عندما بدأ هجوم ثوار الائتلاف في حماة لفتني طابعه الداعشي، ولكن ذلك الطابع الداعشي تلاشى الآن.
الهجوم تحول مجددا إلى هجوم ائتلافي تقليدي. هو وصل إلى نهايته ولن يتمكن من تحقيق المزيد من المكاسب المهمة (بغض النظر عن نتيجة معركة قمحانة).
عندما ننظر إلى الخريطة فإننا نرى أن ثوار الائتلاف يملكون جبهة طويلة جدا مع بشار الأسد. هذه الجبهة تبدأ من غرب مدينة حلب وتمتد إلى ريف حلب الجنوبي، ثم إلى خناصر وإسريا وصولا إلى المنطقة التي يقاتلون فيها الآن في شمال حماة. كل هذه الجبهة هي هادئة والقتال يدور حصرا في منطقة صغيرة تقع إلى الشمال من حماة.
هجومهم نجح في بدايته بسبب عنصر المباغتة، ولكن هذا العنصر زال الآن. المفترض هو أن يفتحوا جبهة جديدة في ريف حلب الجنوبي أو في خناصر (لن نذكر الريف الشمالي لأن أردوغان يحمي ظهر بشار الأسد هناك)، ولكنهم لا يفعلون ذلك. هم يزجون بالمزيد من القوات إلى نفس الجبهة المستعصية في حماة. هم يكررون نفس الخطأ الذي يرتكبونه في كل مرة.
لا أدري ما الذي يمنعهم من فتح جبهات بعيدة. هناك احتمالان، الاحتمال الأول هو أنهم لا يملكون قدرات لوجستية تسمح لهم بذلك. والاحتمال الثاني هو أنهم يجهلون ما يفعلونه، أو أنهم يتعرضون للتضليل من أردوغان (أردوغان أثبت بشكل قاطع أنه لا يملك أية مصلحة في هزيمة بشار الأسد. كل ما يريده هو الضغط على داعمي بشار الأسد، وهذا قد يكون الهدف من معركة حماة الحالية).
داعش رصدت قبل أشهر مخططا روسيا للتوسع في ريف حلب الشرقي انطلاقا من مطار كويرس، ولهذا السبب قامت بمهاجمة تدمر وألحقت بالروس وبشار الأسد الهزيمة المنكرة التي ألحقتها بهم هناك. هذه الحادثة هي مجرد مثال على القدرات اللوجستية لدى داعش. عندما شعر قادة داعش بوجود حشود في ريف حلب الشرقي قاموا بنقل قوات إلى تدمر وفتحوا جبهة هناك، مع العلم أن المسافة بين جبهة كويرس وجبهة تدمر تفوق بكثير المسافة بين إدلب وخناصر. لماذا تستطيع داعش أن تنقل قوات إلى تدمر ويعجز ثوار الائتلاف عن نقل قوات إلى خناصر؟
أنا لا أظن أن سبب المشكلة هو ضعف لوجستي لدى ثوار الائتلاف. أساس المشكلة هو أنهم يجهلون ما يفعلونه، والأرجح هو أن أردوغان يرسم لهم خططهم، وأردوغان كما نعلم هو أكبر داعم لبشار الأسد في العالم. عمليا من يرسم الخطط لثوار الائتلاف هو بشار الأسد ذاته، ولهذا السبب هجماتهم تنتهي دائما بما يناسب بشار الأسد.