تفسير آخر لإهانات الروس المتكررة لبشار الأسد

 

هذا الخبر هو ملفت ويفتح الباب أمام تفسير آخر لإهانات الروس لبشار الأسد.

في المقال الذي كتبته بالأمس ركزت على الأمور “الكبيرة” التي يهين بها الروس بشار وتجاهلت القضايا البروتوكولية الصغيرة، ولكن لفتني أن بعض من علقوا على زيارة بوتن بالأمس زعموا أن بشار لم يتعرض لإهانة وأن الروس عاملوه وفق البروتوكول.

أتمنى ممن يتحدثون عن البروتوكول أن يشرحوا لنا ما هو البروتوكول الذي يقصدونه. ما هي البلاد التي يستخدم فيها هذا البروتوكول الذي يتحدثون عنه؟ وما هي مناسبات استخدامه؟

هناك احتمالان لما حصل بالأمس:

  1. إما أن بشار كان ضيفا زائرا لدى بوتن.
  2. أو أن بوتن كان ضيفا زائرا لدى بشار.

كلا الاحتمالين لهما نفس البروتوكول، وهو كما يلي:

  • بشار يجب أن يمشي بجوار بوتن وليس خلفه.
  • تحية العلم يجب أن تكون لكل من بشار وبوتن وليس لبوتن فقط.

تحية العلم تحصل بروتوكوليا كما يلي: بشار وبوتن يجب أن يسيرا سوية نحو ساريتين تحملان العلم الروسي وعلم بشار، ويجب أن يُستعرض حرس الشرف لكل من بوتن وبشار، ويجب عزف السلام الوطني لكل من بوتن وبشار.

بشار أراد بالأمس تطبيق البروتوكول ولكن الروس منعوه على نحو مهين. هم لم يسمحوا له بالمشي مع بوتن نحو سارية العلم، وأصلا يبدو أنه لم يكن هناك علم مرفوع سوى العلم الروسي فقط.

من يقولون أن ما حصل بالأمس هو وفق البروتوكول هم ربما لا يدرون ما الذي يتحدثون عنه، أو أنهم دجالون يحاولون تضليل الناس.

البروتوكول يقتضي أيضا أن يجلس بشار في مقابل بوتن على طاولة الاجتماع، ولكنه بالأمس كان جالسا بجوار بوتن وكأنه مساعد لبوتن. المشهد الظاهر في الفيديو أعلاه لا يحوي أي طرف رسمي سوري. بوتن هو رئيس الجلسة وكل الجالسين على الطاولة هم تحت رئاسة بوتن، بما في ذلك بشار.

الملفت هو أن طريقة جلوس بشار على الطاولة تجعله في نفس منزلة سهيل الحسن (“النمر”). النمر ظهر في المشهد أعلاه بصورة أفضل من بشار لأن بوتن أشاد بالنمر وكرّمه بينما لم تكن هناك أية إشادة أو تكريم لبشار (إذا تجاهلنا سيل الإهانات التي تعرض لها).

من المحتمل أن الروس يريدون تحقير بشار أمام جمهوره السوري، وتحديدا العلوي. هم ربما يريدون أن يوصلوا للعلويين رسالة مفادها أن بشار هو في منزلة النمر وليس أفضل منه.

ولكن هل سيفهم العلويون الرسالة؟ إذا كانوا يصدقون أن ما حصل بالأمس هو بروتوكول فلا أظن أن الرسالة وصلتهم. أظن أن بوتن يجب أن يصفع بشار ويشتمه أمام الكاميرا حتى يفهموا.

تحقير بشار سببه هو أن بشار لا يناسب مصالح الروس الاستراتيجية في سورية. في الماضي كتبت الكثير حول نظرة الروس الاستراتيجية لسورية وكيف أنهم يركزون بشكل خاص على منطقة الساحل (حيث العلويين) ويعتبرون هذه المنطقة قاعدتهم الاستراتيجية في سورية. بشار لا يمثل الساحل ولكنه يمثل دمشق. دمشق هي مقر إيران في سورية وليست مقر الروس. الروس لا يرون لهم مصلحة استراتيجية في دمشق، بل دمشق في الحقيقة هي ورطة استراتيجية للروس لأنها مقر المشروع الإيراني الذي يريد الصدام مع إسرائيل، والآن نحن نرى كيف أن الإسرائيليين يضربون دمشق وكيف أن هذا يسيء لصورة الروس لأن بشار هو محسوب عليهم.

الروس يتجاهلون دمشق ويريدون قطع علاقتهم بها لأن هذه العلاقة لن تجلب لهم سوى “وجع الرأس”. إسرائيل سوف تستمر في ضرب بشار الأسد وإيران في دمشق، ومصلحة الروس تقتضي الابتعاد عن هذه الورطة.

الروس يريدون أن يتمرد العلويون على بشار، أي على إيران. لو حصل ذلك فسوف تُحل الكثير من المشاكل المزعجة للروس في سورية. أهم هذه المشاكل هي مشكلة الصدام مع إسرائيل الذي لا يرغب الروس به.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s