الوحدة مع تركيا هي مقبولة ولكن ما يفعله الأتراك الآن في شمال سورية هو استعمار همجي

Turkey_Syria

في الماضي كتبت أكثر من مرة أن فكرة الوحدة بين سورية وتركيا هي فكرة جيدة.

أنا أكره الفكر الانفصالي التقسيمي وأؤيد الفكر الوحدوي. لهذا السبب أنا أؤيد إعادة الاتحاد بين سورية وتركيا كما كان الحال في زمن السلطنة العثمانية، وأؤيد أن يكون العلم التركي علما لذلك الاتحاد (كما كتبت سابقا: العلم التركي له مشروعية تاريخية في سورية لأنه العلم العثماني، وأما علم الانفصال الذي ترفعه معارضة الائتلاف فهو يفتقد إلى أية مشروعية. هذا العلم يرمز تاريخيا للتقسيم وللغدر والخيانة).

الوحدة الناجحة يجب أن تبنى على أسس صحيحة. هناك فرق بين الوحدة وبين الاستعمار. نحن لا نريد أن نكون عبيدا لدى بعض المجانين في أنقرة تحت مسمى الوحدة. عندما نتعامل مع تركيا بالذات فيجب علينا أن نكون حذرين للغاية، لأن الشعب التركي هو مشحون بفكر طوراني فاشي، وهذا يظهر بشكل خاص في كيفية تعامل الأتراك مع الأكراد.

لا أظن أن سوريا عاقلا يقبل بتوريط نفسه في “وحدة” مع تركيا لكي يكون مصيره كمصير الأكراد.

أهم الشروط التي نضعها لأية وحدة بين سورية وتركيا هي أن تكون وحدة كونفدرالية مبنية على الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان والتعدد الثقافي والديني.

المشكلة هي أن أردوغان لا يقبل أيا من هذه الشروط. هو يرفض أي شكل من أشكال الحكم الذاتي ويصم كل أشكال الحكم الذاتي بأنها “إرهاب”. هو يدير المنطقة المحتلة في شمال سورية كما لو أنها محافظة تركية عادية ويرفض تأسيس حكومة محلية فيها (في الماضي تساءلنا كثيرا عن السبب الذي منع معارضة الائتلاف من تأسيس حكومة في المناطق المحررة، ولاحقا عرفنا الجواب: أردوغان يعتبر أية حكومة محلية “منظمة إرهابية”).

أردوغان هو طاغية لا علاقة له بالديمقراطية، وهو لا يمت بصلة إلى التسامح واحترام حقوق الإنسان. هو شحن أتباعه السوريين بصنوف شتى من الكراهية الإثنية والدينية (وكأن ما لديهم من كراهية لم يكن كافيا). عندما أستمع إلى خطاب معارضة الائتلاف الموالية لأردوغان فإنني أشعر بالاشمئزاز لبشاعة ذلك الخطاب وهمجيته وتخلفه. هو خطاب لا يختلف بشيء عن الخطاب الإيراني.

أتباع أردوغان السوريون لا يجدون حرجا في التهجم على الأكراد بناء على توجيهات أردوغان، ولكن هؤلاء لا يدركون أن أردوغان سيتعامل معهم لاحقا مثلما يتعامل مع الأكراد (بل وأسوأ). الفكر الطوراني لا يحمل ذرة من الاحترام للعرب. الطورانيون يعتقدون أن الأتراك يجب أن يتسيدوا على العرب كما الأكراد.

لا يوجد فرق يذكر بين عقيدة أردوغان وبين عقيدة الاستعمار الإيراني. من يحترم نفسه من السوريين يجب أن يقاوم الاستعمار التركي مثلما يقاوم الاستعمار الإيراني، وأما أن ترفض الاستعمار الإيراني وترحب بالاستعمار التركي فهذا يعني أنك مجرد نعجة بلا عقل، تماما كمؤيدي بشار الأسد الذين هللوا للاستعمار الإيراني وساندوه ولكنهم الآن يتلظون بسبب الاحتلال التركي.

مؤيدو بشار الأسد لا يرون مشكلة في الإبادة الطائفية التي نفذتها إيران في حلب وغيرها، ومعارضة الائتلاف لا ترى مشكلة في الإبادة التي ينفذها أردوغان ضد الأكراد.

هناك قليل من الأخلاق وقليل من العقلانية في هذا الصراع. هو صراع طائفي محض. الإنسان العاقل يجب أن يجنح إلى الحياد والموضوعية وألا ينساق مع أي قطيع من القطعان الطائفية.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s