انفتاح تدريجي في المملكة السعودية… والمتشددون يثيرون قلاقل متوقعة

رأيت هذا على حساب مجتهد:

هذا تقرير رأيته في CNN عن نفس المعرض:

المعرض كان “متحررا” بالمقاييس السعودية للأسباب التالية:

  1. لم يقفل المعرض في أوقات الصلوات (ولكن المعرض احتوى على مسجد للصلاة حسب ما رأيت على تويتر).
  2. لم ترغم النساء على التحجب.
  3. كانت هناك محاضرات وعروض حضرها جمهور مختلط من الرجال والنساء.

هذه الأمور هي عادية في كل دول العالم الأخرى (بما في ذلك الدول الإسلامية)، ولكنها في المملكة السعودية علائم على “التحرر”.

المرأة المتحدثة في الشريط الذي بثه مجتهد وصفت المعرض بأنه كان “وكرا للدعارة”. حسب ما أعلم فإن اتهام الناس زورا بالدعارة هو أمر كبير في الشريعة الإسلامية. هو يسمى “القذف” وعقوبته في القرآن هي الجلد ثمانين جلدة. لو طبق حكم القرآن على هذه المرأة فهي يجب أن تجلد ثمانين جلدة إن عجزت عن إثبات حصول الدعارة في ذلك المعرض.

ميل المتشددين لقذف الناس هو أمر لاحظته كثيرا في الماضي. عندما كنت في جامعة حلب كنت أسمع طلابا يتهمون طالبات بالدعارة. سبب ذلك في الغالب هو أن الطالبات المتهمات كن غير محجبات. في مفهوم أولئك المتشددين فإن كون الطالبة غير محجبة هو مبرر لاتهامها بالدعارة.

لا أدري سبب التساهل في موضوع القذف. أكثر من يمارسون القذف هم من المتشددين الذين يطالبون بتطبيق أحكام القرآن حرفيا. طالما أنهم يريدون تطبيق أحكام القرآن حرفيا فلماذا لا يطبق عليهم حكم القذف المذكور في القرآن؟

هناك مسألة أخرى يجب أن تطبق عليهم وهي منعهم من السياحة في الخارج. هم يقولون أنهم ضد الاختلاط بين الذكور والإناث وضد نزع الحجاب، ولكنهم ينفقون أموالا طائلة على السياحة في البلاد التي يوجد فيها اختلاط ولا يوجد فيها حجاب. كيف يستقيم ذلك؟ من هو ضد الاختلاط وضد خلع الحجاب يجب أن يبقى في المملكة السعودية ولا يجوز أن يسافر للسياحة في الخارج.

هذا التشدد والتعصب والنفاق الديني هو موجود في كل العالم الإسلامي، ولكنه في مملكة آل سعود أشد من البلاد الأخرى. سبب ذلك هو المؤسسات الوهابية التي كانت تقليديا تتحكم بمعظم مناحي الحياة (التعليم، الإعلام، المساجد، إلخ). هذه مؤسسات ضخمة سواء من حيث عديد أفرادها أم من حيث مواردها المالية أم من حيث سلطاتها القانونية. “هيئة الأمر بالمعروف” هي مثال على تلك المؤسسات. المؤسسات الوهابية عملت بشكل منهجي على نشر ثقافة معادية للتغيير والانفتاح.

الدول الإسلامية الأخرى توجد فيها أيضا مؤسسات دينية محافظة، ولكن تلك المؤسسات هي ليست بقوة المؤسسات الوهابية التي تسيطر تقليديا على مملكة آل سعود.

آل سعود أنفسم هم تقليديا مؤسسة وهابية. آل سعود تقليديا هم وهابيون محافظون معادون للانفتاح والتغيير. هذا فرق مهم وجوهري يميز مملكة آل سعود عن البلاد الإسلامية الأخرى. معظم الدول الإسلامية هي محكومة بحكومات ذات مظهر عصري تشبه حكومات الدول الغربية. طبعا المظهر لا يعبر دائما عن الجوهر. مثلا الحكومة التونسية والحكومة التركية هما بالفعل حكومتان عصريتان إلى حد ما، ولكن الحكومات السورية مثلا هي حكومات عصرية بالمظهر دون الجوهر. الحكومات السورية كانت دائما حكومات دينية متخلفة لا تختلف في جوهرها عن آل سعود. في العهدين الانفصاليين الأول والثاني (قبل الوحدة مع مصر) كانت الحكومات السورية تمارس التمييز والاضطهاد الديني ضد العلويين والدروز (وضع المسيحيين كان أفضل لأن المسيحيين هم “أهل ذمة” بخلاف العلويين والدروز)، وفي العهد الانفصالي الثالث (بعد الوحدة بعد مصر) انقلبت الآية فصار هناك تمييز طائفي ضد السنة المحافظين (هذا التمييز تطور إلى أن وصل إلى عملية إبادة وتطهير عرقي شامل على يد بشار الأسد).

 آل سعود ما زالوا إلى الآن وهابيين محافظين، ولكن يبدو أن الملك الحالي هو مهتم بتحديث اقتصاد بلاده، وهذا هو الدافع الأساسي وراء التغييرات الجارية الآن في المملكة السعودية.

رأي واحد حول “انفتاح تدريجي في المملكة السعودية… والمتشددون يثيرون قلاقل متوقعة

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s