أوباما يحاول أن “يحشر ترمب في صندوق” وأن ينقذ تراثه السياسي

أوباما أحدث اليوم تغييرا جذريا في سياسة أميركا تجاه إسرائيل عندما سمح بتمرير قرار في مجلس الأمن يدين الاستيطان الإسرائيلي.

ما يلي كلام قالته السفيرة الأميركية في جلسة تمرير القرار:

هي تتحدث عن الامتياز الإسرائيلي وكيف أن إسرائيل تعامل على نحو مختلف عن بقية الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. من الملفت أن السفيرة الأميركية تقول هذا الكلام علنا في جلسة مجلس الأمن. هذا طبعا شيء جديد.

ما هو سبب هذه السياسة الانقلابية من أوباما؟

هناك سببان على ما أظن. السبب الأول هو أن أوباما يحاول (كما يقال في الإنكليزية) “أن يحشر ترمب في صندوق”، والسبب الثاني هو أن أوباما يحاول أن ينقذ تراثه السياسي.

بما أن ولاية أوباما تقترب من نهايتها فالمفترض به ألا يتخذ قرارات كبيرة، خاصة إذا كانت هذه القرارات تتعارض مع نهج الإدارة القادمة. هذه هي الحكمة التي يرددها المعلقون الأميركان. ولكن أوباما هو غير ملتزم بهذه الحكمة بل يعمل بنقيضها. منذ انتخاب ترمب وحتى الآن هو صار يتبع نهجا حادا يختلف عن نهجه المعتاد. هو اتخذ عددا من القرارات القوية التي تتعارض بحدة مع سياسة ترمب المعلنة (سواء في ملفات البيئة، أم في ملفات الإنفاق الحكومي، أم في الملفات الخارجية).

سياسة أوباما الحالية يمكن أن تفسر على النحو التالي: ترمب يريد أن يتبنى سياسات انقلابية تتعارض مع السياسات التقليدية للولايات المتحدة. مثلا في الملف الفلسطيني ترمب قال أنه سيعترف بالقدس كعاصمة لإسرائيل، وهو عين سفيرا لدى إسرائيل يؤيد الاستيطان. بما أن ترمب يعتزم قلب السياسات الأميركية رأسا على عقب دون طرح أية مبررات عقلانية فيحق لأوباما أن يتخذ إجراءات قوية بهدف تثبيت السياسات الحالية وتصعيب مهمة تغييرها على ترمب. هذا هو ما يقصده المعلقون الأميركيون عندما يقولون أن أوباما يحاول أن يحشر ترمب في صندوق.

هناك مسألة أخرى هي مسألة شخصية تتعلق بأوباما ذاته. أوباما هو مهووس بتراثه السياسي وكيف سيتذكره الناس. هو يريد أن يتذكره التاريخ بسمعة جيدة. ولكن إسرائيل وآل سعود يلوثون سمعة أوباما عبر انتقاداتهم المستمرة لسياساته. لهذا السبب أوباما يتخذ في نهاية ولايته إجراءات تهدف إلى لفت الأنظار نحو السياسات السلبية لإسرائيل وآل سعود. هو يتبع معهم مبدأ “الهجوم هو خير وسيلة للدفاع”. هو يريد أن يلفت الأنظار إلى مثالبهم حتى لا يعير الناس أهمية كبيرة لانتقاداتهم له.

مثلا هو سمح بإقرار قانون JASTA حتى يلفت الأنظار إلى العلاقة بين آل سعود والإرهاب، وهو علق بعض مبيعات الأسلحة لآل سعود حتى يلفت الأنظار إلى ما يجري في اليمن، والآن هو سمح بتمرير قرار مجلس الأمن حول الاستيطان الإسرائيلي لكي يلفت الأنظار إلى تجاوازات إسرائيل في هذا المجال.

بالنسبة لتركيا فحدث ولا حرج. لا داعي للحديث عما فعله أوباما مع تركيا لأن سمعة تركيا هي سيئة جدا دون الحاجة لأوباما. الأوروبيون ينتقدون تركيا أكثر من أميركا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s