العقوبات الخانقة أرغمت إيران على وقف برنامجها النووي… وفرض نفس العقوبات مجددا سيرغم إيران على الانسحاب من سورية

كثير من القوى الإقليمية والدولية ترى لنفسها مصلحة في التهدئة مع بشار الأسد أو التطبيع معه. ما يلي تلخيص لمواقف تلك القوى. وبعد ذلك اقتراح حول الطريقة المثلى لطرد الاحتلال الإيراني من سورية.

1. أردوغان

أردوغان يرى نفسه في وضع ممتاز حاليا بعدما نجح في احتلال مدينتي جرابلس والباب وتصوير نفسه أمام الأتراك بمظهر البطل الفاتح. أيضا مواجهته الدونكيخوتية مع أميركا حول منبج رفعت أسهمه لدى ناخبيه الذين يحبون مثل هذه المهازل. لا بد أن شعبية أردوغان هي عالية في تركيا الآن، وهذا يصب في مصلحة مشروعه لتغيير الدستور التركي واستبداله بدستور مفصل على مقاس طغيانه.

بما أن كل شيء حاليا يناسب أردوغان فليس من الوارد أنه سيقوم بتصعيد أو أعمال تفسد “الإنجازات” التي تحققت. أردوغان سيحاول تجميد الوضع الحالي حتى استفتاء تغيير الدستور. لا ندري ما الذي سيحصل بعد ذلك الاستفتاء، ولكن من مراقبتي لسلوك أردوغان خلال السنوات الماضية أنا أرجح أنه سيخفف كثيرا من تدخله في سورية بعد استفتاء الدستور. كل التحركات التصعيدية ضد بشار الأسد التي قام بها أردوغان خلال السنوات الماضية كانت مرتبطة حصرا بانتخابات ومصالح شخصية ضيقة لأردوغان. أردوغان لم يكن يوما يملك أي مشروع جدي لإسقاط بشار الأسد. هو كان يتدخل في القضية السورية غالبا لدعم بشار الأسد وليس العكس (عبر إفشال المحاولات الأميركية لدعم المعارضة المسلحة المعتدلة، ومنع المعارضة من تأسيس حكومة داخل سورية، ودفع المعارضة نحو مواقف متشددة أفسدت علاقتها بالحكومة الأميركية وشوهت صورتها لدى الرأي العام الأميركي والدولي، ودعم داعش بحجة أنها تحارب الأكراد، ثم في النهاية منع الأميركان من تحرير مدينتي حلب والرقة بحجة أن قسد هي خاضعة للأكراد، ولا ندري لماذا منع أردوغان تحرير تلك المدن قبل تأسيس قسد). أحيانا هو كان يفتعل مشكلات إعلامية مع بشار الأسد لكي يرفع أسهمه قبل انتخابات، مثلا عبر إسقاط طائرات تابعة لبشار الأسد. هو كرر هذه الحركة مجددا بالأمس عندما أسقط طائرة تابعة لبشار الأسد لكي يلهي الأتراك عما حل بغزوة منبج الدونكيخوتية.

أردوغان لا يملك على الإطلاق أية نية أو رغبة في إسقاط بشار الأسد، ناهيك عن أن يمتلك مشروعا لذلك. في الفترة المقبلة هو سيركز على اتباع السبل التي تسمح له بالاحتفاظ بالمدن التي احتلها. هو سيستمر بالمطالبة بتأسيس منطقة آمنة في المنطقة المحتلة لأنه يعتقد أن ذلك سيكون مدخلا لشرعنة الاحتلال (وهذا ربما هو السبب الأساسي الذي يجعل الأميركان يمتنعون عن تأسيس المنطقة الآمنة التي يطلبها). هو لن يمنح الشرعية الكاملة لبشار الأسد لأن ذلك سوف يضطره للانسحاب من المنطقة المحتلة وتسليمها لبشار الأسد. هو سوف يظل ينكر شرعية بشار الأسد ولن يعيد العلاقات الدبلوماسية معه طمعا في الاحتفاظ بالمنطقة المحتلة، ولكنه في نفس الوقت سوف يهدئ الأوضاع مع بشار الأسد وسوف يتواصل معه في السر لإقناعه بعدم معارضة الاحتلال. هو باختصار سيتبع نفس السياسة التي تتبعها إسرائيل مع بشار الأسد بشأن الجولان (والتي هي سياسة ناجحة جدا لكونها تناسب وضع بشار الأسد الشاذ).

إذا استمر بشار الأسد في غزواته الاستعراضية في شرق سورية فمن الوارد أن أردوغان سيستغل حالة فرط التمدد لدى بشار الأسد وسيفتعل بعض المعارك الحدودية بهدف توسعة رقعة المنطقة المحتلة.

