسرائيل مقابل مصالح اقتصادية وعسكرية للسودان. هذا أمر لا يعيب النظام السوداني بل هو ميزة له. من هي الدولة العربية التي تجرؤ على معاداة إسرائيل مقابل الدعم الإيراني؟ سابقا كانت هناك سورية فقط، والآن السودان ينضم أيضا على ما يبدو.

ليس من المعيب القبول بالدعم الإيراني مقابل معاداة إسرائيل. المعيب هو قبول الدعم الأميركي مقابل عدم معاداة إسرائيل.

ما حصل في السودان في رأيي هو دليل آخر على تراجع النفوذ الأميركي وتقدم نفوذ محور المقاومة، وهو دليل آخر على عزلة إسرائيل وآل سعود في المنطقة.

طبعا بالنسبة لعملية القصف بحد ذاتها فهي ضربة لمحور المقاومة وهي انتقام لعملية الطائرة أيوب. هي ضربة نوعية لمحور المقاومة كما يقول موقع دبكا.

التهدئة في لبنان

 

يحسب لجزب الله أنه نجح حتى الآن في منع انجرار لبنان إلى صراع شامل على غرار الحرب الأهلية السابقة. هو يمارس ضبط النفس ويحاول تقوية الدولة اللبنانية ومنع انهيارها.

حاليا لبنان بدأ يدخل فيما يشبه الحرب الأهلية الباردة. هذا شيء جيد. الحرب الباردة هي أفضل من الحرب الساخنة كما حدث في السبعينات والثمانينات. ما يحدث الآن في لبنان هو إنجاز لمحور المقاومة. هذا المحور نجح في الحفاظ على حد أدنى من التماسك في الوضع اللبناني.

بالنسبة لأميركا وأتباعها الأوروبيين فهم حريصون جدا على تهدئة الوضع في لبنان على ما يبدو (بخلاف مواقف أتباعهم الخليجيين). سبب هذا الأمر هو رغبة أميركا في عزل سورية ومنع فتح جبهة جديدة تستغلها سورية للضغط على أميركا.

أميركا ما زالت تأمل في استعادة السيطرة على لبنان. هي تريد أن تعزل النظام السوري في المنطقة، وفي حال نجحت في ذلك فهذا يعني عودة نفوذها تلقائيا إلى لبنان.

في حال رفعت أميركا الغطاء عن ميقاتي وشجعت الثورة ضده فهذا سيكون مؤشرا على أن أميركا غسلت يدها من سورية ولبنان. هذه المرحلة ربما تأتي لاحقا، ولا أدري إن كان ميقاتي سيصمد وقتها أم أنه سيستقيل. على الأغلب أنه سيستقيل، ولكن هذا لن يضر محور المقاومة.

بصراحة موضوع تفجير لبنان له حسابات كثيرة وليس مسألة بسيطة. أميركا قبل تفجير لبنان ستحسب المكاسب والخسائر المحتملة. في الحرب الماضية التي اندلعت في السبعينات أميركا خسرت في لبنان ولم تربح. سورية استفادت من الحرب لتعزيز نفوذها في لبنان وتهشيم النفوذ الغربي. هذه التجربة هي تجربة سيئة للغرب. أميركا وقتها استعانت بإسرائيل وحلف الناتو ولكنها لم تتمكن من هزيمة سورية في لبنان.

حاليا النظام السوري يبدو صامدا وغير مؤهل للسقوط. هذا يعني أن انفلات الوضع في لبنان سيفيد النظام السوري لأنه سيحاول ملئ الفراغ في لبنان واستهداف المصالح الأميركية والإسرائيلية. إذا كان اغتيال وسام الحسن من عمل النظام السوري فهذا دليل واضح على أن سورية ما زالت مؤثرة في لبنان. طالما أن الوضع كذلك فما هي الفائدة من تفجير لبنان؟ النظام السوري قد يستغل ذلك لتعزيز نفوذه وإيذاء أميركا كما حصل في الحرب السابقة.

لهذا السبب أميركا خافت من انهيار الوضع في لبنان ودعمت ميقاتي بقوة. هي تخشى من أن انهيار الوضع اللبناني سيؤدي لوقوع لبنان تحت المزيد من النفوذ السوري.

الموقف الأميركي من حكومة ميقاتي هو دليل جديد على تعاظم نفوذ محور المقاومة في المنطقة. لو كان محور المقاومة ضغيفا لكانت أميركا فجرت لبنان بهدف إيذاء حزب الله، ولكن أميركا تعتقد أن تفجير لبنان حاليا لن يؤذي حزب الله وسورية بل سيؤذيها هي وسيؤذي إسرائيل.

