قسد تقترب من السيطرة على مدينة الطَّبْقة في محافظة الرقة.
في مدينة الطبقة يوجد سد كبير على نهر الفرات بناه الاتحاد السوفييتي في ستينات وسبعينات القرن العشرين. هذا السد هو فعليا المشروع التنموي الوحيد الذي حصل في شمال سورية وشرقها (منطقة المستعمرات) طوال عمر الدويلة الدمشقية البائدة.
الفضل في بناء هذا السد يعود إلى الحلبيين الذين سيطروا على حكومة دمشق بعد ثورة العام 1963. أنا شرحت في الماضي تاريخ هذه الحقبة ولكنني سأكرره الآن باختصار: الانقلاب الانفصالي الثالث في عام 1961 أثار غضبا كبيرا في مدينة حلب، ولهذا السبب فإن الحلبيين (ومعهم معظم السوريين) دعموا بقوة ثورة العام 1963 التي أسقطت النظام الانفصالي الثالث.
الحلبيون الذين دعموا الثورة ضد الانفصال الثالث كانوا عموما متمايزين إلى فريقين، فريق ناصري (هو الأهم) وفريق آخر بعثي (أقل أهمية). الفريق الناصري كان يريد إعادة الوحدة مع مصر بشكل فوري، والفريق البعثي كان يقول أنه يرغب في إعادة الوحدة ولكنه لم يعدها.
البعثيون تغلبوا على الناصريين لأن البعثيين كانوا يحظون بتأييد سكان الريف (بمن فيهم العلويون والدروز). الناصريون كانوا من سكان المدن ولم يكونوا يحظون بتأييد كبير في الجيش.
العمل الوحدوي الوحيد الذي قام به البعثيون هو أنهم أعادوا علم الوحدة وألغوا علم الانفصال (الذي يسمى الآن بعلم الثورة). علم الانفصال في ذلك الزمن كان مكروها في معظم سورية ولكن أكثر من كان يكرهه هم الحلبيون.
البعثيون نصبوا رئيسا حلبيا هو أمين الحافظ. في عهد هذا الرئيس وقعت معاهدة مع الاتحاد السوفييتي لبناء سد الطبقة في عام 1965. أعمال البناء بدأت في عام 1968 واكتملت في عام 1972 (في بداية عهد الطاغية الراحل حافظ الأسد).
فكرة بناء سد على نهر الفرات طرحت لأول مرة في زمن الانتداب الفرنسي. في ذلك الزمن كان أصحاب الأموال في مدينة حلب يهتمون باستصلاح الأراضي الزراعية قرب نهر الفرات، وأنا قرأت ذات مرة أن هذا الاستثمار الزراعي الذي قام به الحلبيون آنذاك كان من أهم مسببات النمو الاقتصادي في سورية خلال حقبة الانتداب الفرنسي. فكرة بناء السد ظلت مجرد فكرة ولم تجد طريقها إلى الواقع إلا بعد سقوط النظام الانفصالي الثاني في عام 1954. النظام الذي قام بعد سقوط النظام الانفصالي الثاني وقع اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي في عام 1957 لبناء سد الفرات، ولكن هذه الاتفاقية لم تنفذ واستبدلت لاحقا باتفاقية العام 1965.
بعد بناء سد الطبقة قام الاتحاد السوفييتي ببناء سدود أخرى على نهر الفرات، ولكن تلك السدود كانت مشاريع تكميلية للمشروع الأول. كل السدود التي بنيت على الفرات في عهد حافظ الأسد هي مجرد استكمال للمشروع الأساسي الذي بدأ في عام 1965.
هذا المشروع له أهمية رمزية تفوق أهميته الاقتصادية: هو المشروع التنموي الوحيد الذي حصل في شمال سورية وشرقها طوال حقبة الدويلة الانفصالية الساقطة.
بالنسبة لي فإن سيطرة قسد على الطبقة لها أهمية رمزية تفوق الأهمية الاقتصادية، ولكن الأهمية الاقتصادية هي موجودة ولا ينبغي إغفالها. سيطرة قسد على الطبقة تعني أنها ستستكمل السيطرة على سدود الفرات. سيطرة قسد على سدود الفرات تعني أن قسد ستتحكم بمشاريع الري في كل حوض الفرات.
في الماضي دعوت لسن قانون يتعلق بمياه الفرات، وأنا أكرر الدعوة مجددا: أنا أطالب بوضع بند في الدستور المستقبلي ينص على عدم جواز سحب مياه الفرات إلى دمشق أو غيرها من المناطق البعيدة جدا عن النهر. مشروع جر مياه الفرات إلى دمشق هو مشروع استعماري محض وليس له علاقة بالتنمية. من يريد التنمية يجب أن يستثمر مياه الفرات في المناطق التي يمر فيها الفرات، وأما من يتجاهل تلك المناطق ويسعى لجر مياه الفرات إلى حسياء ودمشق فهو لا يقوم بالتنمية ولكنه يسرق الموارد الطبيعية.
مشروع سرقة مياه الفرات وأخذها إلى دمشق هو مشروع حقيقي موجود فعلا في مخططات حكومة دمشق. ذيل الكلب نفذ قسما كبيرا من هذا المشروع قبل الثورة. أظن أنهم سحبوا مياه الفرات حتى تدمر، وربما تكون المياه وصلت الآن إلى حسياء شمال دمشق. هدفهم النهائي هو إيصال المياه إلى دمشق.
المفارقة لا تنحصر في سرقتهم للمياه ولكنهم كانوا يخططون لأخذ كلفة السرقة من جيوب الحلبيين. ضخ المياه من الفرات إلى دمشق يكلف الكثير من المال، وحكومة دمشق توزع الكلفة على كل المحافظات. محافظة حلب كانت تدفع القسط الأكبر من الأموال التي تنفق على دمشق. بناء على مخططهم فإن الحلبيين كانوا سيدفعون القسط الأكبر من كلفة سرقة مياه الفرات ونقلها إلى دمشق.
بعيدا عن الدعاية والتضليل الإعلامي: أنا أعتقد أن سيطرة قسد على مدينة الطبقة هي حدث أهم من سيطرة ذيل الكلب على أطلال حلب. نهر الفرات كان من أهم الموارد الطبيعية في الدويلة الساقطة، وهذا النهر بات تقريبا تحت سيطرة قسد. مدينة حلب كانت مصدرا مهما لجباية الأموال قبل الثورة، ولكن ذيل الكلب دمر المدينة وهجر سكانها وليس من الوارد عقلا أنه سيتمكن الآن من جباية أموال مهمة منها.
أنا أطالب بفرض حصار اقتصادي خانق على مدينة حلب المدمرة حتى لا يتمكن ذيل الكلب من جباية قرش واحد منها، ولكن حتى لو لم يفرض الحصار فإن ذيل الكلب لن يجبي أموالا مهمة من المدينة بعدما نكبها وهجر معظم سكانها.
نتمنى المزيد من الانتصارات المزعومه، اعتقد النصر المزعوم القادم سوف يكون في ادلب
حتى أنت يا هاني تم شراؤك بالمال الخليجي.. تف على أصلك يا رخيص.. 🙅
أنا أستغرب منطقكم يا أخي. ذيل الكلب وإيران دمروا بلادنا وشردوا شعبنا وفعلوا فينا أكثر مما فعلته إسرائيل بالعرب طوال تاريخها، ورغم ذلك تريدون منا أن نؤيد ذيل الكلب وإيران وإلا فإننا عملاء للمال الخليجي وغيره. هذا منطق عجيب.