2. إسرائيل وطاغوت الأردن

هؤلاء يدعون أنهم خائفون من الوجود الإيراني في سورية، وهم يستغلون هذا الخوف كحجة للمطالبة بتأسيس منطقة آمنة قرب الجولان. هم لم يفعلوا أي شيء يذكر للإطاحة ببشار الأسد أو لمحاربة الوجود الإيراني الذي يدعون الخوف منه. متى كانت آخر مرة أطلق فيها طاغوت الأردن طلقة على بشار الأسد أو الاحتلال الإيراني؟ هو جمد القتال كليا في محافظة درعا، وقرأنا عن اتصالات سرية بينه وبين بشار الأسد. هو أيضا امتنع عن تحرير مدينة البوكمال من داعش لأسباب غامضة وغير مفهومة (هل هناك علاقة سرية بينه وبين داعش على غرار العلاقة بين أردوغان وداعش؟ أم أنه امتنع عن تحرير البوكمال مراعاة لمشاعر إيران؟).

حتى الغارات الإسرائيلية على دمشق التي يتحدث عنها الإعلام تبين أن بعضها هو ليس بالفعل غارات إسرائيلية وإنما عمليات تفجيرية تنفذها فصائل معارضة، وفقا لما ورد في مقال لموقع دبكا تحدثنا عنه سابقا.

موقع دبكا كشف مؤخرا أن طاغوت الأردن عمل على إعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية وتحقيق مصالحة بينه وبين الملك السعودي. هذا التحرك أتى استجابة للمطلب الروسي العلني بإعادة بشار الأسد إلى الجامعة العربية. طاغوت الأردن أراد من ذلك التحرك إرضاء بوتن لعل ذلك يسمح له بالدخول إلى سورية واحتلال بعض الأراضي كما فعل أردوغان.

إسرائيل وطاغوت الأردن كانوا يتظاهرون بمعارضة بشار الأسد، ولكنهم الآن لم يعودوا يتظاهرون بذلك. هم صاروا يعملون علنا لدعم بشار الأسد وتمكين الاحتلال الإيراني. حجتهم هي أن ما يقومون به سيجعل روسيا تسمح لهم بالدخول إلى سورية واحتلال منطقة آمنة. هم يمكنون الاحتلال الإيراني في سورية بحجة أن ذلك سيسمح لهم بتأسيس منطقة آمنة تدرأ الخطر الإيراني. هل هناك أي منطق في هذا الطرح؟ هو طرح خال من المنطق، تماما كطرح أردوغان الذي برر به عملية “درع الفرات”.

3. أوروبا وأميركا

تحدثنا في الماضي عن مواقف هؤلاء بالتفصيل ولا يوجد جديد نضيفه. باختصار: هم حاولوا لبعض الوقت أن يسقطوا بشار الأسد، ولكن أردوغان أفشل كل جهودهم، وآل سعود لم يفعلوا شيئا سوى تأييد أردوغان وشتم أوباما. لهذا السبب الغربيون أصيبوا بالنفور من المعارضة السورية التابعة لأردوغان والمدعومة من آل سعود ولم يعودوا يرغبون بدعم تلك المعارضة. الأميركان أسسوا بديلا ناجحا لتلك المعارضة هو “قسد”. أردوغان أعلن قسد عدوا له وبرر ذلك بتبريرات ساقطة لا يقبلها ذو عقل (لا أحد في أميركا يقبل تبريراته)، وهو الآن بات يخوض حربا علنية مكشوفة ضد قسد وداعميها الأميركان. هو اصطف علنا مع الروس والإيرانيين وبشار الأسد ضد قسد وأميركا على نحو واضح لا ينكره أحد سوى الإعلام السعودي (وصل الأمر بهذا الإعلام إلى تزوير مقالات الصحف الأميركية بهدف تبرئة أردوغان من التعاون مع بشار الأسد).

سياسة أردوغان وآل سعود العبثية وغير المنطقية دمرت القضية السورية في أوروبا وأميركا لأنها جعلت من الصعب على أي أحد أن يدافع عن المعارضة التابعة لأردوغان والمدعومة من آل سعود، وهذا أفسح المجال للكارهين والعنصريين الذين صاروا يظهرون الدعم لبشار الأسد دونما حياء أو خجل. بعض هؤلاء العنصريين ذهبوا إلى بشار الأسد وزاروه داخل جحره في دمشق لإظهار التضامن معه فيما ارتكبه من جرائم مهولة لم يسبقه إليها أحد. الآن نحن نقرأ عن دعوات عنصرية في أوروبا لدعم بشار الأسد بالأموال بحجة أن ذلك يساعد في “إنهاء الحرب وتحقيق السلام”. بدلا من أن يجمع هؤلاء العنصريون الأموال لتمويل محاكمة بشار الأسد فإنهم يخططون لتمويله بحجة “إعادة الإعمار”.

4. آل سعود

آل سعود هم ظاهريا داعم أساسي للمعارضة السورية، ولكنهم في الحقيقة لم يفعلوا شيئا طوال سنوات الأزمة السورية سوى تمويل خطط أردوغان، التي هي خطط هدفت لتدمير المعارضة السورية وتمكين بشار الأسد والاحتلال الإيراني.