صمود النظام السوري هو ما أنقذ لبنان من الحرب الأهلية. لو كان النظام السوري انهار لكانت أميركا فجرت لبنان بهدف الإطاحة بحزب الله. وقتها أميركا ما كانت لتخشى من التدخل السوري في لبنان.

الفيلم السوداني الممل

الفيلم الذي نراه الآن في السودان هو فيلم ممل لأنه تكرر في كثير من البلدان العربية من قبل.

عمر البشير ظن أنه بالتنازل والاستسلام لمطالب أميركا فإنها سترضى عنه وعن نظامه، ولكن بعد تقسيم السودان سرعان ما تبين أن أميركا ما زالت تعمل على إسقاط نظام البشير والتآمر عليه.

أميركا لا يمكن أن تقبل بنظام البشير لأنه نظام معاد لإسرائيل يحكم دولة كبيرة ومهمة، ولهذا السبب هي استمرت في التآمر عليه والسعي لإسقاطه حتى بعد قبوله بتقسيم السودان.

الآن البشير استيقظ فجأة وقرر العودة عن قبوله بالتقسيم، ولكن كما توقعت في تدوينة سابقة فإن أميركا سرعان ما تدخلت بشكل علني وأرسلت سفنها إلى سواحل السودان لتهديد البشير.

قبل التقسيم أميركا وإسرائيل كانتا تدعمان المتمردين بالسر، أما الآن فأميركا لا تجد حرجا في إرسال سفنها بشكل علني إلى سواحل السودان لتهديد البشير، لأن المتمردين الآن صاروا دولة مستقلة عضو في الأمم المتحدة. هذه هي الثمرة الأولى من ثمار التقسيم الذي قبل به البشير.

 أما الثمرة الثانية فهي تدخل مجلس الأمن الذي صار الآن حرا في فرض العقوبات على السودان كما يشاء تحت حجة أن المتمردين هم دولة مستقلة ذات سيادة.

والثمرة الثالثة لقبول البشير بالتقسيم هي أن العملاء الخليجيين صاروا الآن أحرارا في اتخاذ موقف علني معاد للسودان. قناة الجزيرة القطرية الآن تتخذ موقفا معاديا للسودان ومؤيدا لجنوب السودان. هذا الموقف أقل ما يقال فيه هو أنه موقف إسرائيلي. أمير قطر لا يدعم جنوب السودان حبا بسكان الجنوب الفقراء وإنما حبا بإسرائيل وبغضا بنظام البشير. قبل التقسيم كان دعم المتمردين أمرا معيبا، أما الآن فصار دعمهم مبررا على أساس أنهم دولة مستقلة وأمير قطر رجل يحترم القانون الدولي.

أنا لا أستبعد أن يكون أمير قطر العميل يدعم المتمردين الجنوبيين الآن بالمال والسلاح. هذا أمر محتمل جدا بالنظر إلى الحماسة الكبيرة التي تعامل بها أمير قطر مع دولة الجنوب وبالنظر إلى التغطية المعادية للسودان التي تقوم بها قناته الآن.

أمير قطر دعم المتمردين في ليبيا وسورية وبالتالي من شبه المؤكد أنه يدعم المتمردين في السودان أيضا.

الهدف النهائي لكل ما يجري في السودان الآن هو إسقاط نظام البشير واستبداله بنظام آخر أو مجموعة من الأنظمة الصديقة لإسرائيل. هذا هو جوهر كل ما يجري في السودان. القضية لم تكن يوما قضية حقوق ومظالم. لو كانت لدى الجنوبيين مظالم فحلها لا يكون بتزويدهم بالسلاح وتحريضهم على التمرد والانفصال. هذا الأمر لا يخدم الجنوبيين ولا الشماليين وإنما هو مجرد مؤامرة على الجميع شبيهة بالمؤامرة التي تمت في ليبيا وتتم الآن في سورية.

الدول الاستعمارية تطبق هذه الحيلة منذ مئات السنين. أميركا بالذات لها باع طويل في هذه الحيلة وهي طبقتها في ولاية تكساس مثلا. ولاية تكساس كانت في الأصل جزءا من المكسيك، ولكن أميركا قامت في عشرينات وثلاثينات القرن 19 بتحريض المستوطنين الناطقين بالإنكليزية في تكساس على التمرد والمطالبة بالانفصال وصارت تدعمهم بالمال والسلاح، وهو ما أدى إلى تدهور العلاقات بين أميركا والمكسيك. المكسيك في ذلك الوقت لم تكن راغبة في خوض حرب مع أميركا بسبب الفارق في ميزان القوى، ولهذا السبب قبل المكسيكيون بحل وسط هو اعتبار تكساس دولة مستقلة بشرط ألا تقدم أميركا على ضمها إليها، وهكذا ولدت “جمهورية تكساس” Republic of Texas في عام 1836.

