عن فضيحة بشار الإسرائيلية الجديدة

فضيحة بشار الأسد الجديدة التي نشرها موقع دبكا الإسرائيلي قبل أيام هي ليست بشيء مقارنة بغيرها.

هذا الرجل أطلق ترسانته الصاروخية على حلب بهدف التقرب إلى الإسرائيليين. ما هي قيمة أي شيء آخر سيفعله بعد ذلك؟

المهم في الموضوع هو ليس محتوى المقال وإنما سبب نشر الإسرائيليين له.

حسب المقال فإن بشار أرسل الرسالة التالية لنتنياهو عبر “وسيط أوروبي”:

“War is not what I am after. All I want now is to focus on reunifying Syria and rebuilding the ruins of war. We are a sovereign nation. We shall not hand our borders over to the control of any forces other than Syrian.”

لا أسعى للحرب. كل ما أريده هو أن أركز على إعادة توحيد سورية وإعادة بناء خراب الحرب. نحن دولة مستقلة. لن نسلم حدودنا لسيطرة أية قوات غير سورية.

 

هذه رسالة سرية حملها “وسيط أوروبي”. عندما يقوم الإسرائيليون بنشرها هكذا (بالنص الحرفي) فإن هذا لا يمكن أن يكون سوى إهانة لبشار.

لماذا يفعلون ذلك؟

السبب هو أن الرسالة أصلا هي مهينة للإسرائيليين. هو يستغبيهم ويتحدث معهم كما لو أنه يتحدث مع أتباعه الذي يسكنون داخل قوقعته في دمشق وطرطوس واللاذقية.

الإسرائيليون يعتبرون أنفسهم المعني الأكبر بما يجري في سورية وهم يتابعون كل شاردة وواردة هناك، والآن هم يفاجأون بأن بشار يرسل لهم هذه الرسالة البلهاء التي تتحدث إليهم وكأنهم لا يعرفون ما الذي يجري.

عندما بدأ التدخل العسكري الأميركي في سورية في عام 2014 كان قرار بشار هو عدم معارضة التدخل وإنما الترحيب به. هو أجرى مقابلة صحفية قال فيها أنه يرحب بالتدخل الأميركي طالما أنه يستهدف الإرهاب ولا يستهدفه. هذا الموقف كان طبعا قمة في الغباء. الإيرانيون استشاطوا غضبا عندما سمعوا موقف بشار وفعلوا أمرا غريبا: مندوبهم في الأمم المتحدة قال (ما معناه) أن سورية ترفض التدخل الأميركي وأن كلام بشار لا يعبر عن الموقف السوري لأن بشار لا يدري ما الذي يتحدث عنه!

بعد تلك البهدلة الإيرانية العلنية صحح بشار موقفه وصار يصف التدخل الأميركي بأنه غير شرعي وعدوان ونحو ذلك.

هذا مثال على سيادة بشار وقراره المستقل.

سوف نضرب مثالا آخر هو ما حصل في قضية مدينة الباب.

بشار كان لا يريد دخول الأتراك إلى مدينة الباب. هو أصر على أن يحتل مدينة الباب لكي يمنع الأتراك من احتلالها. طبعا عندما نتحدث عن احتلال بشار لمدينة الباب فنحن نتحدث عن عمل كبير لأن المدينة آنذاك كانت بعيدة جدا عن مناطق سيطرته وتقع في منطقة مفتوحة على مناطق سيطرة داعش. بعد جهد جهيد تمكن بشار فعلا من تجميع زمرة من أتباعه وأوصلهم إلى تخوم مدينة الباب بهدف احتلالها، ولكن في النهاية منعه الروس من احتلالها. هم أرغموه على توقيع اتفاقية لترسيم الحدود مع الأتراك تركت المدينة لتركيا.

نفس الأمر ينطبق على ما حصل مؤخرا في مدينة العيس. بشار كان مصرا على احتلال تلك المدينة لأن “اللعب في ساحته ممنوع” كما قال لصحيفة الأخبار. هو أمر أتباعه بمهاجمة القوات التركية في العيس، ولكنه في النهاية قبل مرغما باحتلال الأتراك لها. الروس منحوا المدينة لتركيا مقابل ثمن كبير جدا هو استعادة جثة طيار روسي سقطت طائرته في محافظة إدلب! (هذه الصفقة لوحدها تكشف لكم قيمة بشار وسيادته عند الروس).

