كيف سينتهي التصعيد الأميركي ضد بشار الأسد؟

هناك اليوم تصعيد في الموقف الأميركي من بشار الأسد.

 كيف يمكن أن ينتهي هذا التصعيد؟ هناك على ما أظن ثلاثة احتمالات:

1. توجيه ضربة عسكرية لبشار الأسد.

2. عقد صفقة مع بوتن على غرار صفقة العام 2013.

3. تأسيس مناطق آمنة.

لو حصلت صفقة مع بوتن فهذا سيكون نصرا واضحا لبوتن، لأن الهدف الأساسي لبوتن هو عقد صفقة.

القضية السورية لن تتضرر من عقد صفقة مع بوتن إذا كانت شروط الصفقة تنص على إخراج بشار الأسد من السلطة في دمشق دون تحصينه قضائيا، ولكن هل من الممكن عقد صفقة كهذه في الوقت الحالي؟ حتى لو فرضنا أن بوتن سيقبل بعقد هكذا صفقة فأنا أشك في قبول الأميركيين بها. من الواضح أن البنتاغون الأميركي لا يريد تقديم أي تنازل لبوتن ولا يريد التعاون معه. المزاج السياسي العام في واشنطن حاليا هو ضد أي تقارب مع روسيا. الكونغرس الأميركي يحقق الآن في التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية الأخيرة. هذا التحقيق يتناول حملة ترمب الانتخابية وصلاتها المحتملة مع الروس. هذا التحقيق يمكن أن يطال ترمب نفسه ويمكن أن يؤدي نظريا لعزله من منصبه.

في ظل ما يجري في واشنطن ليس من الوارد في رأيي أن يقدم دونالد ترمب على أي تصرف بشأن روسيا إلا بتنسيق كامل مع مجلس الأمن القومي والبنتاغون. ترمب يرغب الآن في تبرئة نفسه من تهمة العلاقات السرية مع الروس وهو لن يقدم على أي تصرف يمكن وصفه بأنه تنازل للروس.

من سيتخذ القرار فعليا هم العسكريون الأميركيون وليس ترمب. هؤلاء لا يريدون عقد صفقة مع بوتن.

بالنسبة لخيار ضرب بشار الأسد فهذا يبدو خيارا جيدا للوهلة الأولى ولكنه في الحقيقة يصب في مصلحة بشار الأسد وبوتن. الأميركان لا يمكن أن يشنوا حملة كاملة لإسقاط بشار الأسد لعدة اعتبارات (التواجد الروسي في سورية، عدم رغبة الأميركان في تكرار سيناريو العراق وليبيا في سورية، عدم وجود قرار من مجلس الأمن). لو حصلت ضربات لبشار الأسد فتلك الضربات لن تسقطه ولكنها ستكون مجرد ضربات تأديبية تستهدف بعض المواقع العسكرية التي لا يتواجد فيها الروس.

لو نفذ الأميركان ضربات تأديبية ضد بشار الأسد فهذا سيقوض حملتهم الحالية ضد داعش. هذه الحملة تحصل (نظريا) تحت سقف سيادة بشار الأسد. الأميركان حاليا يعترفون بسيادة بشار الأسد وهم ينسقون معه بشكل غير مباشر بوساطة الروس. قبل يومين هم قالوا أن الإطاحة به هي ليست أولوية لديهم. إذا وجهوا ضربات عسكرية لبشار الأسد فسوف ينتهي كل ذلك. الروس سوف يصرخون قائلين أن التدخل الأميركي في سورية هو عدوان غير شرعي يحصل خارج مظلة الأمم المتحدة ويهدف لتكرار السيناريو العراقي أو الليبي في سورية.

لهذا السبب لا توجد مصلحة في توجيه ضربات أميركية عشوائية لبشار الأسد. تلك الضربات العشوائية لن تسقط بشار الأسد ولكنها ستعطل الحرب على داعش. تعطيل الحرب على داعش هو هدف رئيسي لبوتن. هو يريد أن يرغم الأميركان على التنسيق ومعه ومع بشار الأسد في تلك الحرب.

في إطار نظريات المؤامرة: أنا لا أستبعد أن يكون أردوغان هو المنفذ الحقيقي لهجوم خان شيخون، خاصة وأنه ذو سوابق في هذا المجال (هو على الأغلب منفذ الهجوم السابق في الغوطة في عام 2013). أردوغان لا يخفي عداوته للتدخل الأميركي في سورية ومناصرته لبشار الأسد. هو ربما نفذ هجوم خان شيخون بهدف تأزيم العلاقة بين الأميركان والروس وإفشال الحرب الأميركية على داعش. هذه تظل نظرية مؤامرة على كل حال.

ما الذي سيفعله الأميركان؟ لو كنت مكانهم فإنني كنت ربما سأقرر تأسيس منطقة آمنة في إدلب أو في أي مكان آخر من سورية (مثلا في الجنوب). لو فعلت ذلك فإن الروس لن يتمكنوا من الصراخ والقول بأنني أهتك سيادة بشار الأسد، لأن القانون الدولي يسمح لأميركا (بل ويلزمها) بالتدخل لوقف الجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن السيادة. المنطقة الآمنة لا يمكن أن توصف بأنها محاولة لـ”إسقاط حكومة شرعية”.

هناك احتمال رابع وهو أن التصعيد الأميركي سينتهي دون عمل شيء جديد باستثناء الخطط الأميركية المقررة سلفا. هذا الاحتمال يطرح سؤالا: لماذا صعّد الأميركان كلاميا إذا لم يكن في نيتهم أن يفعلوا شيئا؟ التصعيد ثم التراجع يسيء إلى صورة أميركا. ترمب انتقد أوباما بسبب هذا الفعل.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s