ترمب عقد اجتماعا في البيت الأبيض مع “مجلس الأمن القومي” التابع له.

هذا المجلس يضم قائد الجيش (رئيس هيئة الأركان) ووزير الدفاع ووزير الخارجية ومدير المخابرات ومستشار الأمن القومي والمحامي العام وكل من له علاقة بالأمن الأميركي الخارجي والداخلي.

ترمب عقد اجتماعا مع هذا المجلس لكي يطلب الانسحاب من سورية. حسب ما قالت وسائل إعلام أميركية فإن الجلسة كانت متوترة. ترمب ركز على فكرة واحدة طوال الاجتماع وهي أن البقاء في سورية يكلف أميركا الكثير وأن أميركا لا تجني شيئا في المقابل وأن دول الخليج لا تساهم في دفع الكلفة. الحاضرون في الجلسة قالوا له أن الانسحاب من سورية يعني سقوطها بيد روسيا وتركيا وإيران، وذكروا له أن قادة هذه الدول اجتمعوا في أنقرة هذا الأسبوع لرسم خططهم. ترمب تجاهل الرد على هذه النقطة واستمر في الحديث عن الكلفة العالية. ردا على ذلك وجه قائد الجيش الأميركي Joseph Dunford السؤال التالي لترمب: اشرح لنا بصراحة ما الذي تريد أن تراه يحصل في سورية؟ ترمب رد بالقول بأنه يريد أن يرى انسحابا أميركيا من سورية في غضون ستة أشهر، أي أنه تجاهل الرد على السؤال. الحاضرون، بمن فيهم وزير الدفاع، شرحوا له أن وضع جدول زمني للانسحاب هو أمر غير واقعي. ترمب رد عليهم بالقول: just get it done، أي أنه تجاهل مجددا الرد على ما قالوه.

جون بولتون لم يحضر الاجتماع. ترمب زعم أن جون بولتون يؤيد موقفه، ولكن هذا غير مؤكد. وزير الخارجية الجديد بومبيو لم يؤيد موقف ترمب.

بعد الاجتماع سرب مساعدو ترمب لوكالات أنباء خبرا يقول أن ترمب طلب الانسحاب من سورية في غضون ستة أشهر، ولكن مسؤولا في وزارة الدفاع نفى لـ CNN مناقشة جدول زمني للانسحاب، وأكد أن وزير الدفاع لم يتلق أمرا بوضع خطط للانسحاب.

A US defense official briefed on the meeting rejected that any sort of timeline was discussed. Mattis was definitely not asked to draw up withdrawal options, the official said.

بالتالي يمكننا أن نقول أن ترمب فشل فيما أراده. هو ظن أنه يستطيع أن يفرض الانسحاب من سورية فرضا دونما مناقشة، ولكن هذا لم ينفع. مسؤولو الدفاع لم يقبلوا كلامه وهم لا يعتبرون أنهم تلقوا أمرا بوضع خطط للانسحاب.

سمعنا قبل فترة أن ترمب ينوي أن يعزل وزير الدفاع Mattis ويستبدله بشخص آخر. لو فعل ترمب ذلك فإن السبب على الأغلب سوف يكون نفس السبب الذي جعله يعزل مستشار الأمن القومي السابق McMaster: ذلك الرجل كان يؤيد البقاء في سورية. Mattis أيضا يؤيد البقاء في سورية.

لا أظن أن أي مسؤول عسكري رفيع سوف يقبل موقف ترمب من سورية. في السابق كان ترمب يملك جنرالا يؤيد موقفه من سورية هو Michael Flynn. ذلك الرجل كان مستشار ترمب الأول للأمن القومي، ولكن قضية التخابر مع الروس أطاحت به من منصبه، وبعد الإطاحة به تبين أيضا أنه كان يقبض أموالا من أنقرة بهدف الترويج في واشنطن لفكرة الانسحاب الأميركي من سورية. بعد انكشاف هذه الفضائح اضطر ترمب مرغما لتعيين McMaster كمستشار للأمن القومي، ولكن ترمب عزل هذا الرجل مؤخرا وعين جون بولتون في مكانه، وترمب يزعم الآن أن بولتون يؤيد موقفه من سورية. على كل حال، بولتون هو ليس رجلا عسكريا وهو لا يملك نفوذا في الجيش ولا في أي مكان. هو مكروه والناس يعتبرونه أضحوكة مثل ترمب نفسه.

إذا عزل ترمب وزير الدفاع فهذا سيكون حدثا كبيرا ولن يمر بسلام. عزل McMaster بحد ذاته كان أمرا كبيرا ولا أظن أن ترمب يستطيع أن يكرر نفس الفعل مع Mattis دونما عواقب.

الجيش الأميركي ومسؤولو الحكومة الأميركية يعتبرون ترمب تهديدا للأمن القومي وهم لن يسمحوا له بأن يفرض عليهم أجندته. إذا اضطروا فهم قد يعزلون ترمب من منصبه، وكما ذكرنا في المقال السابق: عزل ترمب من منصبه سيكون أهون من السماح له بفرض ما يريده في سورية.