هاجس أردوغان الأكبر حاليا هو احتلال الحدود العراقية-السورية… كيف سيحتلها؟

أردوغان يتحدث حاليا عن شن هجوم باتجاه سنجار تحت مسمى “درع دجلة”.

أردوغان يثير جلبة منذ فترة ليست بالقصيرة حول سنجار. هو في البداية ضغط على بارزاني لكي يتحرك ويهاجم سنجار. البارزاني شن هجوما بالفعل ولكن الهجوم توقف ولم يستمر. الآن أردوغان يقول أنه سيرسل الجيش التركي إلى هناك.

أردوغان يدعي أن وجود حزب پكك في سنجار يشكل خطرا على تركيا، ولا أدري من الذي يصدق هذا الكلام. لو كان أردوغان جادا لكان هاجم جبل قنديل الذي هو المركز الحقيقي لحزب پكك. جبل سنجار هو منطقة صغيرة معزولة تقع بعيدا عن الحدود التركية وسكانها هم من اليزيديين الذين تعرضوا لإبادة من داعش. لا أفهم كيف يمكن لهذه المنطقة أن تكون منطلقا لشن عمليات ضد تركيا. لماذا سيشن حزب پكك هجمات من سنجار وهو يملك قنديل؟

حديث أردوغان عن خطر پكك في سنجار هو مجرد حجة وذريعة. ما يريده أردوغان فعلا هو احتلال الحدود-العراقية السورية.

تحدثنا سابقا عن معبر ربيعة وأهميته الاستراتيجية الكبيرة. بعد تحرير مدينة الموصل من داعش سوف ينفتح الطريق البري الذي يصل هذا المعبر مع مناطق سيطرة الحكومة العراقية. آنذاك سوف ينتهي الحصار الذي فرضه أردوغان على مناطق قسد عبر البارزاني وداعش. أردوغان يدرك أن نهاية الحصار سوف تقوض بشار الأسد استراتيجيا، وهذا تحديدا هو الهاجس الذي يجعله مستكلبا لاحتلال الحدود العراقية-السورية. هو يريد إبقاء الحصار الاقتصادي المفروض على مناطق سيطرة قسد.

ولكن هل يستطيع أردوغان أن يحتل الحدود العراقية-السورية؟ الجانب السوري من الحدود هو منطقة نفوذ أميركية والأميركان لن يسمحوا لأردوغان بالتدخل هناك. الجانب العراقي هو قانونيا يتبع للحكومة العراقية (التي هي حكومة شرعية لا يشك أحد في شرعيتها). الحكومة العراقية لن تمنح أردوغان رخصة باحتلال الحدود مع سورية إلا في حالة نظرية واحدة وهي تعرض تلك الحكومة لضغط كبير من إيران. إيران يمكن نظريا أن تضغط على الحكومة العراقية لأجل هذا الهدف، لأن هناك مصلحة لإيران في دعم بشار الأسد لا تقل عن مصلحة أردوغان، ولكن هل إيران تقدر على إقناع الحكومة العراقية بالقبول باحتلال تركي للحدود مع سورية؟ هذا أمر مشكوك فيه. الحكومة العراقية تتأثر أيضا بالأميركان وليس فقط بإيران.

لو تدخل أردوغان على الجانب العراقي من الحدود فهو سيحاول على الأغلب أن يتلطى بشرعة مسعود بارزاني. هو سيقول أن تدخله يهدف لدعم قوات بارزاني، ولكن المشكلة هي أن بارزاني نفسه هو ليس ذا صفة شرعية. هو رئيس منتهية ولايته. لا أدري كيف يمكن لرئيس منتهية ولايته أن يمنح رخصة لاحتلال أجنبي، ناهيك أصلا عن أن هذه القضية هي خارج اختصاصات إقليم كردستان وتتعلق بالحكومة المركزية.

هناك سيناريو آخر للتدخل التركي وهو تكرار مؤامرة “درع الفرات” على الجانب السوري من الحدود. بشار الأسد ما زال يحتفظ بقاعدة عسكرية في القامشلي، ومن الممكن أن بوتن سيتذرع بتلك القاعدة وسيدعي أن له نفوذا في تلك المنطقة، وبناء على ذلك هو قد يمنح رخصة لأردوغان للتدخل العسكري. عمليا هكذا تدخل سيحصل بالطريقة التالية: أردوغان سيتلطى بشرعية بشار الأسد وسيدخل إلى القامشلي بدعوى حصوله على رخصة من بشار الأسد، وبوتن سيختم بالتصديق على تلك الرخصة المزعومة. هذا السيناريو يتطلب اتفاقا بين أردوغان وبشار الأسد على غرار الاتفاق الذي حصل حول احتلال مدينة الباب. البعض قد يظنون أن حصول هكذا اتفاق هو أمر مستبعد، ولكنني لا أراه مستبعدا (هو قد يكون مستبعدا في المدى القريب ولكن ليس في المدى البعيد). محافظة الحسكة خرجت عمليا من سيطرة بوتن وبشار الأسد. إذا أدخلوا أردوغان إلى هناك فهذا لن يكون تنازلا حقيقيا منهم وإنما مكسب لهم، تماما كما حصل في درع الفرات: في درع الفرات لم يكن هناك أي تنازل حقيقي من بوتن وبشار الأسد، لأن المناطق التي احتلها أردوغان كانت أصلا خارجة من أيديهم وهم ما كانوا سيتمكنون أبدا من احتلالها.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s