خلال العام الأخير حصل تطور كبير جدا في سورية لم يسبق أن حصل مثيل له منذ ثورة إبراهيم هنانو في بدايات الانتداب الفرنسي.
تركيا تدخلت عسكريا في سورية واحتلت قسما من الأراضي السورية، وهي تقول أنها تنوي احتلال المزيد من الأراضي السورية لو أتيح لها ذلك.
تركيا تحت قيادة أردوغان لم توضح أبدا ما هو الحد الأقصى الذي تريد الوصول إليه في سورية. في البداية هم تحدثوا عن احتلال جيب يشمل منبج والباب، ولكنهم لاحقا صاروا يتحدثون أيضا عن احتلال تل أبيض وقالوا في صحفهم أن احتلال تل أبيض هو ضرورة للأمن القومي التركي. هم حاولوا أيضا اقتحام مناطق في محافظة الحسكة واحتلالها، وأشاعوا كلاما (عبر أتباعهم السوريين) عن نيتهم احتلال مناطق في محافظة إدلب. باختصار: كل خط الحدود السورية-التركية هو مستباح لهم. هم يريدون التدخل على طول خط الحدود واحتلال كل ما يمكن احتلاله. لا يمكن لأحد حصر أو تحديد المساحة التي يريدون احتلالها.
متى حصل شيء كهذا من قبل؟ الوضع الحالي لم يوجد سابقا سوى في بدايات الانتداب الفرنسي، وتحديدا خلال الأحداث التي تسمى بالحرب التركية-الفرنسية (في سورية تسمى “ثورة هنانو”). تلك الأحداث أدت إلى احتلال تركيا لمناطق شاسعة تشمل عنتاب ومرعش وأورفة وماردين.
ما يحصل الآن هو شبيه جدا بما حصل آنذاك. لعل الفرق الأهم هذه المرة هو وجود الدعم الروسي الذي سهل (وما زال يسهل) لتركيا التوسع في سورية. الروس يسمحون لتركيا بالتوسع في سورية لسبب ظاهري هو إفشال التدخل الأميركي وتقوية وضع بشار الأسد، ولكن السبب العميق هو رغبة الروس في تقويض الدويلة السورية. بوتن يريد تأسيس دويلة جديدة كما فعل سابقا في جورجيا وأوكرانيا.
الأمر الملفت والغريب هو أن الجمهور السوري لا يعير بالا لهذا التطور الدراماتيكي الخطير. بدلا من ذلك يركز الجمهور السوري على مهاجمة قسد والتدخل الأميركي ضد داعش.
الجمهور السوري ينظر إلى قسد على أنها جسم أجنبي غريب يغزو الأراضي السورية بدعم من أميركا، وأما تركيا فهي ليست جسما غريبا ولكنها من “أهل البيت”.
ولكن نظرة القانون الدولي هي عكس ذلك تماما. قسد وفق القانون الدولي تعتبر جسما سوريا لأن أفرادها يحملون الجنسية السورية. حتى لو فرضنا أن قسد هي “ميليشيات كردية” كما يسميها أنصار تركيا فإن هذا لا يغير شيئا لأن الأكراد يعتبرون سوريين في منظور القانون الدولي (بما أنهم يحملون الجنسية السورية فهم يعتبرون سوريين).
في المقابل تركيا هي دولة أجنبية وعلاقتها بسورية هي مثل علاقة الصين بسورية.
عندما تتوسع تركيا في سورية وتسيطر على مساحات منها فهذا يقوض وجود سورية في نظر المجتمع الدولي. إذا كانت أراضي دولة خاضعة لسلطة دول أخرى فلا يمكن للمجتمع الدولي أن يأخذ هذه الدولة بجدية.
بعض السوريين يتوهمون أن وجود الدويلة السورية هو شيء مقدس وثابت، ولكنه في الحقيقة ليس كذلك. إذا زال وجود الدويلة السورية في الواقع فسوف يغير المجتمع الدولي نظرته إلى هذه الدويلة وسوف يتوقف عن الاعتراف بها. المجتمع الدولي سوف يكون مستعدا للقبول بطرح التقسيم الذي يسعى إليه الروس والإيرانيون والأتراك. نحن شاهدنا في الأشهر الماضية أن دولا أوروبية وعربية كانت مستعدة بالفعل للقبول بالتقسيم وكانت تضغط على الأميركان لكي يقبلوا به.
توسع قسد في الدويلة السورية لا يهدد وجودها لأن قسد هي كيان سوري. ما يهدد وجود الدويلة السورية هو الغزو الأجنبي كما حصل في درع الفرات وكما حصل في حلب وتدمر وغير ذلك من المناطق التي غزتها إيران. أنا بصراحة لا أفهم كيف أن فكرة بديهية كهذه الفكرة هي غائبة عن بال الجمهور السوري وحتى عن بال بعض المحللين والخبراء.
سبب الخلل في تفكيرهم هو أنهم ينظرون إلى الأكراد السوريين بوصفهم جهة أجنبية، وأما تركيا وإيران فهما ليستا جهتين أجنبيتين (معارضة الجيش السوري الحر تعتبر تركيا جهة محلية، ومؤيدو بشار الأسد يعتبرون إيران جهة محلية، وكلاهما يعتبران قسد جهة أجنبية). هذا التفكير الشاذ هو نابع من الهياج الطائفي وليست له صلة بالمنطق. المجتمع الدولي لا يفكر هكذا. عندما تأتون بتركيا إلى أراضيكم فسوف ينظر المجتمع الدولي إليكم بوصفكم أتراكا، ونفس الأمر ينطبق على من يأتون بإيران إلى أراضيهم.