ما هو السبب الذي جعل آل سعود يسيرون وراء أردوغان على هذا النحو الأعمى؟ أنا طرحت في الماضي بعض التفسيرات المحتملة، ولكن التفسير الحقيقي قد يكون أبسط من تلك التفسيرات. آل سعود هم مشهورون دوليا بالهوس الديني الطائفي وكثيرون يعتقدون أن سياستهم الخارجية هي غير عقلانية ومبنية على غرائز طائفية. هذا قد يكون تفسير سياستهم المتعلقة بسورية. هم ربما ينظرون إلى أردوغان بوصفه “قوة سنية” تكافئ “القوة الشيعية” المتمثلة بإيران، وبناء على هذه النظرة الساذجة هم قرروا أن يتضامنوا مع أردوغان.

أوباما برر انسحابه من دعم معارضة الائتلاف بأنه لا يريد توريط أميركا في حرب طائفية. هو ربما قال ذلك الكلام لما لمسه من آل سعود.

آل سعود هم كيان قوي، ولكنه كيان بلا عقل. هو كيان يتحرك على أساس غرائز طائفية.

ننصح آل سعود مجددا بأن يغيروا نهجهم في سورية وأن يتبعوا سياسة عقلانية.

الوضع في سورية حاليا بات صعبا ولم يعد هناك الكثير لفعله. في رأيي أن أفضل ما يمكن لآل سعود أن يفعلوه الآن هو الضغط على الأميركان والأوروبيين للتعامل مع بشار الأسد بنفس الأسلوب الذي تعاملوا به مع البرنامج النووي الإيراني. المطلوب هو فرض حصار خانق جدا على بشار الأسد. يجب إمرار قانون “قيصر” المتوقف حاليا في مجلس الشيوخ الأميركي. إمرار ذلك القانون يعني أن أميركا ستعاقب أية جهة تتعامل مع بشار الأسد. أكبر المتضررين من ذلك القانون سيكون إيران. إيران ستجد أن دعمها لبشار الأسد يعيدها إلى نفس الوضع الذي كانت فيه خلال الأزمة النووية.

موارد تمويل بشار الأسد هي ليست كثيرة. أظن أن معظم عملاته الصعبة تأتي من سفاراته في الخارج (التي يبيع فيها جوازات السفر) ومن زيارات شبيحة الأمم المتحدة إلى دمشق. إذا فرض حصار خانق جدا على بشار الأسد فإنه لن يجد طريقة لجلب الأموال من سفاراته. هو سيضطر لتهريب الأموال تهريبا، وذلك سيجعلها عرضة للمصادرة في حال ألقي القبض عليها (كما كان حال إيران عندما كانت تضطر لتهريب عائدات بيع النفط). إذا كان الحصار قويا بدرجة كافية فإنه يجب أن يعيق زيارات شبيحة الأمم المتحدة إلى دمشق.

العقوبات المطلوبة يجب أن تصيب كل جهة تتعامل مع بشار الأسد، حتى ولو كانت داخل سورية. هذا يعني أن العقوبات ستطال قسد وستطال المعارضة التابعة لأردوغان في حال تعامل هؤلاء مع بشار الأسد.

هذا الحصار هو الطريقة الوحيدة لهزيمة الاحتلال الإيراني. آل سعود يجب أن يجعلوا فرض هذا الحصار هدفهم الأول.

أصدقاء بشار الأسد سوف يقولون: فرض هذا الحصار سوف يسبب كوارث إنسانية في مناطق بشار الأسد.

ردا على ذلك يجب على آل سعود أن يقولوا ما يلي: نحن مستعدون لتأسيس مناطق آمنة داخل سورية لاستقبال النازحين من مناطق بشار الأسد.

النزوح من مناطق بشار الأسد هو ليس أمرا سيئا وإنما أمر جيد. بشار الأسد يجند السكان الموجودين في مناطقه ويحولهم إلى شبيحة، وهو يجبي منهم الأموال (خاصة في حلب). إذا نزح هؤلاء إلى مناطق آمنة فإن هذا سيصب في مصلحتهم وسيحرم بشار الأسد من الرجال والأموال الذين يسخرهم لخدمة الاحتلال الإيراني.

تأسيس المناطق الآمنة يجب أن يكون في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي. الأميركان لن يمانعوا الفكرة من حيث المبدأ. بالنسبة للتمويل فهو يمكن أن يأتي من عائدات بيع النفط الموجودة في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي، إلى جانب مصادر أخرى.

إذا نزح الحلبيون إلى المناطق الآمنة فهم يمكن أن يؤسسوا هناك مصانع للألبسة وأن يبيعوا منتجاتهم في العراق. هذا كان يحصل قبل تدمير حلب وهو كان يدر الكثير من المال.

رأي واحد حول “العقوبات الخانقة أرغمت إيران على وقف برنامجها النووي… وفرض نفس العقوبات مجددا سيرغم إيران على الانسحاب من سورية

  1. يا ذيل الخنزير، ايها الحقير العميل…..لا تنتشي وترى في نفسك محلل سياسيز انت ومن اتبعك من الغاويين لستم الا عملاء صغار سينتهى بكم المصير مثل كلاب “جيش لحد” في جنوب لبنان، انتهوا منبوذين في كيان العدو الصهيوني ويعيشون على قارعة الطريق.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s