الخبر الأول على موقع “الجزيرة نت” هو حول بيان وزارة الدفاع الأميركية الذي يشيد بالعلاقة العسكرية الوثيقة بين أميركا وقطر.
أمراء قطر يحاولون من خلال نشر هذا الخبر أن يقولوا أن أميركا تدعمهم ضد آل سعود والإمارات، ولكن هذا تضليل.
الأزمة الحالية بين قطر وجيرانها تفتح الباب نظريا أمام تدخلات خارجية في قطر. هذا كان حاصلا بالفعل قبل اندلاع الأزمة: أمراء قطر جلبوا الجيش التركي إلى دويلتهم.
لا توجد مصلحة للأميركيين في مجيء تركيا إلى قطر، والأسوأ من ذلك سيكون مجيء إيران أو روسيا. حاليا هناك إمكانية نظرية لتدخل إيراني أو روسي في قطر بذريعة حمايتها من جيرانها. لو حصل هكذا سيناريو فهو سيكون مسيئا جدا إلى أميركا، لأن منطقة الخليج تعتبر تقليديا حديقة خلفية لأميركا.
لهذا السبب أصدر الأميركيون بيانا شددوا فيه على العلاقة العسكرية الوثيقة بينهم وبين قطر. هذا البيان هو ليس موجها لآل سعود كما تحاول قناة الجزيرة أن توهم الناس، ولكنه في الحقيقة موجه للإيرانيين والروس ولغيرهم ممن قد يرغب في التدخل. الأميركيون يقولون للعالم أن قطر ما زالت دولة حليفة لنا ولا يوجد باب مفتوح للتدخل فيها بحجة مساندتها ضد جيرانها.
قطر قدمت في الماضي الكثير من الخدمات للأميركان، ولكنني لا أدري إن كانت قطر حاليا تساعد الأميركان أم أنها تضرهم عبر سياستها الإعلامية الداعمة لتركيا في سورية (أنا لا أشاهد الإعلام القطري ولا أقرؤه، ولكنني رأيت ذات مرة تقريرا لقناة الجزيرة يحرض ضد قسد، ولا أظن أن ذلك يخدم الأميركيين).
إحضار الأتراك إلى الخليج هو أيضا سابقة خطيرة. لا أظن أن أي أميركي عاقل سيرحب بذلك.
شبيحة قطر في العالم العربي ينشطون الآن في حياكة نظريات المؤامرة، وهم على ما يبدو أقنعوا الناس بأن محمد بن زايد هو السبب وراء ما يجري، ولكن الحقيقة هي أنه لا توجد أية مؤامرة وراء ما يحصل الآن. القصة باختصار هي أن السعوديين غضبوا كثيرا من البيان الذي أصدره أمراء قطر (وأنكروا إصدارهم له) لأن ذلك البيان كان مسيئا جدا لهم. من حيث محتواه هو تضمن نقدا من العيار الثقيل لمجمل السياسات السعودية، ليس فقط السياسات المتعلقة بالعلاقات الخارجية ولكن حتى السياسات التنموية والمالية. ومن حيث توقيته هو أتى مباشرة بعد قمة ترمب في الرياض بهدف تبديد الزخم الإعلامي والسياسي الذي حققه آل سعود من خلال تلك القمة (والذي أنفقوا عليه الكثير من المال والجهد).
البيان باختصار كان محاولة لتقويض ما حققته زيارة ترمب. من أصدروه أرادوا أن يقولوا أن هناك انقساما في دول “الكتلة السنية” وليس صحيحا أن تلك الكتلة هي ذات موقف موحد ضد إيران. هذه رسالة إيرانية بامتياز. آل سعود استشاطوا غضبا لأن رسالة التحدي الإيرانية هذه صدرت عبر قطر التي هي محسوبة على دول الخليج.
من المحتمل نظريا أن أمراء قطر لم يصدروا ذلك البيان ولكن بعض مؤيدي إيران الموجودين في قطر دسوا ذلك البيان في وكالة الأنباء القطرية. هذا الاحتمال لا يغير شيئا لأن سياسة قطر ومواقفها هي ليست بعيدة عما ورد في البيان. إذا جعلت قطر من نفسها حاضنا لعملاء إيران فهي يجب أن تتحمل مسؤولية ذلك وتبعاته.
من كتب ذلك البيان هو ليس شخصا عاديا ولكنه جهة حكومية عليا تدور في فلك إيران. هذا أمر واضح من محتوى البيان. ذلك البيان هو السبب الحقيقي للأزمة الحالية، رغم نفي القطريين لذلك وزعمهم بأن هناك مؤامرة يقودها محمد بن زايد.
بالنسبة للقضية السورية فما يحصل هو أمر جيد، لأن استهداف قطر يؤثر سلبا على تركيا وإيران. كل ضغط على تركيا وإيران يصب في مصلحة السوريين، لأن هذه الدول هي سبب وجود بشار الأسد وهي تحتل سورية.