الأميركان قد يتخلون عن عملية تحرير الرقة… والروس سينسحبون سريعا بعد ذلك

في الفترة الأخيرة كان بوتن يهرول نحو مدينة الرقة بأقصى ما يستطيع من سرعة.

هو طبعا ليس متحمسا لإخراج داعش من هناك ولكن هدفه هو حشر الأميركان في زاوية.

هو يريد أن يأتي ببشار الأسد ويضعه في منطقة قريبة من الرقة، وبعد ذلك سوف يطالب الأميركان بالتنسيق معه وإشراكه في عملية تحرير الرقة على أساس أنه صاحب السيادة.

بوتن هو ليس حريصا على أراضي بشار الأسد وسيادته، ولكن هدفه الحقيقي هو إرغام الأميركيين على التعاون العسكري مع روسيا.

إذا حصل تعاون عسكري بين أميركا وروسيا في سورية فهذا سيكون مدخلا لرفع العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على روسيا.

الأميركان يفهمون ما يريده بوتن، وهم ما زالوا إلى الآن يرفضون تقديم ذلك التنازل، لأنهم يعتقدون أنه تنازل مجاني وغير مبرر (في مقالات سابقة شرحت هذه النقطة بتفصيل أكبر).

بوتن يعتقد الآن أنه حشر الأميركيين في زاوية: هو يضعهم أمام خيارين أحلاهما مر، إما أن يتعاونوا مع الروس في عملية تحرير الرقة، أو أن يلغوا عملية تحرير الرقة من أساسها.

الخيار الثاني سيبدو أشبه بهزيمة وهروب أميركي من سورية. بوتن هو ليس مهتما فعلا بالوصول إلى تلك النتيجة. هو ليس مهتما بهزيمة أميركا في سورية وطردها من هناك. هدفه الحقيقي هو التعاون مع أميركا.

ما الذي سيختاره الأميركان؟ دونالد ترمب قال أنه يريد التعاون مع روسيا ورفع العقوبات عنها، ولكن المناخ السياسي الحالي في أميركا لا يساعد ترمب على المضي في ذلك الخيار. لهذا السبب أنا لن أستغرب إن قرر الأميركان إلغاء عملية تحرير الرقة كونه أقل الضررين.

هم قد يتذرعون بموقف أردوغان: هم سيقولون أننا ألغينا تحرير الرقة استجابة لضغوط أردوغان. لو فعلوا ذلك فهم سيتجنبون مشكلة مع تركيا يسعى أردوغان لتصعيدها، وفي نفس الوقت هم سيدمرون صورة أردوغان لدى محبيه السوريين والعرب (صورة أردوغان تضررت بالفعل بسبب ما فعله في حلب، ولو تكرر نفس السيناريو مجددا في الرقة فهذا سيزيد من الضرر اللاحق بتلك الصورة).

الأميركان سيقولون أننا تركنا تحرير الرقة للروس. هذا يعني أن الروس سيتحملون مسؤولية هذه العملية الكبيرة والصعبة، ولكن لأجل ماذا؟ الروس تدخلوا في سورية لكي يتفاهموا مع الأميركان وليس لكي يستنزفوا أنفسهم في حرب عبثية.

نحن رأينا ما حصل سابقا في تدمر التي زعم الروس أنهم حرروها. نفس السيناريو قد يحصل مجددا في الرقة وغيرها. الروس هم الآن في ورطة وعملية الرقة قد تكون فرصتهم الأخيرة للخروج من المستنقع. إذا فشلوا في تحقيق هدفهم في الرقة فمن الوارد أنهم سيقررون الانسحاب من سورية. هذا قد يكون سبب استعجالهم الكبير للتوصل إلى صفقة سياسية بين عملاء أردوغان السوريين وبين بشار الأسد: هم يريدون حجة للانسحاب.

أنا لن أستغرب إن انسحب بوتن من سورية بشكل سريع جدا بعد الانسحاب الأميركي. بوتن هو موجود في سورية للتحرش بأميركا وليس لأي سبب آخر. إذا خرجت أميركا من سورية فلا توجد لبوتن مصلحة في البقاء يوما واحدا.

بعد ذلك سيكون حال سورية كحال الصومال. لا أحد سيجرؤ على التدخل مجددا في هذا البلد. بالنسبة لأردوغان فأغلب الظن أن الأميركان والروس سيطردونه ولن يسمحوا له باستغلال الفوضى في الدويلة السورية لضمها إلى سلطنته (ولكنهم قد يسمحون للإسرائيليين وطاغوت الأردن باحتلال منطقة في الجنوب بحجة درء الخطر الإيراني عن الجولان).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s