حزب پيد أسس “قرية خاصة بالمرأة” في محافظة الحسكة.
عنوان المقال لفتني لقراءة المقال لعلني أفهم المقصود، ولكنني ما زلت لا أفهم المقصود. كيف يمكن أن تكون هناك “قرية خاصة بالمرأة”؟ هل هذه قرية حقيقية أم مجرد ناد أو منظمة نسوية؟
كيف سيتكاثر سكان هذه القرية المفترضة؟ لو فرضنا أن إحدى القاطنات فيها أحضرت رجلا إلى القرية فما الذي سيحصل لها ولرجلها؟
خبر عجيب. ذكرني بأسطورة جزيرة ليسبوس اليونانية والشاعرة صافو.
الناطقة باسم وحدات حماية المرأة نسرين عبد الله، نوهت بأنهن من خلال تدشين هذه القرية يكونون قد حققوا حلم قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان في بناء مجتمع ديمقراطي حر، والعودة إلى الحياة الطبيعية، وتابعت بالقول “المئات من المناضلات استشهدن في ساحات المقاومة حتى نصل إلى يوم كهذا، ونبني قرية للمرأة والتي بها ستنشر الحرية الحقيقة إلى كافة المدن والقرى، ونتخلص من السلطة الذكورية”.
هذه الناطقة تتحدث عن “العودة إلى الحياة الطبيعية”. عبارة “الحياة الطبيعية” في أدبيات حزب پيد تعادل المجتمع الشيوعي في الأدبيات الماركسية، بالتالي عبارة “العودة إلى الحياة الطبيعية” تعني “الانتقال إلى المجتمع الشيوعي”. هم على ما يبدو يؤسسون قرية شيوعية مثالية (على غرار تجارب الخمير الحمر وغير ذلك ممن سبقهم إلى هذه التجارب الشيوعية).
قديما كانت هناك فكرة شائعة تقول بأن المجتمعات البدائية التي سبقت الحضارة كانت مطريركية، بمعنى أن النساء كن يهيمن على الذكور في تلك المجتمعات، ولكن هذه الفكرة لم تعد شائعة الآن. الاحتمال الأرجح هو أن المجتمعات البدائية كانت تقوم على المساواة ولم تكن هناك سيطرة أنثوية على الذكور كما يتوهم البعض. ولكن يبدو أن حزب پيد ما زال يعتنق الفكرة القديمة التي تتحدث عما يسمى بالمطريركية matriarchy (هيمنة النساء على الرجال)، والحزب على ما يبدو يريد أن “يعيدنا” إلى ذلك النظام “الطبيعي” الذي لم يكن موجودا في أي وقت من الأوقات (هذا طبعا مجرد كلام نظري. جماعة حزب پيد لن يؤسسوا أبدا مطريركية حقيقية حتى ولو كانت عقيدة قائدهم آبو تدعو لذلك).
على كل حال، بعيدا عن قضية “قرية المرأة” (التي لا أفهم معناها) أنا لست ضد الاحتفاء بالنساء وحقوقهن كما يفعل حزب پيد، لأن وضع النساء في المجتمع السوري هو صعب جدا، وخاصة في المناطق التي يسيطر عليها حزب پيد. في الماضي كتبت حول قضية المرأة وكتبت أن تحسين وضع النساء يحسن وضع المجتمع بشكل عام، لأن الأذى الذي تتعرض له المرأة لن ينحصر فيها ولكنها ستقوم بنقله إلى من حولها وفق مفهوم “دورة العنف”.