حرب التحالف الدولي ضد داعش ستشتد في عهد ترمب… والتآمر التركي ضد هذه الحرب ينتهي بخيبة وخسارة مضاعفة

أحد الموضوعات التي تحدث عنها ترمب كثيرا في حملته الانتخابية هو موضوع محاربة داعش.

ترمب كان يثير هذا الموضوع بهدف المزايدة العنصرية على أوباما. اليمينيون العنصريون في أميركا يتهمون أوباما بالتهاون مع داعش (لأن أوباما هو مسلم من وجهة نظرهم). لهذا السبب كان ترمب يثير قضية داعش باستمرار وكان يتوعد بأنه سيقصف داعش بشدة وسيدمرها ونحو ذلك.

الحديث عن حرب داعش كان يمنح ترمب الفرصة لكي يظهر بمظهر الرجل القوي الذي سيحارب المسلمين وسيدمرهم. مثل هذا الحديث يعجب قاعدة ترمب الانتخابية.

ترمب كان يستخدم قضية داعش أيضا كمهرب من الحديث عن بعض القضايا الداخلية، ولعل أشهر مثال على ذلك هو كلامه عن حرب داعش في بداية المناظرة الانتخابية التي تلت فضيحة شريطه المسرب.

الآن انتهت الانتخابات، ولكن ترمب هو مضطر للإيفاء بوعوده التي قطعها أثناء حملته الانتخابية. سياسة ترمب بعد الانتخابات تبين أنه حريص على الإيفاء بوعوده الانتخابية أو معظمها (معارضوه يتهمونه منذ الآن بأنه ترك وعوده الانتخابية، وهو يريد دفع هذه التهمة عن نفسه).

كيف سيفي ترمب بوعوده المتعلقة بحرب داعش؟ هو لا يملك شيئا ليفعله سوى أن يطلب من البنتاغون تقديم مقترحات. البنتاغون لن يقترح على ترمب أية تغييرات جذرية للسياسة التي كانت قائمة في عهد أوباما، لأن تلك السياسة كانت أصلا من بنات أفكار البنتاغون.

حرب أوباما ضد داعش كانت ناجحة، بخلاف ما يقوله ترمب. تلك الحرب كانت مبنية على الدروس والعبر التي استخلصها الأميركان من تجربتي العراق وأفغانستان. أكثر شيء يهابه الأميركان هو أن يضطروا لإرسال قوات برية إلى سورية والعراق لمقاتلة داعش. سياسة أوباما جنبت الأميركان ذلك. الأميركان حاليا لا يقودون الحرب ضد داعش من الأمام وإنما “من الخلف”. من يخوض القتال المباشر مع داعش في سورية والعراق هي قوات محلية والدور الأميركي يقتصر على الإسناد.

لو نظرنا إلى سورية الآن فسنرى أن قسد تتقدم وتحقق نجاحات ضد داعش بدعم أميركي. هذا هو الوضع المثالي من وجهة نظر البنتاغون: قوات محلية تخوض القتال المباشر بدلا من الأميركان. ما هو السبب الذي سيجعل البنتاغون يفسد هذا الوضع المثالي ويتبنى سياسة أخرى خاطئة من وجهة نظر البنتاغون؟ لا يوجد سبب.

ليس من المتوقع أن يحصل تغيير في الاستراتيجية الأميركية المتعلقة بحرب داعش، وهذا هو ما كنا نقوله قبل الانتخابات الأميركية. في الصيف الماضي أنا كتبت أن أية إدارة أميركية قادمة لن تفعل شيئا سوى زيادة دعم قسد، لأن الأميركان لا يملكون خيارا آخر. أنا كتبت أن الأتراك يفهمون ذلك ولهذا السبب هم توعدوا بـ”إنهاء القضية السورية خلال ستة أشهر” و”تطبيع الوضع في سورية خلال ستة أشهر”. هم قصدوا بذلك الكلام أنهم سيقضون على المعارضة السورية وسيعيدون صناعة بشار الأسد قبل مجيء الإدارة الأميركية الجديدة. هدفهم هو نفخ الروح في بشار الأسد واستخدامه لإفشال الحرب ضد داعش.

الأتراك قطعوا شوطا بعيدا في تنفيذ مؤامرتهم. هم دمروا مدينة حلب ودمروا معارضة الائتلاف وتدخلوا عسكريا لمنع التحالف الدولي من الوصول إلى مدينة حلب، والآن هم يستعدون للذهاب إلى مؤتمر أستانة. ولكن كما كتبت سابقا: أفضل رد على مؤامرة الأتراك هو ما حصل في تدمر وفي دير الزور. ما حصل في هاتين المدينتين بين أن بشار الأسد ما زال في وضع ميؤوس منه رغم كل الدعم الذي حصل عليه من تركيا خلال الأشهر الستة الماضية. حتى بعد تدمير حلب وبعد “درع الفرات” وبعد كل ما فعله الأتراك ما زال بشار الأسد جثة هامدة لا تقوى على الصمود بوجه داعش، فأنى لهذا التافه أن يفشل حرب التحالف الدولي ضد داعش؟

الأتراك وضعوا بيضهم في سلة بشار الأسد على أمل أن يقوم بشار الأسد بإفشال حرب التحالف الدولي ضد داعش، ولكن الآن يتبين أن رهان الأتراك كان خاسرا تماما. خسارتهم في سورية كانت مضاعفة: هم دمروا أتباعهم من ثوار الائتلاف وفشلوا في إحباط الحرب ضد داعش.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s