هل يفهم العرب حقيقة الأزمة التي تواجهها المملكة السعودية؟


بعض الناس في المملكة السعودية والعالم العربي لا يفهمون حقيقة الأزمة الجارية حاليا بين السعودية والمجتمع الدولي.

بعضهم يصدق أن ما تتعرض له السعودية هو مجرد ردة فعل عفوية بسبب مقتل المدعو جمال خاشقجي، وبعضهم الآخر يظن أن هناك مؤامرة يقف وراءها حمد بن خليفة و”الإخوان”.

ما يحصل في الحقيقة هو حرب تشنها تركيا ضد المملكة السعودية لأسباب ومطامع جيوسياسية استعمارية.

عندما علقنا سابقا على أحداث إدلب أشرنا إلى أن ردة الفعل الأميركية والأوروبية التي حصلت آنذاك ضد روسيا لم تكن طبيعية وإنما كانت بسبب تأثير تركي. ما يجري الآن ضد المملكة السعودية لا يختلف عما حصل آنذاك. هذه الهبة الضخمة التي حصلت ضد المملكة السعودية بحجة جمال خاشقجي هي ليست هبة طبيعية وإنما مؤامرة تقف وراءها أنقرة.

الأتراك لديهم مشروع استعماري في المنطقة العربية. حمد بن خليفة هو مجرد أداة صغيرة في ذلك المشروع. المملكة السعودية هي حجر عثرة أمام المشروع التوسعي التركي، ولهذا يحاول الأتراك الآن تقويض دور المملكة السعودية لكي يخلو لهم الجو في سورية خصوصا والعالم العربي عموما.

في السابق أشرنا إلى أن الأتراك لديهم قدرة غريبة على التحكم بوسائل الإعلام الأميركية والأوروبية وتوجيهها وفق ما يناسبهم. أنا لا أزعم أنني أفهم كيف يفعلون ذلك. هذه مسألة تحتاج لبحث ودراسة (وربما لجهد مخابراتي) حتى نفهم كيف يتحكمون بإعلام دولة مثل أميركا. على الأغلب أن الإجابة على هذا السؤال هي معقدة. بعض وسائل الإعلام الأميركية لها مصالح واضحة مع تركيا. مثلا شبكة CNN لديها فرع في تركيا يسمى CNN Türk. في حالات أخرى ربما لا نجد صلة مباشرة مع تركيا ولكننا نجد صلة مع حمد بن خليفة الذي هو مجرد واجهة للمخابرات التركية. ومن الوارد أيضا أن الأتراك لديهم واجهات أخرى غير حمد بن خليفة. هناك اختراق تركي حقيقي للإعلام الأميركي. هناك شبكة من العملاء التابعين لتركيا الذين يؤثرون في الإعلام الأميركي. طبعا بعض هؤلاء العملاء يوالون ما يسمى بجماعة الإخوان، ولكن هؤلاء مجرد أدوات. هم مجرد أناس مخدوعين. القصة التي تقول بأن تركيا تنتمي لجماعة الإخوان أو تدعم تلك الجماعة هي مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي. بعض الدول الخليجية تخاف من أن تقول أن هناك مشكلة بينها وبين تركيا ولهذا السبب تلك الدول تقول أن لديها مشكلة مع جماعة الإخوان المدعومة من تركيا. هذه مجرد قصة تغطية. أساس المشكلة هو مع تركيا وليس مع أولئك الأشخاص الذين يوصفون بالإخوان.

لو كانت تركيا تدعم حكم الإخوان لكانت مكنت الإخوان من حكم المناطق التي احتلتها في سورية. تركيا لا تريد تمكين الإخوان من حكم الدول العربية ولكنها تريد الهيمنة على الدول العربية واحتلالها. الإخوان هم مجرد أداة في يد تركيا.

ما يجري الآن هو ليس هبة دولية ضد السعودية بسبب قتل جمال خاشقجي بقدر ما أنه عدوان تركي يستهدف ضرب المملكة السعودية وإخراجها من اللعبة الإقليمية لكي يخلو الجو للاستعمار التركي.

الهدف الأساسي للأتراك هو تقويض العلاقة الأميركية-السعودية. إذا تحقق ذلك فإن المملكة السعودية سوف تغدو ضعيفة وغير مؤثرة كما يعتقد الأتراك.

اللعبة التركية كانت واضحة للأميركان منذ البداية وهم لم يرغبوا في الانسياق وراء التحريض التركي. السياسة الأميركية كانت ترغب في طي الملف والمحافظة على العلاقة الجيدة مع السعودية، ولكن الكارثة الحقيقية حصلت عندما أصدر محمد بن سلمان ذلك البيان المجنون الذي تهجم فيه على أميركا. ذلك البيان جعل أميركا تقرر الانحياز إلى تركيا بهدف معاقبة السعودية. المشكلة هي أننا لا نعلم إلى أي مدى سوف تمضي أميركا في هذا التوجه الداعم لتركيا. السعودية قدمت تنازلا كبيرا عندما اعترفت بقتل جمال خاشقجي، ولكننا نلاحظ الآن أن ذلك التنازل لم يطو الملف وأن الدول الغربية ما زالت تضغط. هذه باتت مشكلة مفتوحة والواقع القائم حاليا هو أن أميركا وأوروبا باتوا يدعمون تركيا في استهدافها للسعودية.

ما يحصل هو أشبه بكارثة استراتيجية للعالم العربي. إذا أسقطوا السعودية فسوف تغدو سورية والعالم العربي تحت رحمة الاستعمار التركي والإيراني. الدول العربية يجب أن تحاول أن تفعل شيئا لوقف هذه الهجمة العدوانية. هذا العدوان سوف يدمر العرب جميعا وليس السعودية فحسب.

لم نسمع بأن السعودية قتلت أي معارض سابقا سوى هذا العميل التركي المسمى بالخاشقجي، وأما تركيا وغيرها فلهم تاريخ حافل في القتل والمجازر والانتهاكات. تركيا هي التي أوجدت داعش في سورية وهي سبب بقاء بشار الأسد حتى الآن. تركيا هي أكبر قاتل للسوريين، ناهيك عن قتلها للأكراد. هذه الدولة التي قتلت ودمرت مئات آلاف الناس تهيج عدوانا غربيا ضد السعودية بسبب مقتل شخص واحد. هذه مهزلة لا ينبغي القبول بها.

4 آراء حول “هل يفهم العرب حقيقة الأزمة التي تواجهها المملكة السعودية؟

  1. وهل أنت تفهم ما يجري؟ قبل عدة أيام قلت أن القضية انتهت ولا يمكن اثبات مقتله وبعدها اعترفت السعودية أنه قتل على يد عناصر مارقة.
    ما يحصل للسعودية من صنع يدها و جنت على نفسها براقش بأن أعطت أردوغان سلاحاً للهجوم عليها.
    أما وسائل الإعلام الأمريكي فأردوغان مبغوض عندهم لا سيما في النيويورك تايمز والواشنطن بوست لنزعاتها الشمولية، والبرامج الكوميدية السياسية تسخر منه من حين لآخر.

    • صحيح السعودية قتلت ناصر السعيد، وابن سلمان قتل نمر النمر في عام 2016. أنا أخطأت عندما قلت أن السعودية لم تقتل معارضين قبل الخاشقجي، ولكن العدد الإجمالي هو بضعة أشخاص وهذا لا يساوي شيئا في مقابل من قتلهم أردوغان أو تسبب في قتلهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s