بوتن قصف مجددا قوات “درع الفرات” زاعما أن ذلك كان خطأ.
هذا الخطأ هو على الأغلب خطأ مقصود.
الاتصال الهاتفي بالأمس بين أردوغان وترمب أغضب بوتن، وبوتن لم يخف غضبه بل هو أخرج بيانا قال فيه أن التفاهم الروسي-التركي لا يتضمن تأسيس منطقة آمنة في شمال سورية.
من الواضح أن القصف الروسي للجنود الأتراك هو رسالة تشبيحية جديدة موجهة من بوتن لتركيا وأميركا. بوتن يريد أن يقول أن التفاهم التركي-الأميركي لا يكفي لتأسيس منطقة آمنة لأن روسيا هي موجودة وهي تستطيع أن تمارس القتل والتشبيح في المنطقة الآمنة المفترضة.
تقدم ميليشيات بشار الأسد نحو الباب يدخل في نفس الإطار. هذا التقدم هو تحرش روسي بتركيا وأميركا.
تركيا في المقابل ردت بتحريك مرتزقتها الذين يسمون بالجيش الحر (هذا الجيش الحر لا يتحرك إلا بالريموت كونترول من المخابرات التركية).
قصة التفاهم التركي-الروسي كما يصوره الأتراك هي عبارة عن أكذوبة وخدعة كبيرة. الدعاية التركية زعمت أن روسيا “تحولت من إيران نحو تركيا” وأن روسيا منحت تنازلات لتركيا على حساب إيران، ولكن الحقيقة هي أن الأتراك لم يأخذوا أي شيء من الروس والإيرانيين.
الرواية التركية زعمت أن الروس منحوا تركيا مدينة جرابلس (وربما مدينة الباب)، ولكن مدينتي جرابلس والباب لم تكونا أصلا مع الروس والإيرانيين. هاتان المدينتان كانتا ستذهبان للتحالف الدولي لولا التدخل التركي. تركيا استولت على هاتين المدينتين من التحالف الدولي وليس من الروس والإيرانيين كما زعمت الدعاية التركية الكاذبة.
في المقابل تركيا قدمت جوائز ضخمة للروس والإيرانيين تتضمن ما يلي:
-إخراج التحالف الدولي من محافظة حلب بأكملها.
-تمكين الروس والإيرانيين من تدمير مدينة حلب بالكامل.
-مؤتمر أستانة وما نتج عنه من تفكيك لجيش الفتح.
الروس أخذوا من أردوغان هذه المكاسب الضخمة وفي المقابل هم لم يمنحوه أي شيء. هو لم يأخذ مدينتي جرابلس والباب من الروس كما زعم ولكنه أخذ هاتين المدينتين من التحالف الدولي. والآن نحن نرى كيف أن الروس يشبحون عليه ويحاولون أن ينتزعوا منه المدينتين اللتين سرقهما من التحالف الدولي.
أردوغان يقول الآن أن الأميركان وافقوا على تغطية احتلاله لمدينتي جرابلس والباب. لو كان هذا صحيحا فهو يعني أن أميركا ستساهم في تأسيس منطقة آمنة هناك. بوتن يرى في ذلك فرصة جديدة للتحرش بالأميركان ومحاولة الضغط عليهم.
بوتن هو موجود في سورية لهدف وحيد هو التحرش بالأميركان. هو يريد أن يضغط على الأميركان لكي يرفعوا عنه العقوبات. بوتن كان قبل الأزمة الأوكرانية لا يهتم ببشار الأسد ولكنه بعد الأزمة الأوكرانية اكتشف أهمية بشار الأسد وصار يعمل جاهدا لتدعيمه. من الواضح أن بشار الأسد بالنسبة لبوتن هو مجرد ورقة للمقايضة.
ليس من المتوقع أن يقبل الأميركان بالصفقة التي يريدها بوتن (بشار الأسد مقابل القرم). ترمب قال أنه يريد رفع العقوبات عن روسيا، ولكن في أميركا توجد مقاومة شديدة لمثل هذا التوجه. النخبة السياسية الأميركية لا تريد تقديم تنازلات مجانية لبوتن.