لن نتطرق مجددا لمسلسل الإهانات التي تعرض لها بشار في قاعدة حميميم لأننا تحدثنا عنها قبل وقت قريب. باختصار، الروس يحترمون سيادة بشار جدا إلى درجة أنهم عندما يأتون إلى سورية لا يزورونه وإنما يستدعونه إلى القاعدة الروسية لكي يزورهم هو فيها، والنكتة هي أنهم لا يستقبلونه في القاعدة بصفة رئيس دولة (لأنهم لا يطبقون البروتوكول المفترض تطبيقه عند استقبال رئيس دولة).

هذه شواهد عملية توضح قيمة سيادة بشار.

نحن لسنا بحاجة لهذه الشواهد العملية لأن المسألة واضحة نظريا: ما هو حجم بشار في سورية مقابل حجم الإيرانيين وحزب الله؟

كم هو حجم اقتصاد بشار؟ كم هو حجم قوته العسكرية؟ كم هو حجم مشروعيته المحلية والدولية؟

الجواب على كل هذه الأسئلة هو صفر مكعب. بشار لا يساوي شيئا. قبل الحرب كان يملك قوة عسكرية تتمثل بالصواريخ، ولكنه استخدم هذه الصواريخ في تدمير حلب وغيرها، فكانت النتيجة أنه بات بلا صواريخ وبلا اقتصاد وبلا شعب وبلا مشروعية. هو مجرد مجرم حرب فار من وجه العدالة.

ما هو حجم الصفاقة التي تدفعه لإرسال تلك الرسالة إلى الإسرائيليين؟ هو يقول لهم أنه سيبعد إيران عن الحدود. كيف سيستطيع أن يبعد إيران عن الحدود؟ لو غضبت إيران عليه فإنها تستطيع أن تقتله خلال أيام أو ساعات.

هناك أصلا احتمال كبير لأن حزب الله هو الذي طلب من بشار إرسال تلك الرسالة. موقع دبكا ذكر أن ميشيل عون أرسل إلى نتنياهو رسالة مماثلة في اليوم التالي لرسالة بشار. من الواضح أن هناك أمرا منسقا. حزب الله هو الذي يقف وراء هذه الرسائل. هي مجرد خداع. لهذا السبب الإسرائيليون غضبوا منها.

4 آراء حول “عن فضيحة بشار الإسرائيلية الجديدة

  1. وحد ربك ياهاني
    من يقرأ مقالك يظن ان اسرائيل هي الحاكم بأمرها وهي عجزت امام قطاع غزة ولم تستطع اقتحامه كما انها حمست كردستان العراق على التستفتاء والاستقلال وقام الاغبياء في كردستان بحمل الاعلام الاسرائيلية في مسيرات شعبية ظنا منهم ان اسرائيل تضمن لهم الاستقلال . اما عندما فشل الاستفتاء ومني الأكراد بنكسة وتهرب الاسرائيليون من تنفيذ وعودهم عندها بدأ الأكراد يلعنون اسرائيل وخداعها . ها هم الاسرائيليون الذين تعتبرهم انت وغيرك سحرة المنطقة يفعلون ما يحلو لهم وهم خائفون من غزة

  2. قال فضيحة قال…
    أطفال بالتحليل السياسي…
    عقبال ال إف 35…
    أتصور صاحب المدونة الآن وهو يحك رأسه وخو يريد أن يتحفنا بتحليل خرنقعي من تحليلاته لتبرير الإسقاط…

    • كنت متوقع انو يزيد عدد التعليقات عالمقال هاد بعد اسقاط الطائرة الاسرائيلية، عالعموم يا بخش القلب يا (عمر) بحب قلك انو قرار اسقاط الطائرة الاسرائيلية قرار روسي بحت بعد ما اسقطت طائرة روسية وحصد الامريكان اكتر من 100 من الميليشيات الشيعية شرق الفرات والروس ما بيقدروا يردوا عالامريكان مباشرة لأن مو ناقصون رزمة عقوبات تانية بقى ما لاقوا غير يتحرشوا بحليف الامريكان في المنطقة..على العموم الامريكان والروس تصرفوا بحكمة والبعصات الجاية مخبينها لروسيا بالمستقبل القريب وليس البعيد.

      • عندما ارى الفرحة اليوم بعيون كل سوري رغم سبع سنين من الحرب و الوجع و الخراب و الصبر .. أتأكد أنه شعب يستحق ميزة الكرامة .. فالكرامة تأتي من معارك الشرف . و الشرف أيها المعارض السوري الرخيص لا يباع في قطر ، لا يباع في تركيا ، و حتماً لا يشترى من اسرائيل .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s