لا مؤشرات تدعم صحة الإشاعة التي أطلقها “إبراهيم حميدي” حول موافقة أميركا على عقد “درع فرات” مع إيران

بالأمس نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” مقالا لإبراهيم حميدي ينقل عن مصدر “غربي” (فرنسي؟) زعمه بأن أميركا وافقت على مطلب المثلث الروسي-التركي-الإيراني بعقد صفقة مع إيران في جنوب سورية على غرار صفقة “درع الفرات” التي عقدها أردوغان مع إيران في الشمال.

هل هناك مؤشرات واقعية تدعم صحة هذا الزعم الضخم؟ في الواقع نحن لا نزال نرى تجاذبا روسيا-أميركيا. الصحف الأميركية ما زالت تنشر أخبارا تتحدث عن رغبة إدارة ترمب في مقارعة إيران في سورية.

الأميركان هم مضغوطون جدا في عملية تحرير الرقة ومن الواضح أنهم يقدمون بعض التنازلات للمثلث الروسي-التركي-الإيراني لهذا السبب. بالأمس قال وزير الدفاع الأميركي أنه وعد الأتراك بسحب سلاح قسد منها بعد تحرير الرقة. هذا الكلام يبدو وكأنه تنازل أميركي كبير للمثلث الروسي-التركي-الإيراني، لأنه يعني (ظاهريا) أن أميركا تخلت عن تحرير دير الزور، وقد يعني أيضا أن أميركا وافقت على تسليم الرقة لبشار الأسد، ولكن من الوارد أيضا أن ذلك الكلام لا يجب أن يؤخذ بحرفيته. وزير الدفاع الأميركي ربما قصد أن يقول أن أميركا ستسحب السلاح من قسد بعد نهاية الحرب ضد داعش.

حتى لو كانت مزاعم إبراهيم حميدي صحيحة فهي ربما تعني أن أميركا قبلت بعقد هدنة مع إيران، ولكنها لا تعني بالضرورة أن أميركا ستدخل في اتفاق أستانة. المتحدث باسم أردوغان أطلق بالأمس تصريحا حاول أن يوحي فيه بأن أميركا دخلت في اتفاق أستانة، ولكن هذا قد يكون مجرد تضليل. الأتراك لهم باع كبير جدا في مثل هذا التضليل والكذب حول حقيقة الموقف الأميركي.

بوق المخابرات التركية نصر الحريري قال بالأمس أن الأميركان هم موافقون على رسم خطوط هدنة ولكنهم لا يريدون الدخول في صفقة أستانة. هذا الكلام يتناقض مع مزاعم متحدث أردوغان.

هناك فرق بين قبول أميركا بهدنة مع إيران وبين دخول أميركا في صفقة أستانة كما يريد المثلث الروسي-التركي-الإيراني. الهدنة مع إيران هي مجرد أمر مؤقت ليست له أبعاد سياسية، وأما دخول أميركا في صفقة أستانة فهو حدث تاريخي مفصلي سيغير مستقبل العالم، لأنه سيعني عمليا أن أميركا لم تعد القوة العظمى ولكنها باتت قوة بمستوى تركيا وإيران وروسيا. لا أدري كيف يمكن للأميركان أن يدخلوا في تلك الصفقة. هذا يبدو لي أمرا مستحيلا.

أميركا قد تناور وقد تقدم تنازلات مرحلية، ولكنني أستبعد أن تقبل أميركا بانهيار هيبتها في سورية أمام دول كرتونية هي أقل شأنا بكثير من أميركا.

المثلث التركي-الروسي-الإيراني هو ليس قويا. هذا المثلث هو ضعيف وهش، بعض النظر عن الدعاية المضللة التي يبثها الإعلام الأوروبي والعربي حول هذا المثلث.

أردوغان يمكن أن يطير بنفخة وهو لا يساوي شيئا. بالنسبة لبوتن فهذا الرجل لا يقود الاتحاد السوفييتي البائد ولكنه يقود دولة وطنية وهدفه الأساسي هو تنمية الاقتصاد الروسي. هو أتى إلى سورية لكي يرفع العقوبات عن روسيا. عندما ييأس من ذلك فسوف يخرج من سورية. الحلقة الأقوى في المثلث هي إيران. هذه هي الدولة الوحيدة في المثلث التي تنطلق من مشروع إديولوجي وهي مستعدة لبذل كل شيء في سبيل ذلك المشروع. ولكن مواجهة المشروع الإيراني هي هدف لدول كثيرة في المنطقة.

 إضافة

توضيح مهم حول تصريح وزير الدفاع الأميركي: هو قال أن أميركا ستسحب السلاح من YPG وليس من قسد. هناك فرق ضخم بين القولين (أميركا أصلا لم تكن تقول أبدا أنها تسلح YPG قبل معركة تحرير الرقة. هي كانت تقول دائما أنها تسلح العرب دون الأكراد).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s