السيناريو الذي سأطرحه الآن هو أفضل حل للأزمة السورية.
كما تعلمون فإن” سورية” التاريخية كانت منطقة تمتد من عنتاب شمالا إلى رفح جنوبا. خلال الحرب العالمية الأولى تمكن القوميون الدمشقيون من فصل دمشق عن سورية والمنطقة وأسسوا فيها شيئا سموه “المملكة العربية السورية”. تلك الدويلة الانفصالية انتهت مع الغزو الفرنسي في عام 1920. بالنسبة لولاية حلب العثمانية فإبراهيم هنانو أهدى نصفها إلى تركيا في بداية الانتداب الفرنسي، وفي عام 1925 هو أهدى النصف المتبقي إلى دويلة انفصالية ثانية تأسست في دمشق واستمرت حتى أربعينات القرن العشرين.
نهاية الدويلة الدمشقية الانفصالية الثانية كانت في ثورة العام 1948 التي أسقطت شكري القوتلي (كان رئيسا غير شرعي لأنه بقي في السلطة بعد انتهاء ولايته الدستورية). الثورة أدت إلى تأسيس حكومة وطنية سعت لإلغاء حدود سايكس-بيكو، ولكن تلك الحكومة لم تصمد طويلا وسقطت بسبب الانقلاب الانفصالي الذي قاده أديب شيشكلي، وتلك كانت بداية الدويلة الانفصالية الثالثة. الفرق بين الدويلتين الانفصاليتين الثانية والثالثة هو أن الدويلة الثانية كانت شكليا ذات نظام جمهوري برلماني، ولكن الدويلة الثالثة كانت عبارة عن حكم عسكري ديكتاتوري غاشم.
الدويلة الانفصالية الثالثة سقطت في ثورة العام 1954 التي أزاحت الشيشكلي وأدت للوحدة مع مصر (كما قلنا سابقا: الوحدة مع مصر لم تكن الخيار الصحيح، ولكن الوطنيين في سورية اضطروا لها اضطرارا لأن القوميين الدمشقيين كانوا يعادون بشدة فكرة الوحدة مع العراق).
الوحدة مع مصر انتهت بالانقلاب الانفصالي في عام 1961 الذي أدى لتأسيس الدويلة الانفصالية الرابعة. هذه الدويلة استمرت حتى العام 2011.
هذا باختصار هو تاريخ القومية الدمشقية في سورية منذ الحرب العالمية الأولى. هو تاريخ أسود جلب للسوريين والمنطقة كوارث ومآسي لا حصر لها.
إذا ربحنا شيئا من الكارثة الأخيرة التي تسببت بها القومية الدمشقية فهذا الشيء قد يكون إلغاء حدود سايكس-بيكو.
أنا أرى أن هناك فرصة واقعية لإلغاء حدود سايكس-بيكو في الفترة المقبلة. هذه الحدود ليس لها أي مبرر سوى القومية الدمشقية. هذه الحدود تنسب في الإعلام العربي إلى بريطانيا ولكن الحقيقة التاريخية المعروفة هي أن بريطانيا لم تكن تدعم إبقاء هذه الحدود في أربعينات القرن العشرين، بل على العكس من ذلك: الموقف البريطاني الرسمي آنذاك كان متعاطفا مع الوحدة العربية. من أبقى حدود سايكس-بيكو ومنع إزالتها هم القوميون الدمشقيون وعلى رأسهم شكري القوتلي. هم كانوا يقولون أن مطلب إلغاء حدود سايكس-بيكو هو مؤامرة بريطانية هدفها دعم إسرائيل، وبناء على تلك الرواية هم اضطهدوا المطالبين بإلغاء حدود سايكس-بيكو خلال الدويلة الانفصالية الثالثة ورموهم في السجون (كثير من المطالبين بإلغاء حدود سايكس-بيكو كانوا حلبيين، وبسبب ذلك اخترع القوميون الدمشقيون قصة تقول أن الحلبيين يدعمون إلغاء حدود سايكس-بيكو بسبب رغبتهم في تغيير العاصمة من دمشق، وكأن دمشق هي أصلا عاصمة شرعية).
أنا آمل أننا في المرحلة الحالية سنتمكن من تغيير مسار التاريخ وسنخرج من الحقبة السوداء التي دخلنا فيها منذ الحرب العالمية الأولى. لا توجد مصلحة لأي سوري (سواء كان عربيا أم كرديا) في إبقاء حدود سايكس-بيكو. هذه الحدود تضر جميع السوريين دون استثناء. من وجهة نظر القومية الكردية هذه الحدود تفصل جنوب كردستان عن غرب كردستان، بالتالي إلغاء هذه الحدود هو مكسب واضح للقومية الكردية. الكردي الذي يدافع عن هذه الحدود لا يمكن أن يدافع عنها على أساس القومية الكردية وإنما على أساسات أخرى.
