قراء المدونة يذكرون أنني في الماضي كنت دائما ما أنتقد موقف معارضة الائتلاف الرافض للهدن في سورية وكنت أدين هذا الموقف وأعتبره نابعا من تآمر تركي.
معارضة الائتلاف كانت على الدوام ترفض مقترحات الهدنة رفضا قاطعا وصارما ونهائيا. في إعلامهم هم كانوا يقولون أن مقترحات الهدنة تهدف إلى “تقسيم سورية”. أنا شرحت في الماضي أن المستفيد الأول من تلك المواقف كان ذيل الكلب وإيران، لأن الهدن تجبر ذيل الكلب وإيران على وقف عمليات القصف والتدمير والتهجير.
دي مستورا حاول كثيرا أن يحقق هدنة في مدينة حلب تنقذ المدينة من مصيرها الأسود، ولكن معارضة الائتلاف كانت ترفض ذلك بشدة وكانت تزعم أن دي مستورا يهدف لجعل حلب عاصمة بدلا من دمشق. هم كانوا يقولون أن الهدنة يجب أن تبدأ من دمشق ولا يجوز أن تبدأ من حلب. هم ظلوا على ذلك الموقف حتى خرجوا نهائيا من مدينة حلب وتحولوا إلى مرتزقة يقاتلون لمصلحة الجيش التركي ضد الأكراد (مفاجأة أليست كذلك؟).
كل هذا الكلام هو الآن من التاريخ، ولكن ما يثير العجب هو الصفاقة والوقاحة لدى هؤلاء الناس. هم الآن يطبلون ويزمرون للهدنة التي عقدتها تركيا مع روسيا وإيران وهم يزعمون أن هذه الهدنة هي انتصار على إيران.
الهدنة التي كانت ستنقذ مدينة حلب كانت كارثة ومؤامرة، وأما الهدنة التي تحصل بعد ضياع حلب فهي فتح كبير وانتصار باهر على إيران. هذا هو ما يقولونه دون وجل أو خجل.
أنا سوف أفسر لكم موقفهم: الهدنة الآن هي مقبولة لأن وصول التحالف الدولي إلى مدينة حلب لم يعد مطروحا ولأن ثوار الائتلاف الذين كانوا في حلب سوف يحاربون مع الجيش التركي، وأما في السابق فالهدنة لم تكن مقبولة لأنها كانت تترك الباب مفتوحا أمام وصول التحالف الدولي إلى مدينة حلب وتحريرها.