فور ولادة الدولة الانفصالية قامت أميركا بتحريضها على احتلال أراض حدودية تابعة للمكسيك، وهذا ما أدى إلى عودة القتال بين متمردي تكساس وبين المكسيك، وطبعا المتمردون كانوا يحظون بدعم أميركي كامل.

استمر القتال بين المتمردين وبين المكسيك واستمر التدخل الأميركي في تكساس  إلى أن قامت أميركا في عام 1845 بضم تكساس تحت حجة أن ذلك جاء بطلب منها، وطبعا المكسيك رفضت الاعتراف بهذا الضم ولكنها في نفس الوقت تجنبت إعلان الحرب على أميركا لأنها كانت تدرك الفارق في ميزان القوى ووجود مطامع توسعية لدى أميركا لا تتوقف عند حدود تكساس.

الأميركان لم يعجبهم الموقف المكسيكي الضعيف لأنهم كانوا يأملون بخوض حرب ضد المكسيك تمكنهم من ضم المزيد من الأراضي، ولهذا السبب أرسلوا جيشا في عام 1846 للتحرش بالمكسيك تحت حجة أنها تحتل أراض حدودية تابعة لتكساس، وطبعا المكسيكيون اضطروا للتصدي للغزو الأميركي، وهكذا انتهز الكونغرس الأميركي الفرصة وأعلن في عام 1846 الحرب الشاملة على المكسيك (هذه الحرب يسميها الأميركان باسم الحرب المكسيكية Mexican War). الحرب المكسيكية كانت عبارة عن عملية غزو أميركي استعماري للمكسيك. هدف الأميركان من هذه الحرب كان إجبار المكسيكيين على التخلي عن مساحات شاسعة من أراضيهم الشمالية، ولكن المكسيكيين رفضوا ذلك وظلوا يقاومون الغزو الأميركي بشجاعة وبسالة، فاضطرت القوات الأميركية للتقدم نحو العاصمة مكسيكو سيتي وخاضت في الطريق إليها سلسلة من المعارك الشرسة، وفي النهاية دخل الأميركان عاصمة المكسيك في عام 1847 وأجبروا المكسيكيين على توقيع اتفاقية تنازلوا بموجبها عن نصف مساحة المكسيك لأميركا (ولايات تكساس، نيو مكسيكو، أريزونا، كاليفورنيا، كولورادو، يوتاه، ونيفادا).

الأراضي جنوب الخط الأحمر هي الأراضي التي استولت عليها الولايات المتحدة الأميركية في عام 1845 من الولايات المتحدة المكسيكية حديثة الاستقلال عن إسبانيا

 

هذا السيناريو الاستعماري تكرر كثيرا في العصور القديمة، وهو نفس السيناريو الذي حصل مع العراق (قضية الكويت وكردستان) ومع ليبيا (بنغازي) وما زال يحصل الآن في السودان.

طبعا أميركا أرادت تطبيق نفس السيناريو مع سورية في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات عندما كانت تسعى لاستدراج سورية إلى مواجهة غير متكافئة في لبنان، ولكن حافظ الأسد تجنب المواجهة وقتها قائلا مقولته الشهيرة “لن يجرونا إلى حرب في المكان والزمان غير المناسبين”، وفي عام 2005 كررت أميركا نفس المحاولة عندما أشعلت “ثورة الأرز” وأرادت من خلالها استدراج سورية إلى مواجهة غير متكافئة، ولكن بشار الأسد تجنب المواجهة المباشرة مجددا، وطبعا حرب العام 2006 كانت جزءا من هذا المخطط.

أكبر خطأ يرتكبه أي شخص هو الوثوق بأميركا والسماح لها بالحصول على موطئ قدم على أراضيه. امتلاك أميركا لموطئ قدم في أي دولة معادية لها يعني بداية الزوال لتلك الدولة، وللأسف السودان الآن يسير على طريق الزوال لأنه سمح لأميركا وإسرائيل والخليجيين بالحصول على موطئ قدم رسمي في جنوبه.

