الأميركان تمكنوا من تخطي عاصفة الضغوطات الروسية-التركية-الإيرانية دون تقديم أية تنازلات حقيقية.

عملية تحرير الرقة ما زالت مستمرة دون أي دور لبشار الأسد في العملية. الأميركان لم يقدموا لبشار الأسد أي تنازل حقيقي. أقصى ما حصل عليه المثلث الروسي-التركي-الإيراني هو الهدنة التي سمعنا عنها بالأمس في جنوب سورية. ولكن وزير الخارجية الأميركي صرح بعد الإعلان عن تلك الهدنة بتصريحات قاسية ضد بشار الأسد وعائلة الأسد، ما يعني أن الهدنة لا تمنح بشار الأسد أي مكسب سياسي.

الغاية الأسمى التي يريد المثلث الروسي-التركي-الإيراني أن يصل إليها هي شرعنة الاحتلال الإيراني وبشار الأسد. إذا حصل ذلك فهو يعني أن الحرب انتهت وأن أميركا لن تهاجم الاحتلال الإيراني وبشار الأسد، ولكن ذلك لم يحصل. أميركا لم تمنح الشرعية للاحتلال الإيراني أو لبشار الأسد. شن ضربات أميركية ضد الاحتلال الإيراني وبشار الأسد هو ممكن في أي وقت. كما ذكرنا سابقا: هذه قضية عسكرية تكتيكية محضة. عندما يرى الأميركان حاجة عسكرية أو تكتيكية لقصف الاحتلال الإيراني وبشار الأسد فهم سيفعلون ذلك. لا يوجد مانع سياسي أو قانوني سيمنعهم من ذلك.

موقع دبكا هو ليس سعيدا بالهدنة لأنها تعطي المجال لإيران لكي تركز على شرق سورية. ولكن ما نراه في الواقع هو أن قسد هي أقرب إلى دير الزور من إيران. قسد هي موجودة في مدينة الشدادي، والأميركان يؤسسون هناك معسكرا لتدريب قوة لتحرير دير الزور. أيضا قسد بدأت مؤخرا بالتحرك باتجاه دير الزور انطلاقا من الرقة. قسد سيطرت مؤخرا على “رطلة” و”كسرة محمد”، وهي الآن تقاتل للسيطرة على “العكيرشي”.  هذه البلدات تقع على الطريق الواصل بين الرقة ودير الزور. سيطرة قسد عليها تدل على أن قسد لن تنتظر اكتمال تحرير الرقة وأنها بدأت بالفعل التحرك نحو دير الزور.

الأهم من كل ذلك هو أن الأميركان ما زالوا يعطون لأنفسهم الحق في استهداف الميليشيات الإيرانية وبشار الأسد. هذا يعني أن الأميركان يمكن في أي وقت أن يشنوا حملة قصف ضد الاحتلال الإيراني وبشار الأسد.

واقع المثلث الروسي-التركي-الإيراني هو واقع كارثي ومأساوي، ولكن المؤسف هو أن هذا المثلث يسيطر على الإعلام ويبث روح اليأس والهزيمة في نفوس السوريين. بالأمس قرأت خبرا يتحدث عن عودة 200 عائلة لاجئة من مدينة الباب المحتلة إلى مدينة حمص المحتلة. أردوغان يبث اليأس في نفوس اللاجئين ويحاول أن يعيدهم إلى بشار الأسد لأنه يتوهم أن ذلك سيقوي بشار الأسد. ولكن الحقيقة هي أن ما يقوم به أردوغان لن ينقذ بشار الأسد. لو فرضنا أن بشار الأسد جند هؤلاء العائدين وأرسلهم لمقاتلة التحالف الدولي فإن مصيرهم على الأغلب سيكون الموت أو الهزيمة. أردوغان هو المسؤول عن ذلك. هو يرسل هؤلاء اللاجئين إلى الموت.

بدلا من القتال مع أردوغان وبشار الأسد الأشرف لكل شخص يعتبر نفسه ثائرا أن يذهب إلى شرق سورية ويقاتل لتحرير الرقة ودير الزور. ما يجري في شرق سورية هو مستقبل سورية. سفينة أردوغان وبشار الأسد هي سفينة غارقة.

أردوغان لن يحتفظ بالباب وبشار الأسد لن يحتفظ بدمشق. لا تراهنوا على هؤلاء المجرمين. الرهان عليهم هو رهان على سراب.