توجيهات مسعود البارزاني لأكراد سورية هي توجيهات أردوغان

رغم أن هناك عشرات الأدلة الدامغة على أن أردوغان يدعم بشار الأسد عمليا (وإن كان يعارضه كلاميا) إلا أن مؤيدي أردوغان لا يرون ذلك.

نفس الأمر ينطبق على مؤيدي مسعود بارزاني في سورية. هؤلاء لا يستطيعون أن يروا أن توجيهات مسعود بارزاني التي تصلهم هي في الحقيقة توجيهات من أردوغان.

ما هي توجيهات مسعود بارزاني لأتباعه السوريين؟ هو طلب منهم عدم المشاركة في حرب التحالف الدولي ضد داعش والاكتفاء بدعم “الائتلاف” عبر المظاهرات ونحو ذلك.

أتباع البارزاني السوريين يقولون أن مشاركة حزب پيد في الحرب ضد داعش هي عدوان على العرب سيخلق مشاكل للأكراد.

لو قارنا كلام أتباع البارزاني مع كلام أردوغان فسنجد أن نسبة التطابق هي 100%. أردوغان يرفض مشاركة الأكراد السوريين في الحرب ضد داعش، وهذا هو موقف البارزاني. أردوغان يقول أن حزب پيد يرتكب فظائع ضد العرب، وهذا هو ما يقوله أتباع البارزاني.

البارزاني نفسه هو مشارك في الحرب ضد داعش. هو شارك في تحرير مناطق عربية في شمال العراق وحصل على مكاسب من الأميركيين في مقابل ذلك. أليس من الغريب أن البارزاني يرسل إلى أتباعه السوريين تعليمات متناقضة مع ما يفعله هو نفسه؟

لو فرضنا أن أكراد الحسكة طبقوا تعليمات البارزاني وامتنعوا عن المشاركة في الحرب ضد داعش، فكيف كان سيكون حالهم الآن؟ في أسوأ الأحوال هم كانوا سيكونون تحت حكم داعش، وفي أحسن الأحوال أردوغان كان سيدخل عليهم بعملية عسكرية على غرار “درع الفرات” وكان سيسلط عليهم فصائل “الجيش الحر” التابعة للائتلاف.

قبل فترة ظهر “منذر ماخوس” في تسجيل مصور قال فيه أنه رفض مطلبا لأتباع البارزاني باعتبارهم الممثلين الشرعيين للأكراد في سورية. هو برر ذلك بتبرير عجيب: هو قال أن أتباع البارزاني ليسوا الأكراد الوحيدين على الساحة ولكن هناك حزب پيد أيضا. منذ متى كان الائتلاف يعترف بحزب پيد كفصيل سياسي مشروع؟ الائتلاف يعتبر حزب پيد فرعا من “منظمة إرهابية” هي حزب پكك.

منذر ماخوس رفض مطلب أتباع البارزاني لأنه ببساطة لا يريد أن يجد نفسه مضطرا للاستماع إلى مطالبهم السياسية. أردوغان يقول دائما أنه “ليس ضد الأكراد ولكنه ضد حزب پكك فقط”.  هذه الجملة تشبه جملة آل سعود عندما يقولون أنهم “ليسوا ضد الشيعة ولكنهم ضد أذناب إيران فقط” (المقصود بأذناب إيران هم المعارضة الشيعية). هذا الكلام هو مجرد خداع. ما يقصده أردوغان هو أنه ليس ضد الأكراد الصامتين الساكنين ولكنه ضد الأكراد الناشطين المعارضين. لو قبل منذر ماخوس بمطلب أتباع البارزاني فهو لن يستطيع أن يستخدم ضدهم مقولة أردوغان “أنا لست ضد الأكراد ولكنني ضد من يعارضون”. إذا اعترف بهم كممثلين شرعيين للأكراد فهو سيضطر للاستماع إلى مطالبهم بوصفها مطالب الأكراد، وإذا رفض تلك المطالب فهو لن يستطيع أن يقول أنه ليس ضد الأكراد.

من الوارد جدا أن المخابرات التركية هي التي أملت على منذر ماخوس ذلك الموقف. ليس من المستبعد أن المخابرات التركية تدير سياسة الائتلاف المتعلقة بالأكراد، بل هذا في الحقيقة أمر متوقع.

في الآونة الأخيرة قرأت على موقع تويتر (أو فيسبوك) كتابات لأكراد يعترضون على موقف حزب پيد الرافض لاتفاقية مناطق “إزالة التصعيد”. تلك الكتابات هي مبنية على فلسفة البارزاني-أردوغان التي تنظر إلى حزب پيد بوصفه جهة معتدية. فلسفة تلك الكتابات هي كما يلي: الأكراد يجب أن يتركوا بشار الأسد وأردوغان والإيرانيين والروس في حالهم. لا يجب على الأكراد أن يهتموا بما يجري في مناطق سيطرة بشار الأسد وأردوغان والإيرانيين والروس.

نقول لهؤلاء الإخوة الغافلين: إذا ترك حزب پيد مناطق “إزالة التصعيد” في حالها فإن القوى المسيطرة على تلك المناطق لن تترك الأكراد في حالهم.

الأكراد هم ليسوا الجهة المعتدية. الأكراد هم الحلقة الأضعف وهم أكثر من يتعرض للتهديد والتآمر. كل ما يدور حاليا من اتفاقات (سواء اتفاقات أستانة أم اتفاقات درع الفرات من قبلها) هي في الحقيقة مؤامرات تستهدف قسد بشكل عام والأكراد بشكل خاص.

ما هو الشيء الذي يجمع أردوغان مع بشار الأسد والإيرانيين والروس؟ لا يوجد شيء يجمع هؤلاء سوى معاداة قسد، وخاصة الأكراد.

إذا تقوقع الأكراد على أنفسهم وفق تعليمات البارزاني فإن أردوغان وبشار الأسد لن يتركوا الأكراد في حالهم. أردوغان وبشار الأسد سوف يأتون إلى الأكراد وسوف يعيدون الأكراد إلى ما كانوا فيه قبل الثورة.

أكبر تهديد وجودي للأكراد هو بشار الأسد. أردوغان هو دولة أجنبية وهو لا يملك شرعية تسمح له بحكم الأكراد السوريين، ولكن بشار الأسد يدعي أنه استمرارية للدويلة الدمشقية الساقطة التي كانت تحكم الأكراد السوريين. دعوى “الشرعية” التي يدعيها بشار الأسد هي أخطر تهديد للأكراد ولغير الأكراد. أردوغان يدرك ذلك ولهذا السبب هو منع تأسيس أية حكومة للمعارضة في سورية، لأن تأسيس حكومة يضعف دعوى الشرعية والسيادة التي يدعيها بشار الأسد. في الآونة الأخيرة صار أردوغان يتدخل عسكريا في سورية بهدف دعم شبيحة بشار الأسد وإيصالهم إلى مناطق سيطرة قسد. لماذا تظنون أن أردوغان هو حريص على إيصال بشار الأسد إلى مناطق سيطرة قسد؟ من الواضح أنه يراهن على بشار الأسد كسلاح ضد قسد بشكل عام والأكراد بشكل خاص.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s