المناطق التي يسيطر عليها حزب پيد هي نوعان، مناطق سيطر عليها بدعم من التحالف الدولي ومناطق سيطر عليها دون دعم من التحالف الدولي.
الخرائط التي ترسم للوضع في سورية لا تبين هذا الفرق رغم أنه مهم. تلك الخرائط تلون كل مناطق سيطرة حزب پيد بلون واحد.
الأميركان لا يعتبرون أنفسهم ملزمين بحماية المناطق التي حررها حزب پيد لوحده دون تنسيق معهم. هذا ينطبق على كل مناطق سيطرة الحزب إلى الغرب من منبج.
قبل صفقة “درع الفرات” كان الأميركان يتمددون غربا وكانوا ينوون تحرير مدينة الباب. لو نجح ذلك فإن المظلة الأميركية كانت ستمتد لتغطي القسم الشمالي من محافظة حلب بأكمله، وأيضا بعض الأحياء في مدينة حلب. لو حصل ذلك لكانت كل الموازين في سورية انقلبت، لأن الأميركان كانوا سيجندون ثوار الائتلاف في محافظة حلب ضمن قسد (كما حصل في الرقة).
الأميركان سعوا مرارا لتدريب ثوار الائتلاف في حلب ودعمهم بالتنسيق مع أردوغان، ولكن أردوغان أفشل كل المحاولات الأميركية. عندما قرر الأميركان التدخل في سورية لمحاربة داعش كان أول أمر فعلوه هو الاتصال بأردوغان وطلب معونته، ولكن أردوغان رفض مبدأ الحرب على داعش. أمام تعنت أردوغان اضطر الأميركان للعمل منفردين، ومن هنا أتت قسد.
عندما رأى أردوغان أن الجهود الأميركية المنفردة أثمرت وأنتجت قسد ذهب إلى موسكو وطهران واتفق مع الروس والإيرانيين على صفقة “درع الفرات” التي أوقفت تمدد قسد غربا وسمحت للروس والإيرانيين باستباحة مدينة حلب وتدميرها.
صفقة “درع الفرات” نجحت وحققت هدفها. لهذا السبب اضطر حزب پيد لطلب معونة الروس لحماية مناطقه التي تقع في غرب محافظة حلب، والروس بدناءتهم استغلوا ذلك لإجبار الحزب على التعاون مع بشار الأسد وشرعنته.
بسبب هذا الواقع يجد حزب پيد نفسه الآن متحالفا في محافظة حلب مع بشار الأسد والروس ضد تركيا وأتباعها، والمؤسف هو أن الحزب بات يدفع باتجاه إيجاد تعاون بين الأميركيين وبشار الأسد. الحزب بات يعتبر بشار الأسد حليفا له وهو يسعى لتسويق بشار الأسد أمام الأميركان لكي يتحالفوا معه هم أيضا.
الأميركان تعرضوا لضغوط كبيرة في السابق (خاصة من أردوغان) لكي يتعاونوا مع بشار الأسد ولكنهم رفضوا ذلك، ولا أتخيل أن حزب پيد سيقنعهم بما عجز أردوغان عن إقناعهم به. فكرة التعاون الأميركي مع بشار الأسد هي فكرة سيئة جدا ومن شأنها أن تقوض كل ما أنجزه الأميركان في سورية حتى الآن.
التعاون الأميركي مع بشار الأسد سوف يقوض قسد بكاملها، وخاصة القسم الكردي منها. حزب پيد لا يفهم ذلك. هو لا يدرك أن السبب الوحيد الذي جعل أميركا تتحالف معه هو أن أميركا لا ترغب في التعاون مع بشار الأسد. إذا كانت هناك إمكانية لقيام تعاون بين أميركا وبشار الأسد فما هي حاجة أميركا بحزب پيد؟ هذا الحزب هو مكروه من كل العالم. الأميركان كسبوا عداوة الكثيرين بسبب علاقتهم مع هذا الحزب.
أردوغان ضغط كثيرا على الأميركيين لكي يتعاونوا مع بشار الأسد لأن أردوغان يفهم أن التعاون بين أميركا وبشار الأسد سوف يلغي الحاجة إلى التعاون مع حزب پيد. قسد هي بديل لبشار الأسد. الناس تلجأ إلى البديل عندما لا يكون الأصيل متاحا.
إذا كان الأصيل متاحا فما هي الحاجة للبديل؟
حزب پيد فيه تيارات مختلفة وقادته ليسوا على رأي واحد، ولكن هناك تيارا مغفلا في الحزب يدفع باتجاه شرعنة بشار الأسد. هذا التيار لا يفهم أن شرعنة بشار الأسد سوف تقتل الأكراد. السبب الوحيد للعز الكردي الذي نراه الآن هو أن بشار الأسد فقد شرعيته. لو كانت هناك شرعية لبشار الأسد لما كان أحد نظر في الأكراد.
حزب پيد يظن أن شرعنة بشار الأسد ستحمي عفرين وتل رفعت، ولكن الحقيقة هي أن شرعنة بشار الأسد ستضيع كل شيء. حتى القامشلي ستضيع.