العراق الآن يحاول إزالة مواطئ القدم الأميركية والإسرائيلية والخليجية من أراضيه، ولكن تبقى مشكلة كردستان القنبلة الموقوتة الحقيقية التي تخطط أميركا لاستغلالها للتخلص من العراق وتقسيمه، وطبعا مخطط إسقاط سورية هو أيضا جزء من مخطط تقسيم العراق.

في سورية أميركا عجزت عن إيجاد موطئ قدم حتى الآن ولذلك هي تلجئ إلى خيار حرب الاستنزاف كونه الخيار الوحيد المتاح. طبعا هم يراهنون على انتخابات العام 2013 في لبنان التي يتصورون أنهم من خلالها سوف يعيدون السيطرة على لبنان ويستغلونه كمنصة انطلاق نحو سورية، أي أنهم يراهنون مجددا على لبنان كمنصة لاستهداف سورية، وهذا ما يعيد طرح مشكلة الخاصرة الرخوة والتهديد القادم من لبنان.

إذا كان اللبنانيون المسيحيون حريصين على استقلال بلدهم فالأحرى بهم أن يصوتوا لميشيل عون وسليمان فرنجية، أما التصويت للحريري وجعجع وبقية فريق فيلتمان فهذا بصراحة سوف يقنع السوريين بأن لبنان دولة لا تستحق الاستقلال وأنها مجرد مطية أبدية للقوى المعادية لسورية وليست دولة ذات سيادة حقيقية.

قطر تنحاز إلى جنوب السودان

قناة الجزيرة في تغطيتها للشأن السوداني انحازت إلى جنوب السودان ضد السودان. هذا موقف عجيب من قطر التي يبدو أنها منذ اندلاع الربيع العربي خلعت ثوب العروبة والإسلام تماما ولم تعد تستحي من إعلان انحيازها لأميركا وإسرائيل في كل القضايا.

طبعا النظام السوداني هو نظام مكروه لدي عملاء الخليج لأسباب معروفة. هم يكرهون موقفه المناهض لأميركا وإسرائيل ولطالما ضغطوا عليه للتخلي عن هذا الموقف، ومؤخرا صاروا يصفونه بأنه نظام إيراني شيعي.

أمير قطر المجنون يريد على ما يبدو تقسيم كل الدول العربية حتى تصبح دويلته هي الدولة الأكبر في العالم العربي. هذا هو تفسير سياساته في ليبيا واليمن وسورية والآن في السودان.

البشير يعلن الحرب على جنوب السودان

عندما سمعت بقبول عمر البشير لتقسيم السودان كنت أظن أنه قبل بذلك كحل دائم للنزاع وبعد أن تم حسم كل الخلافات مع المتمردين الجنوبيين، ولكن المفاجآة الصاعقة كانت عندما علمنا أن البشير وافق على تقسيم السودان بدون حسم أي مسألة من المسائل الخلافية مع المتمردين. لا الحدود ولا النفط ولا أي مسألة.

هل هناك عته أكبر من هذا العته؟ هو لم يبق السودان موحدا ولا منع الحرب. ما فعله فقط هو أنه قوى موقف المتمردين الجنوبيين وأضعف موقف الشمال.

الحرب الآن ستكون مختلفة عن الحروب السابقة لأن الدول التي كانت تدعم المتمردين بالسر سوف تدعمهم الآن بالعلن على أساس أنهم دولة مستقلة، أيضا مجلس الأمن سوف يتدخل في النزاع ضد السودان تحت حجة أن المتمردين هم دولة مستقلة ذات سيادة وعضو في الأمم المتحدة.

عمر البشير لم يحافظ على وحدة السودان ولا أوقف الحرب. أنا لا أدري إن كان هناك شيء أسوأ من هذا.

السودان دولة كبيرة جدا وهي بحاجة لقيادة حكيمة وواعية لكي تتمكن من حكم هكذا بلد. حكم السودان هو بصراحة مسألة أكبر بكثير من قدرات البشير العقلية.

المفترض نظريا أن تتدخل الدول العربية لمصلحة السودان كما تتدخل أميركا وإسرائيل لمصلحة المتمردين. لماذا لا ترسل السعودية طائراتها لدعم السودان؟ هل السودان هو شيعي أيضا؟ أم أن المسافة بعيدة جدا والسعودية لا دخل لها؟

أميركا لعبت بالسودان وبعمر البشير ودمرت هذا البلد. أنا أظن أن السودان سيتقسم مجددا وسيصبح ثلاثة أو أربعة دول.

لا أحد يوافق على تقسيم بلده إلا إذا كان معتوها. هذه قاعدة عامة لا شك فيها.