الخطر الأكبر الذي يتهدد الأكراد حاليا هو الغرور والاستخفاف بالأعداء

معارضة الائتلاف تقيم مناحة بسبب التصريحات الأميركية الأخيرة التي قالت أن إسقاط بشار الأسد ليس أولوية.

أنا لا أستغرب هذه المناحة. بالنسبة لمعارضة الائتلاف كل شيء يجب أن يبدأ من دمشق. هم لا يتقبلون فكرة البداية من القامشلي أو الرقة. بالنسبة لهم أي مشروع يبدأ من القامشلي أو الرقة هو “تقسيم”.

أنا أخشى أن يتأثر الأكراد السوريون بهذه المناحة وأن يصدقوا فعلا بأن هناك مشروعا لتقسيم سورية. إذا صدق الأكراد ذلك فهم قد يتورطون ويتصرفون على أساس أن التقسيم حاصل لكي يفاجؤوا في النهاية بأن كل ذلك كان مجرد وهم.

أنا أنصح الأكراد بالبرود والهدوء. الموقف الأميركي الرسمي هو أن أميركا لا تدعم أي شكل من أشكال الحكم الذاتي الكردي، فما بالك بالتقسيم.

الأميركان لن يدعموا أي مشروع لتقسيم الدويلة السورية لأنهم لو فعلوا ذلك فسيجدون أنفسهم في صدام مع العرب والأتراك. المسألة لا تستحق. لا توجد لأميركا أية مصلحة في هذا العمل.

بالنسبة للروس فإن موقفهم الحقيقي من الأكراد هو أسوأ من الموقف الأميركي.

ليس صحيحا ما يقال عن وجود اتفاق أميركي-روسي لتقاسم الدويلة السورية. هذه مجرد خيالات لا تمت للواقع بصلة. هناك صراع جار الآن بين الأميركان والروس في سورية. خطة الروس الأصلية كانت منع الأميركان من تحرير الرقة إلا بالتنسيق مع بشار الأسد، ولكن الأميركان أحبطوا تلك الخطة الروسية، والآن يبدو أن هناك صراعا حول محافظة إدلب. ما نراه في الواقع هو صراع أميركي-روسي وليس اتفاقا.

عندما يحصل الحل السياسي في النهاية فإنه لن يتضمن تقسيم الدويلة السورية، لأن التقسيم هو مرفوض بشدة من تركيا، وأيضا بقية دول المنطقة ترفضه. لا أحد سيصطدم مع تركيا والدول العربية لأجل تأسيس دولة كردية. حتى لو أراد الأميركان دعم انفصال الأكراد فإنهم سيكتشفون سريعا أن هناك عقبات جمة أمام هكذا مشروع. هو مشروع مكلف جدا وغير عملي وليس من الوارد أن تتبناه أية حكومة أميركية.

آل سعود لهم مصلحة في ترويج إشاعات التقسيم لأنهم يريدون التهرب من تمويل المناطق الآمنة. لا يجب أن ينخدع أحد بما يقوله إعلام آل سعود حول وجود مخطط لتقسيم سورية.

يجب على الأكراد أن يثبتوا على الأرض وألا يطيروا في الهواء مع الخيالات والإشاعات، لأن الطيران مع الخيالات والإشاعات يمكن أن يؤدي إلى تكرار سيناريو مهاباد الكارثي.

يجب على الأكراد أيضا أن يتجنبوا الغرور والاستخفاف بالأعداء. أنا لاحظت في الآونة الأخيرة مظاهر غطرسة وغرور في خطاب حزب پيد، سواء فيما يتعلق بتركيا أم بمعارضة الائتلاف. أكبر خطر يتهدد الأكراد حاليا هو هذا الغرور والاستخفاف بالأعداء.

سبب النجاح الذي حققه حزب پيد هو أن أميركا دعمت الحزب ضد داعش، وليس ضد العرب أو الأتراك. من الضروري جدا ألا ينسى الأكراد هذا الفرق. أميركا هي مع الأكراد ضد داعش ولكنها ليست معهم ضد العرب أو الأتراك. إذا توهم الأكراد أن أميركا ستساندهم ضد العرب أو الأتراك فالنتيجة ستكون مخيبة جدا لهم.

الصراع الكردي-العربي أو الكردي-التركي لا يخدم الأكراد، لأن الأكراد هم أضعف من العرب وأضعف من الأتراك. الأكراد هم الحلقة الأضعف في المنطقة. هذا واقع لا يمكن تغييره بالأماني أو بالأوهام.

عندما يتحدث سيبان حمو عن غزو محافظة إدلب بالتعاون مع الروس فإن ذلك لا يمكن وصفه سوى بالحماقة الكبيرة. هو استخفاف كبير بمعارضة الائتلاف وبتركيا. ذلك التصريح المتهور هو أول مؤشر جعلني أخشى على الأكراد من أنفسهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s