الاتفاق الجديد بين الاحتلالين التركي والروسي يحرج دولا عربية داعمة لبشار ويصدم أيتام القومية الدمشقية

تفاصيل ما اتفق عليه أردوغان وبوتن اليوم هي ليست معلومة تماما، ولكن الكلام الوارد في هذا الخبر يدل على أن الاتفاق لا يتضمن أي شيء جديد ذي أهمية.

حسب الخبر فإن الدولتين المحتلتين اتفقتا على ما يلي:

  • تأسيس منطقة عازلة منزوعة السلاح بعمق 15-20 كم بين مناطق الاحتلال التركي ومناطق الاحتلال الروسي.
  • السماح لبشار باستخدام طرق النقل المارة في محافظة إدلب.

في مقال سابق قبل شهر أشرنا إلى معلومات تفيد بأن الأتراك كانوا قد وافقوا فعلا على فتح الطرق أمام بشار، بالتالي هذه القضية هي ليست شيئا جديدا. بالنسبة للمنطقة العازلة فهذه تنازل تركي جديد، ولكنه تنازل في الشكل وليس في المضمون، لأن الأتراك وافقوا منذ بداية عملية أستانة على وقف الهجمات ضد بشار. المنطقة العازلة التي أعلن عنها اليوم هي أسلوب جديد لتطمين الروس بأن الأراضي التي تحتلها تركيا لن تستخدم في المستقبل لشن هجمات ضد بشار.

القصة التي تقول بأن روسيا كانت تنوي شن حرب لطرد تركيا من محافظة إدلب هي طبعا مجرد تهريج إعلامي كما ذكرنا على موقع تويتر، مع احترامنا لكل الخبراء والمحللين الذين تحدثوا عن هجوم روسي “وشيك” وشرحوا لنا مراحل ومسارات هذا الهجوم المزعوم. الحكومة الأميركية (بخلاف هؤلاء الخبراء والمحللين) كانت تعلم أن الحرب الروسية-التركية في إدلب هي كلام فارغ لن يحصل فعلا في الواقع، ولهذا السبب رأينا ترمب وماتيس ودانفورد إلخ يأخذون مواقف عنترية ضد الهجوم الروسي المزعوم على إدلب. هم أرادوا أن يقولوا للرأي العام الدولي أن التهديدات الأميركية أوقفت الهجوم الروسي على إدلب، ولكن هذا ليس صحيحا لأن الروس لم يكونوا أصلا سيحاربون تركيا لأجل إدلب بغض النظر عن الموقف الأميركي.

لو علم الأميركان أن روسيا تنوي فعلا غزو محافظة إدلب لكانوا صمتوا وتجاهلوا كل القصة، مثلما فعلوا عند الغزو الروسي لدرعا. هم وجدوا في المسرحية الروسية حول غزو إدلب فرصة لتسجيل النقاط وإظهار أنفسهم بمظهر القوة المؤثرة. ترمب أراد أيضا أن يحمل أردوغان جميلة لأنه يريد منه إطلاق سراح القس الأميركي المحتجز، لأن ترمب يظن أن إطلاق سراح هذا القس سوف يساعده في انتخابات الكونغرس المقبلة (والتي سيخسرها كما يظهر من استطلاعات الرأي).

إذن لا يوجد في الحقيقة شيء مهم أو غير متوقع فيما حصل، ولكن التغطية الإعلامية للأحداث سوف تُشعِر الناس في العالم العربي بأن ما حصل هو نصر تركي جديد على بشار. هذا الشعور سوف يكون مفيدا على ما أظن وذلك للأسباب التالية:

  • إحراج الأنظمة العربية التي تدعم بشار بزعم مناهضة التمدد التركي في سورية. الناس الآن سوف ترى أن بشار وأسياده الروس لا يناهضون التمدد التركي وإنما يمنحونه الشرعية، وبالتالي لا يمكن لمن يدعم بشار أن يزعم أنه ضد الاحتلال التركي.
  • ما حصل سوف يصدم الفئة من الناس التي نسميها بأيتام القومية الدمشقية والتي كانت تعتقد إلى اليوم أن بشار وأسياده الروس سوف يعيدون بناء الإمبراطورية الدمشقية.

أيتام القومية الدمشقية هم أناس يظهرون البراءة من بشار وجرائمه ولكنهم يضمرون التأييد أو التعاطف مع بشار لظنهم بأنه وأسياده الروس سوف يطردون تركيا وأميركا من سورية وسوف يعيدون تأسيس الإمبراطورية الدمشقية. هؤلاء يجب أن يقتنعوا الآن بأن تفكيرهم هو خرافي وبأنهم كانوا ضحية لدعاية بشار الكاذبة التي خدعتهم.

أيتام القومية الدمشقية يختلفون عمن يظهرون التأييد لبشار. من يظهرون التأييد لبشار هم في الغالب إما متورطون بشكل مباشر في جرائم بشار أو أنهم يمتون بصلة قرابة لأشخاص متورطين في الجرائم. تأييد هؤلاء لبشار ليس له أي سبب وطني كما يزعمون ولكنه مجرد قضية جنائية محضة. هم ببساطة لا يريدون أن يحاسبوا على الجرائم التي ارتكبوها، أو أنهم لا يريدون محاسبة أقاربهم. بعضهم أيضا يعتقد أن كثيرا من أبناء طائفته أو منطقته هم متورطون في الجرائم ولذلك هو يتضامن معهم. قضية هؤلاء هي ليست قضية سياسية بقدر ما أنها قضية جنائية. أمثال هؤلاء لن يتأثروا طبعا بأية تطورات تحصل في القضية السورية. هؤلاء سيستمرون في تأييد بشار إلى أن يقبض عليهم ويجلبوا إلى العدالة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s