بعض هؤلاء يودون بالفعل أن يكونوا أتراكا ولكنهم لا يقولون ذلك في العلن. هم يرغبون في الحصول على الجنسية التركية وأن يكونوا أتراكا ولكنهم لا يقولون ذلك.
هم يخرجون في الإعلام ويهاجمون قسد لكي يغطوا على حقيقة ما يريدونه.
البعض الآخر ربما لا يريد الجنسية التركية ولكن الشحن والهياج الطائفي يجعله لا يدرك أن تركيا هي دولة أجنبية. هو لا يفهم أن سيطرة تركيا وإيران على الأراضي السورية سوف تجعل المجتمع الدولي ينظر إلى سورية بوصفها دولة من الماضي وغير موجودة في الواقع.
هناك عامل يجب عدم إغفاله وهو دور الدعاية التركية في تضليل الجمهور السوري والعربي.
الإعلام الأميركي كشف أن تركيا دفعت أكثر من 300 ألف دولار لمايكل فلن حتى يعمل على وقف عملية تحرير الرقة. هذه القصة تلفت النظر إلى أن تركيا تنفق الكثير من المال في واشنطن بهدف كسب ولاء بعض السياسيين والإعلامين (وبعض من يوصفون بالباحثين وهم في الحقيقة مجرد مرتزقة يبحثون عن الممولين).
البعض لاحظوا أن بعض الصحفيين الأجانب العاملين في بيروت يروجون دعاية المخابرات التركية، والسؤال هو لماذا؟ ما السبب الذي يجعل صحفيين مقيمين في بيروت يروجون دعاية المخابرات التركية؟ تفسير ذلك قد يكون شبيها بقصة مايكل فلن. من الوارد أن المخابرات التركية تدفع أموالا في بيروت مثلما تدفع في واشنطن.
الأتراك ينفقون الأموال بهدف التأثير في الرأي العام الأميركي والأوروبي، ولا بد أنهم يفعلون المثل للتأثير في الرأي العام العربي أيضا. بالتالي لا يجب أن نستغرب وقوع كثير من السوريين والعرب تحت تضليل الدعاية التركية.
الأتراك لديهم مشروع للتوسع والغزو والاحتلال في سورية، وهم يغطون على حقيقة هذا المشروع عبر الترويج لما يسمونه بالخطر الكردي.
الصراع بين الأكراد وتركيا هو أمر حقيقي، ولكن الأتراك يضخمون هذه القصة ويخرجونها من سياقها. هم حولوها إلى حجة للتوسع والغزو.
لا أحد في العالم يصدق طروحات تركيا حول وجود خطر كردي في سورية يهدد تركيا. هذه الرواية هي مرفوضة من أميركا وروسيا وأوروبا. عندما تكون القصة مرفوضة من كل قوى العالم الكبرى فهذا يدل على أنها مجرد فبركة. الأمر المحزن هو أن الجمهور السوري لا يعي ذلك. هذا الجمهور يصدق وجود خطر كردي في سورية، وهو يعتبر هذا الخطر تهديدا لسورية وليس فقط لتركيا. الصورة لدى الجمهور السوري هي مقلوبة، وهذا هو التهديد الأخطر الذي يهدد بقاء الدويلة السورية.
إضافة
أنا لست حريصا على بقاء الدويلة السورية الانفصالية بل بالعكس أنا أطالب بإلغائها لأنها دويلة انفصالية غير شرعية، ولكن رغبتنا بإلغاء الدويلة الانفصالية لا تعني القبول باستعمار بربري غاشم لا يمت بصلة إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان.
هههههه هلاء صرتو سوريين وصارت وحدة سورية بتهمكم!!؟؟
شو فكرك نسيت لماسميتوها روج آفا وكردستان الغربية
لاء سيدي الأكراد أخطرعلينا من تركيا.,,لأن تركيا متى ماخلصنا من داعش حنلتفلها وحتطلع من أراضينا غصب عن راسها
بس أنتو جبتو الأمريكي وعملتولوا قواعد بمناطق المحتلة والمغتصبة حاليآ من الوطن.,بس متل ماقال السيد الرئيس(سنحرر كل شبر من سورية
“الأكراد” هم الخطر الوحيد عليكم وأما تركيا فهي أكبر داعم لكم.
وجود منطقة باسم “كردستان” داخل سورية لا يؤثر بشيء على الوحدة السورية.
أنا رددت على فرضياتك. في الواقع قسد هي ليست الأكراد والمنطقة التي تسيطر عليها قسد لا تسمى كردستان.
ليش سموها أول شي روج أفا (من شي سنة ونص سنتين) وبعدين رجعوا غيرو التسمية!؟
لأن شافو معارضة لهالتسمية ولأن تركيا اتحركت عسكريآ.,مالقصة أنو تركيابتحبنا أو نحنا منحبها.,بس القصة أنو مصالحنا مشركة بعدم وجود منطقة اسمها كردستان بسورية.,وتركيا مافيها تبقى بسورية (ماعندها حجة للبقاء) بحال انتهينا من داعش.,لأنها حتعتبر قوة إحتلال وبيحقلنا وقتها محاربتها
بينما الأكراد ممكن تستخدمهم أمريكا بحجة حقوق الانسان والاضهاد وتبقى بحجة حمايتهم (لأن مافينا نقول للأكراد اطلعوا من عنا متل قولنا للأتراك)
لذلك الأكراد إذا مارجعو لصصوابهم (طبعآ في كتير عقلاء وشرفاء بينهم ومنهم) فحيسبب هالشي بلاء ووبال عليهم
وبالمناسبة عمتسمع أخبار انتصارات الجيش السوري بكل الجبهات وخصوصآ ريف حلب الشرقي اللي كنت عمتقلنا قبل كم يوم كيف الجيش ماعميقدر يتقدم فيا