معركة “تحرير الحديدة” هي معركة عبثية مثل معركة أردوغان وبشار في حلب

عندما تحدثت في السابق عما يسمى بتحرير الحديدة فإنني لم أكن أعلم حقيقة الوضع على الأرض.

بعدما نظرت في واقع “معركة الحديدة” فإنني أدركت السبب الذي جعل الأميركيين وغيرهم يعارضونها. هذه ليست معركة جدية وإنما مجرد مهزلة على غرار مهزلة أردوغان وبشار الإجرامية التي سميت زورا باسم “معركة حلب”.

مدينة الحديدة هي مدينة كبيرة يقطنها مئات آلاف السكان، وهي مهمة بسبب كونها المنفذ الرئيس للمساعدات الواصلة إلى مناطق كثيرة في اليمن. عندما سمعنا كلام السعوديين والإماراتيين حول “تحرير الحديدة” فإننا افترضنا أنهم أعدوا العدة لذلك وأنهم يقدرون فعلا على تحريرها، ولكن الواقع هو غير ذلك.

قبل أن يحرروا الحديدة يجب أولا أن يصلوا إليها. هم لم يصلوا فعلا إلى الحديدة. هي سيطروا على طريق ساحلي طويل يؤدي إليها ولكن المناطق المجاورة للطريق بقيت في يد الحوثي. عندما أعلنوا بدء هجومهم العبثي على الحديدة تحرك الحوثي وقطع الطريق وحاصرهم بسهولة. لهذا هم أوقفوا الهجوم على الحديدة وشرعوا في مهاجمة التحيتا والدريهمي على أساس أنهم بذلك يؤمنون الطريق، ولا أدري لماذا لم يهاجموا هاتيكم البلدتين قبل أن يشنوا الهجوم الفضائحي على الحديدة.

المشكلة لا تنحصر في قضية الطريق. هم لا يملكون فعلا القدرة على تحرير الحديدة. عدد القوات التي زعموا أنها ستحرر الحديدة هو ضئيل ولا يكفي لهذه المعركة، خاصة وأن مدينة الحديدة هي غير محاصرة وما زالت مفتوحة من معظم جهاتها على مناطق سيطرة الحوثي. الحوثي يستطيع نظريا أن يرسل إلى المدينة مددا غير متناه. لو تكرر الهجوم على الحديدة فإن الحوثي سيصده بلا شك. هذه المعركة سوف تكون مثل “معركة حلب” المهزلة.

بعض القراء الجدد ربما لا يعرفون ما الذي حصل في حلب. ما حصل باختصار هو أن بشار سحب قواته من معظم مدينة حلب في عام 2012 بهدف استدراج “الثوار” إلى داخل المدينة، وبعدما استدرجهم إلى داخلها صار يقصفها بمدفعيته وصواريخه وبراميله دون توقف لمدة أربع سنوات. “الثوار” الذين دخلوا إلى المدينة لم يكونوا يملكون قدرة السيطرة عليها، وبشار أيضا لم يكن يملك القدرة أو الرغبة للسيطرة عليها، ولكنه استغل وجود “الثوار” داخل المدينة بهدف تدميرها وتفريغها من سكانها بسبب جنون وأحقاد مركبة تسيطر عليه وعلى من يدعمونه. ما مكن بشار من احتلال المدينة في عام 2015 هو التدخل الأميركي في سورية وتحرير مدينة منبج الذي جعل أردوغان يغير سياسته. أردوغان عمل مع الاحتلال الروسي في عام 2015 لإخراج “الثوار” من حلب وإدخال بشار إليها بهدف منع الأميركيين من تحريرها. خطة أردوغان قبل التدخل الأميركي كانت تدمير المدينة، وبعد التدخل الأميركي غير خطته وقرر تسليمها لبشار. لولا التدخل الأميركي لكان بشار ما زال يقصف المدينة عشوائيا إلى يومنا هذا.

أثناء تدمير حلب كنا نتساءل عن سبب إصرار “الثوار” على مواصلة المعركة العبثية داخل أحياء حلب بدلا من فتح جبهات الريف ومحاصرة المدينة. الجواب على ذلك السؤال هو أن أردوغان كان يمنع الثوار من فتح جبهات الريف خوفا من هزيمة بشار النهائية في حلب وشمال سورية.

أنا أظن أن من وضع خطة الهجوم على الحديدة هو ليس عسكريا ولا يعرف شيئا عن الحروب. حرب اليمن هذه هي ربما أول حرب يراها في حياته. هو يكرر نفس الخطة التي اتبعها أردوغان بهدف تدمير مدينة حلب قبل أن يسلمها لبشار.

إذا عاود ابن زايد وابن سلمان الهجوم على الحديدة فإنهما سيورطان نفسيهما في معركة مكلفة عسكريا وسياسيا لن يقدرا على حسمها. الأشرف لهما هو أن يتخليا عن فكرة مهاجمة مدينة الحديدة وأن يسعيا بدلا من ذلك لمحاصرة المدينة وعزلها عن مناطق سيطرة الحوثي. تحقيق هذا الهدف سوف يكون أمرا صعبا عليهما وسوف يستغرق وقتا طويلا، ولكن الخسائر السياسية سوف تكون أقل بكثير مما سيحصل لو أنهما فتحا معركة عبثية داخل أحياء مدينة الحديدة المكتظة بالسكان.

رأي واحد حول “معركة “تحرير الحديدة” هي معركة عبثية مثل معركة أردوغان وبشار في حلب

  1. تحياتي
    لا اقل من عشر سنوات تستمر حرب اليمن ولا تنتهي الا عندما يتحول الخليج الى ليبيا اخرى

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s