صحيفة “الأخبار” الناطقة بلسان حزب الله وبشار تباهت قبل أيام بأن بشار استهدف رتلا تركيا بالقرب من بلدة العيس جنوب حلب.
الصحيفة اعتبرت أن بشار وضع حدا لتركيا ووضح لها أن “اللعب في ساحته ممنوع”.
ولكننا اليوم نقرأ أن تركيا أرسلت رتلا ضخما إلى العيس وأسست هناك “نقطة مراقبة”. صحيفة الأخبار نفسها أكدت صحة الخبر في مقال جديد خلا من غطرسة المقال السابق. المقال الجديد يوحي بأن الأتراك حصلوا على موافقة الروس على تأسيس نقطة المراقبة في العيس.
هذا التطور الذي يتحدثون عنه هو شيء كبير. العيس تبعد حوالي 40 كم عن حدود لواء إسكندرون. هي تقع في محافظة حلب إلى الجنوب من مدينة حلب. تأسيس قاعدة تركية في ذلك المكان (لو ثبت واستمر) سيعني عمليا استيلاء تركيا على ريف حلب الغربي. ما الذي حصل حتى يقبل الروس بذلك؟
في الأيام الماضية سمعنا شكوى روسية من أن سقوط طائرة روسية في إدلب كان بسبب سلاح مضاد للطائرات وصل من أميركا. الأميركان نفوا ذلك تماما. إن كان هناك أساس للشكوى الروسية فمن الوارد أن الأتراك يقفون وراء ما حصل، وهذا قد يكون سبب التنازل الكبير الذي قدمه الروس في قضية العيس.
بشار على ما يبدو غضب من التنازل الروسي وحاول أن يهاجم الأتراك في العيس، ولكن الأتراك صدوا هجومه وأجبروه على الهرب. الرد العسكري التركي على بشار يؤكد أكثر أن الأتراك حصلوا على موافقة روسية على احتلال ذلك المكان.
بشار أرسل مضادات طائرات إلى حلب وإدلب في محاولة للتشويش على عملية غزو عفرين، ولكنني قرأت في مصادر سورية تدور في الفلك التركي أن الأتراك أكدوا للإعلام عدم وجود تهديد لتحليق طائراتهم فوق عفرين.
الأيام المقبلة ستكشف الحقيقة. إذا أطلق بشار النار على الطائرت التركية فهذا سيدل على أنه حصل على ضوء أخضر روسي. الروس قد يسعون للانتقام من تركيا إذا كانوا يعتقدون أنها تقف وراء سقوط طائرتهم.
هذه المناوشات الحدودية بين تركيا وبشار تدور منذ شهور كثيرة، ولكن الملفت الآن هو أن الأتراك يحتلون منطقة كبيرة محسوبة على بشار حصرا. في المرات السابقة هم كانوا يحتلون مناطق محسوبة على أميركا. عفرين لم تكن محسوبة على أميركا ولكن الهجوم التركي عليها كان مضرا لأميركا، لأن من صرحوا لتركيا بشن ذلك الهجوم أرادوا الضغط على الأميركان لجرهم إلى مفاوضات تؤدي لتنازلات.
ما يحصل الآن في ريف حلب الغربي هو أمر جديد لم يحصل سابقا في الحرب السورية. هذه هي المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تقوم فيها تركيا بعمل يبدو ظاهريا وكأنه ضرر محض لبشار.
أنا شخصيا أشك في حقيقة ما يقال وأفضل أن أنتظر لكي أرى تطور الأحداث. من الوارد أن الاتفاق الروسي-التركي هو مؤقت لحين انتهاء الهجوم التركي على عفرين، ومن الوارد أن الموافقة الروسية هي غير صادقة وأن بشار سوف يسعى في الأيام القادمة لاستهداف الطيران التركي.
أيا كان ما سيحصل فهو أمر جيد. إن خسر بشار ريف حلب الغربي فهذا أمر ممتاز، وإن حصل تصعيد عسكري بين بشار وتركيا فهذا أيضا أمر ممتاز.