محمد بن سلمان يتقرب من اليهود ويسعى لتحديث اقتصاد بلاده وتخصيب اليورانيوم

لا أظن أن أي مسؤول عربي فعل في أميركا ما يفعله الآن محمد بن سلمان.

محمد بن سلمان لا يزور فقط الحكومة الأميركية ولكنه يزور الشعب الأميركي. هو يلتقي بعدد كبير من الشخصيات الاقتصادية والمالية، ويلتقي أيضا بشخصيات اجتماعية لا علاقة لها بالسياسة والاقتصاد (قرأنا أنه سوف يلتقي بأوبرا مقدمة البرنامج التلفزيوني).

زيارة “عميقة” كهذه الزيارة من شأنها أن تثير حفيظة إسرائيل وداعميها، ولكن ابن سلمان التقى أيضا بهؤلاء. هو عقد اجتماعات مع AIPAC وغيرها من الجماعات الداعمة لإسرائيل. حسب ما قرأنا فإنه قال في تلك الاجتماعات أنه يدعم السلام مع إسرائيل ويرفض معاداة السامية.

ابن سلمان ووالده من ورائه يدركان أن التقارب الحميم مع أميركا هو أمر صعب دون التقارب مع إسرائيل. لهذا السبب هما حرصا على التودد لإسرائيل وداعميها. ولكن ما قدموه لإسرائيل انحصر في إطار الكلام ولم يرق إلى أفعال. التنازل العملي الوحيد الذي قدموه لإسرائيل هو سماحهم لطائرة هندية بعبور الأجواء السعودية نحو إسرائيل. هذا التنازل هو بسيط، خاصة عندما نقارنه بما قدمه أمير قطر لإسرائيل، من قبيل افتتاحه لمكتب تجاري إسرائيلي وغير ذلك من أشكال التطبيع المباشر مع إسرائيل، وأكبر ما قدمه لإسرائيل هو تدمير عدد لا يستهان به من الدول العربية بشكل كامل (هو أعاد عدة دول عربية إلى العصر الحجري).

في مقابل التنازل البسيط الذي قدمته السعودية فإنها (على ما يبدو) تجني مكاسب مهمة من أميركا. حسب ما قرأنا فإن إدارة ترمب قبلت باتفاق يسمح للسعودية بتخصيب اليورانيوم على أراضيها واستخدامه لتوليد الطاقة، ولكن ما أعاق إقرار الاتفاق بشكل نهائي هو معارضة لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ (وطبعا معارضة إسرائيل). القضية لم تنته بعد والسعوديون ما زالوا يأملون بأن الاتفاق سيقر.

معارضو الاتفاق النووي مع السعودية اتخذوا ذريعة من تصريح ابن سلمان الذي قال فيه أن السعودية ستبني سلاحا نوويا في حال فعلت إيران ذلك، ولكن المعارضة للاتفاق هي طبعا ليست بسبب ذلك التصريح. (لا أدري لماذا صرح ابن سلمان بذلك الكلام، والأغرب من ذلك هو أن عبد الرحمن الراشد كتب بعد ذلك مقالا قال فيه أن السعودية تريد صنع قنبلة نووية وأنها ستحاول أن تقنع الأميركان بذلك. عندما قرأت ذلك الكلام تذكرت مواقف وتصريحات معمر القذافي المجنونة. هل جن القوم؟)

لو أقر الاتفاق النووي بين أميركا والسعودية فهو سيكون حدثا كبيرا. الاتفاق بالصيغة التي قرأناها يمنح السعودية نفس الامتياز الذي حصلت عليه إيران في صفقتها النووية مع الغرب، ألا وهو الحق في تخصيب اليورانيوم على أراضيها لغرض توليد الطاقة. ابن سلمان يطلب أيضا إبطال الاتفاق النووي بين إيران والغرب، أي أنه يطلب تخصيب اليورانيوم لنفسه ويطلب في آن تجريد إيران من ذلك الحق. لو حصل على ما يطلبه فسوف تكون السعودية الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تخصب اليورانيوم (هذا يبدو طموحا زائدا، ولكن ترمب يبدو سائرا مع ابن سلمان فيما يطلبه).

