قبل يومين كتب عبد الرحمن الراشد مقالا جاء فيه أن آل سعود هم منزعجون من مصر بسبب “مسائل ثنائية غير ثانوية”:

نعم، تمر على العلاقات هبة شتاء باردة، لكنها ليست حول قضايا سياسية إقليمية كبرى كما يروج […] الخلافات السعودية المصرية هي على مسائل ثنائية، ولا أقول ثانوية

هو يقول أن الخلاف ليس متعلقا بالقضية السورية ولا قضية اليمن ولا أية قضية إقليمية. سبب الخلاف هو “مسائل ثنائية غير ثانوية”، أي مسائل ثنائية مهمة.

ما الذي تفهمونه من هذا الكلام؟ عندما قرأته لم يخطر على بالي أي شيء سوى قضية جزر البحر الأحمر، لأن هذه المسألة هي المسألة الوحيدة التي يمكن أن يقال أنها مسألة ثنائية عالقة بين السعودية ومصر، وهي طبعا مسألة مهمة.

السيسي وافق على التنازل لآل سعود عن الجزر، ولكن القرار لم ينفذ عمليا، وقبل فترة حكمت محاكم مصرية ببطلانه. كلام الراشد يوحي بأن هذا هو سبب غضب آل سعود من مصر.

السيسي على ما يبدو فهم الرسالة، ولهذا هو أقر اليوم اتفاقية ترسيم الحدود وأحالها لمجلس النواب بعد تأخر دام ثمانية أشهر.

ملاحظة على الهامش: الكلام الذي ذكره الراشد حول العلاقات مع الحبشة هو صحيح تماما. من السخف البالغ أن يقال أن تقارب آل سعود مع الحبشة هو عمل عدائي موجه ضد مصر. هذا القول هو كمن يقولون أن التفاهم مع الأكراد هو عمل عدائي موجه ضد تركيا.

الحبشة هي دولة مهمة في منطقتها وهي دولة مجاورة لمملكة آل سعود. تقارب آل سعود مع الحبشة هو أمر متوقع ومنطقي، ولا يحق لأحد أن يمنع هذا التقارب بدعوى أنه يضر بمصر.

كل العرب يجب أن يتقاربوا مع الحبشة. هذه القضية هي في الحقيقة من الأمور التي تزعجني في سياسة الدول العربية. دول القرن الأفريقي (الحبشة وإريتريا والصومال) هي دول قريبة جدا من العالم العربي (سواء من الناحية الجغرافية أم الثقافية) ويجب أن تكون هناك علاقات خاصة ومميزة بينها وبين العرب. نفس الأمر ينطبق أيضا على دولة جنوب السودان التي نشأت حديثا.