إلغاء حدود سايكس-بيكو يمكن أن يحصل كما يلي:
بعد تحرير مدينة الموصل سوف ينفتح الطريق البري الواصل بين مدينة الموصل ومعبر ربيعة الحدودي. المأمول بعد ذلك هو عودة التجارة بين مناطق قسد وبين العراق. بسبب الجغرافيا والمصالح المشتركة سوف تتطور العلاقات بين حكومة بغداد وبين حكومة قسد، ونحن نأمل أن تطور العلاقات سوف يصل في النهاية إلى حد إلغاء حدود سايكس-بيكو تماما (إلغاء الحدود تقنيا يمكن أن يحصل بأكثر من طريقة. العراق حاليا هو عبارة عن اتحاد فدرالي وبالتالي من الممكن ببساطة أن تنضم حكومة قسد إلى الاتحاد وفق الدستور العراقي الحالي).
لكي يكون هذا السيناريو مثمرا فلا بد من وجود حكومة في مناطق قسد ذات سيادة على كل الدويلة السورية. عندما تقرر تلك الحكومة شيئا فذلك القرار سوف يكون ملزما لكل الدويلة السورية، بما في ذلك دمشق.
إذا لم تكن هناك حكومة عامة لسورية فسوف تستمر الدويلة الانفصالية الدمشقية ولكن حجمها سيتقزم، بمعنى أنها ستنحصر في المناطق غير الخاضعة لسلطة قسد. ذلك السيناريو هو أفضل من عودة الدويلة الانفصالية بشكلها الذي كان قائما قبل العام 2011 (الدويلة بعد تقزيمها سوف تضعف كثيرا ولن تصمد طويلا)، ولكن الأفضل في رأيي هو عدم ترك مجال لبقاء الدويلة الانفصالية. قبل إلغاء حدود سايكس-بيكو (وقبل كل شيء آخر) من الضروري تأسيس حكومة شرعية لكل الدويلة السورية، وتلك الحكومة هي التي يجب أن تتخذ القرارات الكبيرة بحيث تكون قراراتها ملزمة لكل شبر من الدويلة الزائلة.
هذا السيناريو هو طموح ولكن الوصول إليه هو ممكن وليس مستحيلا. العقبة الرئيسية أمام هذا السيناريو هي ليست بشار الأسد وإنما أردوغان. أردوغان لديه مشروع آخر هو مشروع استعماري همجي لا يختلف عن المشروع الإيراني.
أنا لست متفائلا باستعادة المنطقة التي احتلها أردوغان شمال حلب. هل يمكن لأحد أن يصف لي سيناريو واقعيا لإخراج تركيا من تلك المنطقة؟ إخراج تركيا من تلك المنطقة يبدو لي مستحيلا إلا بعمل عسكري ضد تركيا. أغلب الظن أن سيناريو لواء إسكندرون سوف يتكرر هناك. الأتراك سوف يجدون دائما ذرائع لعدم الانسحاب (في البداية سيتذرعون بحماية اللاجئين من بشار الأسد، وبعد ذلك سيتذرعون بخطر الأكراد وخطر العرب إلخ. الأتراك لهم باع طويل في خلق مثل هذه الذرائع).
هذه المنطقة التي احتلها أردوغان قد تكون من الخسائر الكبيرة والدائمة التي تسببت بها الثورة السورية. الأمر المؤسف هو أن طاغية الأردن هو مستكلب لتكرار نفس السيناريو في الجنوب. هو يريد انتزاع أراض من محافظة درعا وضمها إلى دويلته. هذا هو سبب إصراره على إشراك بشار الأسد في القمة العربية. هو يريد تنفيذ شرط بوتن للسماح له باحتلال الأراضي التي يريد احتلالها.
أفضل رد على كل الخسائر والمؤامرات هو إلغاء حدود سايكس-بيكو. لو نجح ذلك فسوف تموت القومية الدمشقية التي هي أساس كل المصائب.
انت يا ذيل الخنزير ما فتأت مهوسا بما تسميه انت “بالقومية الدمشقية”. انت ايها السافل المنحط والعميل لا زلت في “ضلالك القديم”، وتتوهم انك نجم هذه المرحلة والمنظر الفريد من نوعة. يا جحش، هناك القومية العربية، التي تصيبك بالزمهرير، وهناك القومية السورية، التي لا شك تصيبك بداء الكلب، لأنك لا تتحمل ان تسمع الكلمتين….لإفراطك في كراهيتك للعرب والعروبة، فتغلف كلامك بما تطلق عليه “القومية الدمشقية”. كف عن احقادك وتوهماتك……..فانت ملعون ما انت فيه وتبا لك ومن اتبعك من الغاويين؟؟؟؟؟!!!!