اتفاق تخصيب اليورانيوم لوحده هو إنجاز كبير لو تمكن السعوديون من تمريره، فما بالك بكل الصفقات الأخرى التي يعقدونها مع الأميركان. ليس صحيحا ما يدعيه أمير قطر من أن تلك الصفقات هي خسائر للسعودية. الصفقات تتضمن تأسيس مصانع في السعودية وفيها مكاسب واضحة للاقتصاد السعودي.

دعاوى أمير قطر ضد الاتفاقات بين السعودية وأميركا هي في الحقيقة مجرد ترداد ببغائي لما تقوله إيران، ونحن لا ندري هل أن أمير قطر يستقي ذلك الكلام من طهران أم أنه يسمع نفس الكلام من أنقرة أيضا. طبعا السبب الذي يدفعه لترداد تلك الدعاية المعادية هو واضح: أمير قطر يحسد السعودية ويحقد عليها كما يحقد على كل الدول العربية الأخرى. هذا الشخص لا يريد أن يرى خيرا في أية دولة عربية. سياسته بأكملها تقوم على إلحاق الأذى والدمار والخراب بالدول العربية.

دعاية أمير قطر المعادية بدأت قبل مقاطعة قطر. هذه الدعاية كانت في الحقيقة السبب المباشر أو الشرارة التي دفعت السعودية ومن معها لبدء المقاطعة. مقاطعة قطر بدأت بعد زيارة ترمب الأولى للسعودية. آنذاك شنت قطر حملة دعائية ضد زيارة ترمب زاعمة أن ترمب يسرق أموال السعوديين وأن صفقات التسلح السعودية هي غير ضرورية وأن المطلوب هو التفاهم مع إيران. ذلك الكلام أغضب السعوديين ودفعهم لبدء المقاطعة. الموقف القطري بدا ظاهريا وكأنه تضامن مع إيران، ولكن الدافع الحقيقي العميق الذي حرك أمير قطر لم يكن التضامن مع إيران وإنما الحسد والغيرة. هو اغتاظ من زيارة ترمب للرياض ومما حققته تلك الزيارة، وغيظه دفعه لأخذ موقف ظاهره التضامن مع إيران وباطنه هو الاعتلال النفسي.

3 آراء حول “محمد بن سلمان يتقرب من اليهود ويسعى لتحديث اقتصاد بلاده وتخصيب اليورانيوم

  1. بربك وبدينك اديش قابض على عالمقالة الخرنكعية؟
    أكيد بدك تحكي هيك وأنت العايش بأرضهم وعمتتنعم بخيراتهم

    • أنا توقعت أن بعض من يقرؤون المقال سوف يظنون أنني أتملق آل سعود وأتزلف إليهم. في السابق رددت على هذا الكلام بما يلي: ما يفعله آل سعود الآن هي أمور كنت قد طالبت بها في الماضي قبل أن يبدأ آل سعود بفعلها. عندما كانوا يسيرون في طريق خاطئ انتقدتهم بشدة وكتبت فيهم كلاما لم يكتبه أحد. عندما صححوا مسارهم وطبقوا الأمور التي دعوت لها غيرت موقفي منهم. إذا عادوا مجددا إلى طريق خاطئ فسوف أعود مجددا إلى نقدهم.

      أنا هاجمتهم بسبب إثارتهم للفتن الطائفية وبسبب تعصبهم وتخلفهم وبسبب هدرهم لثروة النفط، ولكنهم أوقفوا كل ذلك وصاروا الآن يعملون في اتجاه معاكس لذلك الاتجاه. ليس من المنطق أن نشتمهم عندما يعملون أمورا جيدة، خاصة وأننا أنفسنا كنا نطالبهم بعمل هذه الأمور التي يعملونها الآن.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s